وأنا متوجّه للصّلاة صادفتُ شابًا على محيّاه الحيرة والتردّد، فسبقتُه بالسّلام وبادرته بالسّؤال: لعلّك تريد شيئا...؟ فسرّني على استحياء أنّه قرّر التّوبة والإقبال على الله بصفحة جديدة. ولكن يخشى نظرة النّاس إليه وهو يدخل مكانا غير متعوّد عليه...، ثمّ قال: ”نخاف من صحاب الجامع”.. فقلتُ له: بني، إنّ إدراك شهر رمضان من أعظم أسباب مغفرة الذّنوب، عن أبي هريرة، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم صعد المنبر، فقال: آمين آمين آمين، قيل: يا رسول الله، إنّك حين صعدتَ المنبر قلتَ: آمين آمين آمين، قال: إن جبريل أتاني، فقال: مَن أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النّار فأبعدَه الله، قل: آمين، فقلتُ: آمين، ومَن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرّهما، فمات فدخل النّار فأبعده الله، قل: آمين، فقلتُ: آمين، ومَن ذُكِرتُ عنده فلم يُصَلّ عليك فمات فدخل النّار فأبعده الله، قل: آمين، فقلتُ: آمين. ومن عجيب ما جاء في فضل الصّيام، عن أبي أمامة، قال: أنشأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشًا، فأتيتُه، فقلتُ: يا رسول الله، ادْعُ الله لي بالشّهادة. قال: ”اللّهمّ سلّمهم وغنّمهم”. فغزونا، فسلّمنا وغنمنا، حتّى ذكر ذلك ثلاث مرّات. قال: ثمّ أتيته، فقلتُ: يا رسول الله، إنّي أتيتُك تترى ثلاث مرّات، أسألك أن تدعو لي بالشّهادة، فقلت: ”اللّهمّ سلّمهم وغنّمهم”، فسلمنا وغنمنا يا رسول الله، فمُرني بعمل أدخل به الجنّة، فقال: ”عليك بالصّوم، فإنّه لا مثل له”. قال: فكان أبو أمامة لا يُرى في بيته الدخان نهارًا إلاّ إذا نزل بهم ضيف، فإذا رأوا الدخان نهارًا، عرفوا أنه قد اعتراهم ضيف.