لم تجد تعليمة وزارة التجارة الموجهة لوكلاء السيارات المعتمدين، الخاصة بمنع تحيين أسعار السيارات، طريقا لها للتطبيق الميداني، من منطلق أنّ الاستجابة لها ستدفع هاته الوكالات إلى تكبّد خسائر مالية كبيرة تتراوح ما بين 15 و20 في المائة، تبعا لفارق السعر عند وضع الطلبية وثمن السيارات الجديدة حاليا. على خلفية هذه الوضعية، لجأ العديد من الوكلاء المعتمدين لتسويق وتوزيع السيارات في الجزائر إلى إلغاء الطلبيات القديمة، وأرسلت بناء على ذلك محاضر قضائية للزبائن المعنيين لتبلّغهم على أساسها بضرورة الحضور لتسلّم المبالغ المسددة، والتي تمثل الأشطر الأولى من ثمن السيارة أو المبلغ الكامل، حسب كل ملف والوكيل. وتتعلل الوكالات المعتمدة المعنية بعدم وجود سيارات كافية لتغطية جميع الطلبيات المودعة على مستواها. فيما يفرض الوضع القائم أن يكون “الضحية” الأولى هم الزبائن، باعتبارهم المطالبين بتحمّل تبعات التدابير المتخذة من قبل السلطات العمومية، خلال مساعيها لتنظيم مهنة وكلاء السيارات ومحاولاتها لضبط التجارة الخارجية وتقليص حجم وتكليف فاتورة الواردات الوطنية، على خليفة أزمة شح المداخيل. وفي سياق هذا التوجه، يضطر الزبون صاحب سند طلبية السيارة من الوكيل، لاسترجاع ماله (ثمن السيارة) بعد انتظار عدة أشهر من دون الحصول على السيارة. وفي هذا الشأن، أكد رئيس جمعية حماية المستهلك وإرشاده، مصطفى زبدي، على أنّ آلاف الزبائن معنيون بهذا الأمر، من منطلق أنهم أودعوا سندات الطلبية في سنة 2015، وفرضت الظروف الاقتصادية والإجرائية عدم تسلمهم سياراتهم. وقال إنّ بعض الوكالات “تلجأ إلى إلغاء العقود مع الزبائن قصد التهرب من تطبيق التعليمة الصادرة عن وزارة التجارة بخصوص منع تحيين أسعار السيارات”. وأضاف بأنّ نفس السيارات تباع لزبائن جدد بالأسعار الجديدة لتفادي الخسارة. وذكر زبدي، في تصريح ل”الخبر”، بأنّ جمعية حماية المستهلك راسلت وزارة التجارة في هذا الشأن “ونحن الآن في انتظار أخذها القضية بعين الاعتبار”. مضيفا أنّها (الجمعية) تقوم حاليا بدور رجال المطافئ، في إشارة إلى العمل على تهدئة الزبائن المعنيين من أجل حل المسألة بالطرق الودية ضمن ما ينص عليه القانون. ومن الجهة المقابلة، أكدت مصادر من الجمعية الجزائرية لوكلاء السيارات، على أنه من غير المنطقي التعامل بنفس الأسعار المطبقة قبل أشهر أو سنة، حيث تصل تواريخ بعض سندات الطلبية إلى سنة 2015. وأكدت نفس المصادر، التي تحفظت عن ذكر أسمائها، بأنّ تحميل الوكالات مسؤولية الإجراءات الحكومية التي أدت إلى حجز السيارات المستوردة في ميناءي جن جن وأرزيو لأشهر، تبعته التدابير الرامية إلى تحديد وتقليص حصة كل وكيل. وأوضحت أنه خلال هذه الفترة عرفت الأوضاع الاقتصادية الوطنية والعالمية كذلك العديد من التطورات، تفرض أخذها بعين الاعتبار، كما هو الشأن بالنسبة لتراجع واضح في قيمة العملة الوطنية مقابل أهم العملات التي تسعّر على أساسها معاملات التجارة الخارجية. ومن ثمة، فإنّ إجبار هؤلاء المتعاملين (الوكلاء المعتمدين) على تحمّل فارق السعر بالحفاظ على نفس الثمن يعرّضهم لخسائر فادحة، تضاف إلى تلك التي يتعرضون لها نتيجة تقلص حصة المبيعات جراء فرض “كوطة” الاستيراد.