سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"المرسوم سيلهب الأسعار.. ولن يجد الجزائريون سيارة تقل عن 100 مليون سنتيم في 2016" رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي يكشف في حوار ل"الفجر" تداعيات المرسوم الجديد المنظم لسوق السيارات
أسدل أمس الأول الصالون الدولي للسيارات في طبعته ال 18 ستاره مسجلا ككل سنة، كما من النقائص، المخالفات والخروقات المرتكبة من قبل وكلاء السيارات المشاركين، غير أن هذه الطبعة التي وصفت ب”أغلى صالون منذ نشأته” جعلته متميزا نظرا لارتفاع سعر المركبات في بلادنا هذا العام، وتراجع المبيعات طيلة السنة، ما جعل الوكلاء يتفننون في الألاعيب لاقتناص الزبائن في الصالون، موقنين بأن المعرض ”فرصة العمر” لتحقيق عائدات تعوّض التراجع والفتور المسجل طيلة العام. لكن جمعية حماية المستهلك وإرشاده لولاية الجزائر ”أبوس”، التي تشارك للمرة الرابعة في هذه التظاهرة، كانت طيلة الصالون بالمرصاد لهؤلاء الوكلاء لفضح تحايلهم وحماية الزبون من ممارسات قد تهدر حقه وتتسبب له بالضرر. وبالموازاة مع صدور المرسوم التنفيذي الجديد ودفتر الشروط المنظم والمؤطر لسوق السيارات في الجزائر، حاورنا رئيس جمعية ”أبوس” مصطفى زبدي على هامش الصالون بقصر المعارض ”سافيكس” بالعاصمة، حيث استقبلنا على مستوى جناح الجمعية بحفاوة معهودة، للحديث عن مدى احترام الوكلاء للقانون الجزائري وتوقعاته بمستقبل سوق السيارات في بلادنا مع صدور هذين التنظيمين الجديدين. لقد شاركتم في طبعة 2015 من صالون السيارات بجناح استراتيجي وبفعالية جد ملموسة، وقد لاحظنا تهاطل المواطنين على جناحكم للاستفسار والاستعلام، ما الذي ميز مشاركتكم هذا العام؟ زبدي: صحيح، يمكن القول أن جناح ”أبوس” لم يخل أبدا من الزوار، الأمر الذي يشجعنا لنمضي قدما في مسعى حماية المستهلكين وإرشادهم، فموقع الجناح الاستراتيجي ساعدنا كثيرا، خاصة أن السنة الماضية عانينا من تهميش الجناح ومضايقات من بعض الوكلاء نتيجة فضحنا لألاعيبهم، لكن هذا العام بذلنا قصارى جهدنا لنكون في موقع هام بالجناح المركزي لنمارس مهمتنا بكل أريحية، وقد كان شعار الجمعية طيلة فترة الصالون هو ”اشتر سيارة ب 0 بالمائة مجازفة”، وذلك نظرا للشكاوى والإخطارات التي تتهاطل على مكتب الجمعية نتيجة تلاعب وتحايل الوكلاء مع كل طبعة من صالون السيارات، والتي فاقت 4500 شكوى في سنة 2014، إذ تلتزم الجمعية بمرافقة الزبون وتوجيهه، حيث كان حرصنا منصبا على تسويق مركبات جديدة تحترم القانون الجزائري. في كل طبعة من صالون السيارات تحرصون على التواجد والمشاركة قصد توعية المستهلكين وإرشادهم، وتلقي الشكاوى والإخطارات حول تجاوزات وتلاعبات وكلاء السيارات المشاركين، ما هي طبيعة المخالفات التي سجلتموها في هذه الطبعة بالمقارنة مع تلك المسجلة خلال الطبعات الماضية بناء على إخطارات الزبائن التي تلقيتموها؟ زبدي: في الحقيقة سجلنا في طبعة 2015 من صالون السيارات مخالفات أقل من تلك المسجلة خلال السنوات المنصرمة، ولكن المؤسف أن بعض الوكلاء يواصلون انتهاج سياسة استغفال الزبون وتغليطه وهضم حقوقه، وهنا يكمن دورنا في توعيته، توجيهه وتنبيهه قبل تعرضه للتلاعب وحتى بعده، ولعل أهم مخالفة ارتكبها الوكلاء تتمثل في التسبيق الذي لابد أن لا يتعدى 10 بالمائة إذا كانت آجال التسليم أكثر من أسبوع، وهذا ما لا نراه، إذ عمد بعض الوكلاء إلى تسلم عربون عن السيارات المسوقة يفوق هذه النسبة خلافا لما هو منصوص عليه في المرسوم التنفيذي الأخير الصادر في 8 فيفري المنظم والمؤطر لنشاط وكلاء السيارات المعتمدين في الجزائر. لقد تلقينا بعض الشكاوى من قبل الزبائن التي يندى لها الجبين حقا، فبعض الزبائن قدموا من المدن الداخلية لاقتناء سيارة من الصالون، وقاموا بالفعل بإتمام صفقة الشراء بصفة قانونية، حيث قاموا بتسديد 10 بالمائة من سعر المركبة، ولكن عند مغادرتهم الصالون تم الاتصال بهم من قبل الوكيل الذي طالبهم بالتقدم لدفع المبلغ الكلي في ظرف 48 ساعة وإلا فسيتم إلغاء صفقة البيع، فحقا هذا غير معقول وهذا خرق فاضح للقانون ولا يمكن القبول به، فضلا عن ممارسات الوكلاء الذين طالبوا الزبائن بتسديد ثمن المركبة كاملا وكاش، أي نقدا، ما يثبت أن هؤلاء المتعاملين قد ضربوا بالقوانين عرض الحائط. ومن بين الخروقات والإخطارات أيضا التلاعب بآجال تسليم المركبات، إذ أن تاريخ التسليم الذي يخبر به الوكيل الزبون لا يطابق ذلك الموقع عليه على سند الطلبية. أما الأخطر من ذلك فهو تلاعب الوكلاء بأسعار السيارات خلال الصالون، إذ عمدوا إلى رفعها بين عشية وضحاها، فكانت أسعار السيارات خلال اليوم الأول مثلا غير مطابقة لتلك المعتمدة في اليوم الأخير من المعرض، إذ تفاجأ أحد الزبائن بأنه عند اختياره لإحدى السيارات قصد اقتنائها وفور تقدمه إلى مصلحة القسم التجاري للتسديد، يفاجأ بأن سعر المركبة التي اختارها قد ارتفع ب 2 مليون سنتيم في لمح البصر وفي فترة لا تتعدى بضع دقائق. تعول الحكومة كثيرا على المرسوم التنفيذي الجديد رقم 15-58 الصادر في 8 فيفري الماضي (الجريدة الرسمية العدد 05 المؤرخة في 2015/02/08)، الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة نشاط وكلاء المركبات الجديدة لتنظيم هذه السوق في الجزائر، فهل احترم الوكلاء بنود هذا المرسوم خلال الصالون؟ زبدي: من بين أهم تجاوزات الوكلاء في هذا الإطار هو عدم احترامهم لمدة الضمان التي نص عليها هذا المرسوم والمحددة ب 3 سنوات، بينما لايزال بعض الوكلاء يقدمون سنتين ضمانا تطبيقا للمرسوم التنفيذي السابق. الأكيد أننا نطعن في بعض بنود المرسوم التنفيذي الجديد المنظم لسوق السيارات في الجزائر، وغير راضين عن بعض ما جاء فيه، وسنقوم بتوضيح بعض النقائص التي جاء بها المرسوم وشرحها للوكلاء ولجمعية وكلاء السيارات، فضلا عن جملة من الاقتراحات قصد الحد من المخالفات والتجاوزات، على غرار توحيد سند طلبية يسلم للزبون من قبل كل الوكلاء. كثر الحديث قبل افتتاح الصالون من قبل المنظمين على غرار جمعية وكلاء السيارات أن طبعة الصالون هذا العام ستتميز ب”الاحترافية والمهنية”، فهل لمستم ذلك حقا؟ زبدي: تصوروا أننا تلقينا شكاوى مواطنين قاموا باقتناء مركبات قبل افتتاح الصالون ولم يتسلموها إلى غاية اللحظة، ليفاجأوا بها معروضة ومتوفرة في الصالون وبثمن أقل، فلم لا يتم توفير المركبات للزبائن الأوائل إن كانت متوفرة في المعرض. هناك مخالفات عدة من قبل بعض الوكلاء، لم نكن نتصور أن يعاد تكرارها في هذا الصالون نظرا للكلام الكثير عن الاحترافية من قبل الوكلاء، ولكن الاحترافية لم ترق إلى المستوى الذي كنا نتمناه. من بين الأمور الاأرى أننا نشك أن هناك سيارات فيها عيوب خفية وهذا ما سنتحقق منه في الأيام القليلة القادمة. يجدر التذكير أن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لم يجدوا ضالتهم في الصالون من خلال عدم تمكنهم من اقتناء مركبات برخصة نتيجة مشكل بين الوكلاء والجمارك، لذلك نناشد وزارة الضمان الاجتماعي أن تقوم بدورها في هذا الإطار. ما هو عدد الإخطارات والشكاوى التي سجلتموها فيما يخص تجاوزات الوكلاء؟ وما هي العلامات الأكثر تجاوزا؟ زبدي: سجلنا على مدار 11 يوما طيلة فترة الصالون ما بين 400 و450 شكوى للمواطنين بمعدل 30 إلى 40 إخطارا يوميا، أما أكثرها فقد سجلت على مستوى أجنحة العلامات الأوروبية، وهناك 3 وكلاء قاموا بتحطيم الرقم القياسي في التجاوزات والتي تحقق عددا هائلا من المبيعات في بلادنا. بعد صدور المرسوم التنفيذي تم التوقيع الأسبوع المنصرم بتاريخ 23 مارس على دفتر الشروط الذي يوجب على الوكلاء احترام جملة من البنود ويفرض عليهم شروطا في إطار تنظيم سوق السيارات؟ كيف وجدتم مضمون الدفتر؟ زبدي: ناشدنا الوزير الأول عدم تمرير هذا الدفتر لما فيه من نقائص وعيوب جد كبيرة تتعلق بالسلامة المرورية، وتحفظنا على عديد النقاط التي تضمنها الدفتر، فلن نسكت علنالعديد من النقاط التي جاء بها دفتر الشروط والتي تتعارض مع مصالح المستهلكين، على غرار المادة التي تطالب الوكيل بضمان تسويق قطع الغيار لمدة 3 سنوات في حال فسخ العقد مع الصانع، وهذا ما نعتبره مجحفا، حيث نطالب بتمديد المدة إلى 10 سنوات، وبالنسبة لشهادات ضمان ومطابقة المنتوج يقول دفتر الشروط إنها يجب أن تصدر من المصنع أو أحد المخابر العالمية، وهذا ما نعتبره غير معقول، حيث نطالب المصنعين مبلحصول على شهادة المطابقة من مخابر عالمية معتمدة، وبالنسبة لشهادات المطابقة واختبار السيارات، يجب أن تكون من قبل الوكالة الوطنية للمراقبة التقنية للسيارات مثلما كان معتمدا في السابق بدل مديرية المناجم حاليا، إذ الاختبار الذي تقوم به هذه الأخيرة يمكن للمواطن أن يقوم به بنفسه، بيد أنه يحتاج إلى إمكانيات وتقنيات وخبرة وتدقيق، وهو ما سنرفعه في تقرير مفصل إلى مديرية المناجم قريبا. وما تعليقكم على معايير السلامة والأمان العشرة التي اشترطها المرسوم الجديد والتي سيجبر الوكلاء على اعتمادها في مركباتهم المسوقة في الجزائر قصد التقليل من حوادث المرور التي أضحت تحصد الآلاف من الضحايا وقصد تأمين وحماية الزبون؟ زبدي: أعتقد أن بعض تجهيزات الأمان مبالغ فيها، إذ نطالب باشتراط أجهزة أمان حسب نوع وحجم السيارة، إذ يحوي دفتر الشروط نقاط ظل كثيرة في هذا الشأن، فنوعية تجهيزات الأمان وجودتها لم يتم تحديدها. لقد انهارت المبيعات بشكل كبير في طبعة هذا العام من صالون السيارات بنسبة تقارب 50 بالمائة، في رأيكم ما سبب ذلك؟ خاصة أن أسعار السيارات نار وارتفعت بنسبة معتبرة هذا العام، فهل ستتواصل في الارتفاع طيلة السنة؟ زبدي: لقد صدم الجزائريون الذين زاروا المعرض من الأسعار المرتفعة للسيارات، وأعتقد أن تراجع المبيعات ليس له علاقة مباشرة بالأسعار بقدر ما هو ب”الحاجة”، فمثلا مع توفر وسائل النقل والمواصلات، أكيد أن اقتناء السيارات سيتراجع، وقد تلقينا شكاوى تتعلق بارتفاع الأسعار، فالكثير من الجزائريين عبروا عن خيبة أملهم بخصوص تراجع قدرتهم على اقتناء سيارة جديدة. أكيد أنه مع تطبيق دفتر الشروط الذي يفرض تجهيزات الأمان الجديدة، فذلك سيلهب سعر السيارات، ففي غضون سنة لن تكون هناك سيارة في السوق يقل سعرها عن 100 مليون سنتيم. من جهة أخرى أتوقع أن يستمر تراجع الإقبال على شراء السيارات الجديدة على المدى المتوسط، بالنظر لتغير سلم أولويات المواطنين، في إشارة إلى توجه فئة كبيرة من الأجراء إلى الاستثمار في اقتناء سكن، كما أن نسب النمو المذهلة التي سجلت ابتداء من العشرية الفارطة لن تتجدد، إذ ترتبط أساسا بمخلفات الرواتب وبتدارك التأخر الذي كانت تشهده السوق الوطنية للسيارات.