إعداد: أمينة فيطس تمادى بعض وكلاء بيع السيارات كثيرا في ممارسة نشاطهم، لدرجة أنهم صاروا يبحثون عن الربح السريع فقط غير مبالين بسلامة وأمن الزبائن. وفي هذا الإطار سجلت الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين 22 مخالفة في حق الزبائن، في حين اعترف مسؤول بوزارة التجارة بعجز الدولة عن مراقبة المركبات المسوقة بالجزائر لعدم توفر مخبر وطني للتجارب، وبالتالي المراقبة تكون إدارية فقط وليست تقنية. ففي ظل استمرار التحايل على الزبائن وعدم احترام القانون المتعلق بنشاط بيع واستيراد المركبات الجديدة من قبل وكلاء البيع أو البائعين المعتمدين، فضلا عن تأخرهم وتماطلهم في تسليم السيارات لأصحابها في الوقت المحدد، زيادة على أمور أخرى يتفنن في ابتكارها بعض هؤلاء التجار، الأمر الذي خلق تذمرا واستياء كبيرين وسط الزبائن الذين وجدوا أنفسهم ضائعين في ظل عدم وجود أي جهة لإنصافهم. ورغم الشكاوى المتعددة عبر صفحات الجرائد لم تحرك أي جهة ساكنا لإنصاف المواطنين ووضع حد لبعض وكلاء السيارات، مما يدفعنا إلى طرح تساؤل من وراء هذه المهزلة، ولماذا تستمر هذه المهزلة؟ * إجراءات غير قانونية للتحايل على الزبون… خلال جولة قادتنا إلى مختلف معارض وكلاء السيارات لمسنا استمرار معاناة المواطنين معهم بسبب تأخر التسليم الذي طرح منذ أكثر من 3 سنوات دون أن تجد له الدولة حلا. فالشكاوى بسبب التأخر الفادح في تسليم المركبة بعد انتهاء المهلة المحددة لذلك والتي يكون قد اتفق عليها الطرفان بعد دفع نسبة 10 بالمائة من قيمة السيارة، وجدنا أن هذه التأخيرات قد تصل مدتها في بعض الأحيان إلى ما يفوق السنة، وهذا ما لاحظناه ونحن نجوب أحد المحلات التي تروج “لماركات” عالمية للسيارات والتي لها صدى كبير في السوق، لكن الأمر الذي فاجأنا هو الحجج غير الثابتة التي يختفي وراءها الأعوان التجاريون بهذا المحل إذ تجدهم يقدمون وعودا كاذبة تبدو غير منطقية لبعض الزبائن الذين لديهم وعي في هذا المجال، فيما يتقبل آخرون هذه التصرفات لجهلهم الخطوات الصحيحة التي يقومون بها تجاه هذه السلوكات، بحيث يرفض ممثلو هذه المحلات تطبيق القانون في حالة عدم موافقة الزبون على الانتظار لمدة زمنية إضافية أخرى يحددها ممثل هذه الشركة، فيقومون بإجباره على الانتظار أو خصم نسبة معينة من القيمة المالية التي دفعها مسبقا. وتعمل إحدى الوكالات على خصم نسبة 2 بالمائة من القيمة المالية المدفوعة في حالة عدم اتفاق الزبون مع الوكيل المعتمد لبيع السيارات أو موزعها أو معيد البيع بالرغم من أن هذه الطريقة يتم اللجوء إليها في حالة امتناع الزبون عن الشراء دون حدوث أي مشاكل أو عراقيل تذكر، حسب ما تنص عليه الاتفاقية المبرمة ما بين الزبون وممثل هذه الشركة والتي اطلعنا عليها، إلا أن هذا الفصل بات يطبق على جميع الحالات بالنسبة لهذا المحل الذي تفقدناه. والأمر غير القانوني كذلك الذي بات شائعا هذه الأيام، هو قيام بعض وكلاء السيارات بمنح السيارة للزبون دون البطاقة الصفراء التي تصدر عن ولاية الجزائر، وذلك ل”التصريح بالسير” وهو أمر غير قانوني يعرض الزبون إلى حجز مركبته بالحظيرة وأمور قانونية أخرى هو في غنى عنها. ويفرض القانون التجاري على هذه الفئة من التجار شروطًا طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 07 390 لاسيما الفصل الرابع بحيث تنص المادة 20 من المرسوم على أنه يجب على الوكيل الالتزام ببنود دفتر الشروط المعد من مصالح الوزارة المكلفة بالصناعة، أما المادة 21 فتقضي بأن يكون عقد البيع الذي يربط الوكيل بالزبون مطابقًا لأحكام هذا المرسوم ولدفتر الشروط وكذا القواعد والشروط المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما، أما المادة 22 فتنص على أن يكون سعر البيع المبين في سند الطلبية الخاص بالسيارة ثابتا وغير قابل للتعديل والتحيين عند الزيادة خلال مدة صلاحية الطلبية، ويجب أن يحرر السعر باحتساب كل الرسوم ويحتوي عند الاقتضاء على التخفيضات والاقتطاعات والانتفاضات الممنوحة. كما تقتضي المادة 27 أن على الوكيل عند تسليم السيارة أن يراعي بدقة المواصفات التقنية والاختيارات الخاصة بالسيارة موضوع الطلبية والتي يجب أن تكون مزودة بكمية من الوقود تسمح لها بالسير لمسافة 50 كيلومترًا على الأقل، كما يجب تسليم السيارة بمجمل المفاتيح ومثلث التحذير هذا الأخير الذي نجده غائبا تمامًا عن المركبات كما يلزم الوكيل بتسليم السيارة المطلوبة على حسابه بواسطة وسائل النقل الملائمة التي تضمن تسلمها من الزبون في حالة جيدة ونظيفة، أما المادة 29 من المرسوم ذاته فتنص على أنه يجب على الوكيل أن يمتنع عن كل أشكال الإشهار التي من شأنها تشجيع التصرفات الخطيرة وذلك لضمان أمن مستعملي الطرقات، كما يمكنه حسب المادة أن يبادر بكل عمل مفيد يتعلق بأمن الطرقات لصالح الزبائن بغرض التحسيس والوقاية، أما المادة 30 من المرسوم فتفضي إلى أنه على الوكيل أن يوفر للزبون الضمان القانوني. * أزمة في قطع الغيار.. وأكبر وكيل يتعامل مع تجار “الكابة” أغلب وكلاء السيارات يعانون من عجز كبير في خدمة ما بعد البيع وتوفير قطع الغيار اللازمة للزبون، إذ يضطر الزبون أحيانا للانتظار شهرين إلى ثلاثة أشهر ليحصل على القطعة التي يريدها وذلك بعد تقديم الطلبية ودفع ثمنها. وقد تفاجأنا ونحن نجري تحقيقنا بأن أكبر وكيل للسيارات بالجزائر والذي يسوق أفخم وأشهر العلامات العالمية يجلب قطع الغيار عن طريق “تجار الكابة”، في حين يبقى الزبون يتخبط مدة الخمسة أشهر في انتظار أن تصله قطعة الغيار، مع أنه في حالة توقف السيارة لمدة تفوق 15 يومًا فإن الوكيل ملزم بأن يضع تحت تصرف الزبون سيارة بديلة. وما تجدر الإشارة إليه أن المرسوم التنفيذي رقم 07 390 يفرض أيضًا شروطًا على كيفيات نشاط الوكيل، إذ تفرض عليه المادة 15 أن يحتوي محله على منشأة ملائمة للتخزين وخدمة ما بعد البيع تساوي مساحتها الإجمالية أو تفوق 5 آلاف متر مربع، كما يجب أن تزود المنشآت بوسائل الأمن وحماية السيارات وتكون مغطاة عند الاقتضاء، كما يجب أن يتوفر لدى الوكيل مستخدمون لهم المؤهلات المطلوبة أو خبرة مهنية كافية في المجال. وفي ظل استمرار هذه السلوكات والتصرفات غير القانونية التي يعتمدها بعض وكلاء بيع السيارات الجديدة وموزعيها ومعيدي البيع، تبقى السوق الموازية واللجوء إلى السماسرة هي الحل الأنجع بالنسبة لبعض الزبائن الذين يواجهون متاعب مختلفة لدى رغبتهم في الحصول على مركبة. 22 مخالفة للوكلاء تحصيها جمعية حماية المستهلك اقترح رئيس الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين، مصطفى زبدي، في تصريح ل”البلاد”، تعديل المرسوم التنفيذي الخاص بنشاط تسويق السيارات الجديدة، على اعتبار أن المرسوم التنفيذي رقم 07-390 المحدد شروط وكيفيات ممارسة نشاط تسويق السيارات الجديدة، وبشكله الحالي، أصبح لا يفي بالغرض المرجو منه، لحماية مقتني السيارات الجديدة، كما أن واقعه وتطبيقه أمران مختلفان، مضيفا أن الجمعية تتلقى يوميا شكاوى متعلقة بالخرق الصارخ لمضمون القانون، وأن الخروقات والتجاوزات التي يقوم بها بعض وكلاء السيارات تجاوزت 22 نوعا من المخالفات، منها تجاوز مدة التسليم والإشعار الكاذب، موضحا أنهم أخطروا جمعية وكلاء السيارات بهذه الخروقات كما أخطروا وزارة التجارة، واقترحوا مسودة تعديل بعض مواد المرسوم الذي قال إنهم يرون أنه لا يحفظ حق المستهلك تماما. وقال زبدي إن جمعية حماية المستهلك أعدت دراسة ميدانية حول تسويق السيارات الجديدة، في إطار إرشاد وتوعية المستهلك بحقوقه في اقتناء سيارة جديدة. وهي الدراسة التي توصلت من خلالها إلى وجود تجاوزات وخروقات فاضحة من طرف بعض الوكلاء المعتمدين، والتي تعدت 22 مخالفة، انعكست سلبا على المواطن الجزائري، وخلفت أضرارا مادية ومعنوية هامة لدى المستهلكين المعنيين. وفي هذا الإطار، أفاد الناطق الرسمي باسم الفيدرالية الوطنية لحماية المستهلك ل”البلاد”، أن الدراسة التي عكفت الفيدرالية على إعدادها جاءت كضرورة حتمية استجابة للكم الهائل للشكاوى التي رفعها المستهلكون في الصالون الدولي للسيارات الجديدة التي احتضنته الجزائر شهر مارس من السنة الماضية، فضلا عن الشكاوى التي ترد إلى مصالحهم عبر الهاتف أو الموقع الإلكتروني تنديدا بهذه التجاوزات. وكشف محدثنا، أن الهدف من وراء هذه الدراسة هو تجسيد العمل الجواري التحسيسي وخلق وساطات سلمية بين وكلاء السيارات والمتضررين، من خلال إخطار السلطات العمومية بهذه التجاوزات المتكررة ومتابعة حلها، وتعديل عدد من المواد الصادرة في المرسوم التنفيذي الصادر أعلاه منها المادة 24، التي يجب أن يكون فيها التسليم حسب الدراسة في الوقت الحقيقي المحدد في سند الطلبية المتفق عليه، إلى جانب المادة 25 التي دعت الفيدرالية إلى تعديلها في شقها المتعلق باحترام شروط الطلبية، إذ اقترحت أن يلزم الوكيل في حالة عدم احترامه شروط الطلبية أو أجل التسليم، بتعويض مادي يومي، على أساس ثمن كراء سيارة من النوع نفسه. * سوق السيارات… فوضى كبيرة أكد المتحدث أن واقع سوق السيارات الجديدةبالجزائر يدل على أنها تسير بطريقة فوضوية خاصة من ناحية إصدار تقارير الخبرة وشهادة المطابقة والمعايير التي تتكفل بها مديرية المناجم بالعاصمة، موضحا أن الخروقات التجارية من حيث التعامل مع الزبون وعدم تطبيق الآجال وعدم وجود أي ضمان فيما يخص وفرة قطع الغيار. أما فيما يخص نوعية المركبات وكيفية إصدار تقرير الخبرة التي تقوم بها، فنتساءل يقول على أي أساس ترتكز على هذا خاصة أننا لا نملك مخابر خاصة، ومع ذلك يضيف هذا لا يمنع المصالح المعنية من بذل مجهود في هذا الإطار لتحقيق السلامة المرورية للسائقين. * مهندس المناجم يراقب السيارات بالعين المجردة… ودعت الفيدرالية إلى أن يكون دفع المبلغ الإجمالي للسيارة أو ما تبقى منه في حالة دفع التسبيق عند تسلم السيارة، مع إلزام الوكيل عند كل مراقبة أو صيانة أو إصلاح الأعطاب أو تغيير قطع الغيار، تدوين كل ذلك في كتاب الصيانة، كما تقترح الفيدرالية أن تضاف كل فترة معينة تتعدى 7 أيام، للحصول على موعد الصيانة أو خلال مرحلة الصيانة إلى مدة الضمان، وقد جاءت المادة 30 في قائمة المواد التي طالبت الفيدرالية بتعديلها، حيث أكدت أنه في حالة توقف السيارة لمدة تفوق 7 أيام، فإن الوكيل ملزم بأن يضع تحت تصرف الزبون سيارة بديلة أو أن يعوضه ماديا على أساس ثمن كراء سيارة من النوع نفسه، مع إخضاع الموزع المعتمد ومعيد البيع المعتمد للسيارات الجديدة للمتابعات القضائية نفسه التي يخضع لها الوكيل من الزبون بصفته ممثل المعتمد في تلك المنطقة. وأضاف محدثنا أنه تقدم بطلب لمرافقة مهندس المناجم في عمله أثناء مراقبته للمركبات المسوقة بالسوق الجزائرية بعد أن راودته شكوك في مواصفات الأمان الخاصة بالسيارات النفعية، لتتفاجأ بأنه يكتفي بالمراقبة بالعين المجردة دون أن يستعمل جهازا واحدا، الأمر الذي استغربته الجمعية كثيرا ووصفته بالخطير و”العار”، موضحا أن تركيز المهندس ينحصر في مراقبة حزام الأمان والفرملة فقط لا غير، مع أن دفتر الشروط يقضي بتوفر معايير أخرى متعلقة بالأمن والسلامة، وهو ما لم تتقيد به. كما استغرب محدثنا عدم تطبيق تعليمة الوزير الأول عبد المالك سلال التي تقضي بضرورة أن تتوفر المركبات التي تدخل السوق الجزائرية على جهاز مانع الانغلاق ومساعد الفرملة والوسائد الهوائية للسائق والشخص الجالس أمامه، مشيرا إلى أنهم سيشاركون هذه السنة في الصالون الدولي للسيارات المزمع تنظيمه يوم 19 مارس الجاري للمطالبة بضرورة الالتزام بواجباتهم تجاه الزبائن، مؤكدا أنهم لن يتهاونوا في التشهير بالعلامات التي لا تحترم معايير السلامة والمستهلك، قائلا إنهم طلبوا من جمعية متعاملي وكلاء السيارات أن تتعاون معهم إلا أنهم لم يتلقوا أي رد إلى يومنا هذا. * وزارة التجارة عاجزة… وتبقى وزارة التجارة عاجزة عن مراقبة المركبات التي تدخل التراب الوطني صناعيا، بسبب عدم وجود مخبر للمراقبة الصناعية. وفي هذا الإطار يقول المكلف بالإعلام على مستوى وزارة التجارة فاروق طيفور إن القطاع لا يراقب السيارات من ناحية التصنيع لأنه لا يوجد مخبر خاص بهذا في الجزائر، مشيرا إلى أنه تم التفكير في هذا الأمر وحاليا يجري إنجاز مخبر بالمعالمة في زرالدة وهو مخبر وطني للتجارب خاص بمراقبة تصنيع المركبات، قال محدثنا إنه سيتم استلامه قريبا لأن الأشغال به بلغت 90 بالمائة، ومن شأنه أن يساهم في مراقبة كل المنتجات الصناعية التي تدخل التراب الوطني. أما من الناحية القانونية فقال طيفور إنه تم اقتراح تعديل قانون تسويق المركبات وطريقة عرضها، وهو ما سيتم اقتراحه قريبا على الحكومة. من جانب آخر كشفت مصادر مطلعة ل”البلاد” أنه سيتم قريبا إصدار تعليمة لوضع حد للأشخاص الذين يقتنون سيارات من الوكلاء لإعادة بيعها بالسوق بثمن أكثر من قيمتها الحقيقية، إذ سيمنع بيع سيارة قبل انقضاء سبعة أشهر على اقتنائها.