دعت الجزائر المفوض السامي لحقوق الإنسان بجنيف، إلى "إعطاء أهمية خاصة لانتهاكات حقوق الإنسان بالأراضي الواقعة تحت السيطرة الكولونيالية بالمغرب". وقد استثار هذا الطلب المغرب الذي اتهم الجزائر بأنها تمارس "الضغوطات الوهمية والتحرش على مكتب المفوض السامي"، داعيا إياها إلى "الانشغال بقضاياها الداخلية". عاد الفتيل ليشتعل بين الجزائر والمغرب، في مجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، في دورته ال36، بعد أن كررت الجزائر مطلبها للمفوض السامي من أجل أن يهتم بالملف الحقوقي في الأراضي المحتلة بالصحراء الغربية. وقالت ممثلة الجزائر في اجتماع المجلس، أحلام شريخي، إن "الانتهاكات مستمرة في الأراضي تحت السيطرة الكولونيالية بالمغرب". وأضافت أن الجزائر تنتهز المناسبة لدعوة المفوض السامي إلى إعطاء أهمية خاصة لهذا الموضوع، خاصة أن ملف حقوق الإنسان ليس متضمنا في مهمة بعثة الأمم المتحدى إلى الصحراء الغربية". وحثت الجزائر، عبر ممثلتها، الأممالمتحدة على تكثيف "المهمات الاستعلامية" في الأراضي المحتلة وتقديم تقارير لمجلس حقوق الإنسان الأممي. وقالت شريخي في هذا الشأن إنه يجب أن ترسل هذه التقارير إلى الأمين العام للأمم المتحدة، كما دعت كذلك لأن يضطلع مجلس حقوق الإنسان بمهمة "المساعدة التقنية" لمنظمات حقوق الإنسان الصحراوية وللمجتمع المدني الصحراوي، من أجل أن يقوم بمهمته في رصد الانتهاكات الممارسة هناك. ولم تقتصر ممثلة الجزائر، في تدخلها، على قضية الصحراء الغربية، وشملت إدانتها أيضا انتهاكات حقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة وميانمار. وقالت في مقدمة كلامها إن "إسرائيل تستمر في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وتمارس سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين، كما أن معاناة سكان غزة تزداد خطورة مع الحصار المفروض عليها منذ سنوات". وأشارت أيضا إلى الجرائم المرتكبة في حق مسلمي ميانمار، وقالت إن الجزائر تدين مواصلة انتهاكات حقوق الإنسان بهذا البلد. بالمقابل، خصص ممثل المغرب كلمته كلها لمهاجمة الجزائر من خلال الادعاء بأن ثمة مناطق انفصالية تنتهك فيها السلطات الجزائرية حق تقرير المصير، وفق زعمه. وأشار حسن البوكيلي، القائم بأعمال المغرب بجنيف، إلى أنه "إن وجد نقص في مجال حقوق الإنسان فيجب البحث عنه في الجانب الجزائري"، مجددا دعوة المغرب للمفوض السامي من أجل مساءلة الجزائر حول الإشكالات الحقيقية لحقوق الإنسان. ولعب الدبلوماسي المغربي على ورقة الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر سنوات التسعينات، من خلال القول إن ثمة "عشرات الآلاف من حالات الاختفاء القسري في الجزائر". وتطرق إلى ما زعم أنه "حرمان ساكنة القبائل والمزابيين من الحق في تقرير المصير، ورفض استقبال المقرر الخاص حول التعذيب، ومجموعة العمل حول الاختفاء القسري ومجموعة العمل حول الاعتقال التعسفي، وكذا المنظمات غير الحكومية الدولية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان". وبحسب الدبلوماسي المغربي، فإن "الجزائر تناور في قضية الصحراء الغربية، بعد أن فقد خطابها مصداقيته بمجلس حقوق الإنسان كما في إفريقيا"، مطلقا اتهامات حول الجزائر بأنها "تمارس استراتيجية جديدة تتمثل في الاختباء وراء بلدان مثل ناميبيا للتهجم على وحدة بلاده". وقال إن "المغرب يرفض الضغوطات الوهمية والتحرش الذي تحاول الجزائر ممارسته على مكتب المفوض السامي بخصوص المغرب"، مشيرا إلى أنه "كان من الأولى أن ينشغل هذا البلد بسجله الوطني الهزيل في هذا المجال". ويثير موضوع حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية حرجا شديدا لدى السلطات المغربية التي تقف في وجه كل المحاولات للتحقيق في الانتهاكات المسجلة هناك في حق الناشطين الصحراويين. وتطالب السلطات الصحراوية ومنظمات حقوقية بإيجاد آلية أممية لمراقبة حقوق الإنسان والتقرير عنها في المدن المحتلة من الصحراء الغربية، وبتوسيع تكليف بعثة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية "المينورسو" ليشمل مهمة مراقبة حقوق الإنسان، كونها البعثة الأممية الوحيدة التي لم تدخل مراقبة حقوق الإنسان ضمن صلاحياتها.