تتجه الحكومة مع توسع قائمة المشاريع الخاصة بتركيب السيارات إلى مراجعة السياسة المعتمدة في مرحلة أولى، من خلال تأطير سلسلة الإنتاج، بتوسيع شبكة المناولة وتشجيع إنتاج قطع الغيار محليا، فضلا عن تخفيض التكلفة وبالتالي الأسعار، مع تحديد أدق لهوامش الربح. وكشف التحقيق الذي باشرته وزارة الصناعة والمناجم حول سوق السيارات في الجزائر، في مرحلته الأولى، في مارس الماضي، عن إصدار وزارة الصناعة قائمة تكشف عن أسعار السيارات عند خروجها من المصنع. وبينت الإحصاءات فوارق هامة بين الأسعار المعتمدة داخل مصانع تركيب وتجميع السيارات وبين تلك المعمول بها في أسواق السيارات، تراوحت بين 20 و30 مليون سنتيم على الأقل. وتلا الكشف عن هذه الأسعار جدل واسع وحملة مطالبة بالامتناع عن شراء السيارات تحت شعار "خليها تصدي"، ثم الإعلان لدى بعض المصنعين عن عروض تخفيض للسيارات على عدة نماذج مركبة. وكشفت دراسة القوائم التقديرية للأسعار لدى خروج المركبات من المصانع التي كشفت عنها وزارة الصناعة وجود فارق معتبر بين السعر المسوق للسيارات والسعر المقدر خارج المصنع، خاصة أن مشاريع التركيب في الجزائر استفادت من مزايا جبائية وجمركية. وعلى هذا الأساس، بدا خيار السلطات العمومية منصبا على جوانب جديدة، بداية بالتدقيق في سعر التكلفة، حسب الأعباء المختلفة التي يبرزها أصحاب المشاريع ومراعاة العوامل الكابحة بما في ذلك نسبة المناولة المتواضعة والتي منحت للمصنعين فترة زمنية تمتد لقرابة خمس سنوات لتكييفها تدريجيا، إضافة إلى إرساء مشروع لإقامة مرصد خاص لمراقبة وتأطير الأسعار وتفادي المضاربة. وشددت السلطات العمومية على مجموعة المزايا التي تستفيد منها هذه المشاريع، التي يفترض أن تساهم في انخفاض سعر البيع بالنظر إلى مساعدة هذه المزايا في تخفيض التكلفة.
نسب إدماج متواضعة لا تتعدى 23 في المائة
المشاريع الخاصة بالتركيب في مرحلتها الأولى والتي تتراوح نسبة الإدماج فيها ما بين 5 و23 في المائة تستفيد منذ إنشاء المشروع من مزايا جمركية وجبائية وضريبية، ما يسمح من الناحية النظرية بتخفيض التكلفة، وإن كان المصنعون يشيرون إلى أن الفوارق المسجلة تفسر على أساس نقص شبكة المناولة وعوامل تدخل في حساب الأعباء أيضا. وتتمثل مزايا مشاريع التركيب، خلال مرحلة الإنجاز أي الاستثمار، في الإعفاء من الحقوق الجمركية فيما يخص السلع المستوردة التي تدخل مباشرة في إنجاز الاستثمار، والإعفاء من الرسم على القيمة المضافة فيما يخص السلع والخدمات المستوردة أو المقتناة محليا التي تدخل مباشرة في إنجاز الاستثمار، فضلا عن الإعفاء من دفع حق نقل الملكية بعوض والرسم على الإشهار العقاري عن كل المقتنيات العقارية التي تتم في إطار الاستثمار المعني، إلى جانب الإعفاء من حقوق التسجيل والرسم على الإشهار العقاري ومبالغ الأملاك الوطنية المتضمنة، حق الامتياز على الأملاك العقارية المبنية وغير المبنية الموجهة لإنجاز المشاريع الاستثمارية. وتطبق هذه المزايا على المدة الدنيا لحق الامتياز الممنوح. كما تستفيد مشاريع التركيب من تخفيض بنسبة 90 في المائة من مبلغ الإتاوة الإيجارية السنوية التي تحددها مصالح أملاك الدولة خلال فترة إنجاز الاستثمار، فضلا عن الإعفاء لمدة عشر 10 سنوات من الرسم العقاري على الملكيات العقارية التي تدخل في إطار الاستثمار، ابتداء من تاريخ الاقتناء وكذا الإعفاء من حقوق التسجيل فيما يخص العقود التأسيسية للشركات والزيادات في رأس المال. وتستفيد الاستثمارات، خلال مرحلة الاستغلال لمدة 3 سنوات بالنسبة للاستثمارات التي تنشئ 100 منصب شغل ابتداء من بدء النشاط وبعد معاينة الشروع في النشاط الذي تعده المصالح الجبائية بطلب من المستثمر، من الإعفاء من الضريبة على أرباح الشركات، الإعفاء من الرسم على النشاط المهني وتخفيض بنسبة 50 في المائة من مبلغ الإتاوة الإيجارية السنوية المحددة من قبل مصالح أملاك الدولة، وفي مرحلة الاستغلال أيضا يمكن أن تمدد لفترة تصل 10 سنوات، وتستفيد من نظام الشراء بالإعفاء من الرسوم المواد والمكونات التي تدخل في إنتاج السلع المستفيدة من الإعفاء من الرسم على القيمة المضافة، تستفيد من الرسم على القيمة المضافة المطبق على أسعار السلع المنتجة التي تدخل في إطار الأنشطة الصناعية الناشئة ولمدة لا تتجاوز خمس 5 سنوات. وعلى هذا الأساس، فإن كل هذه المزايا يفترض أن تسمح بضمان الوصول إلى سعر بيع منخفض عن ذلك المسجل بالنسبة للسيارات والمركبات المستوردة، إلا أن تحقيق السلطات بين أن الأسعار المطبقة تبقى أعلى بكثير، وهو ما دفعها إلى دعوة المتعاملين إلى التوجه إلى ضبط الأسعار وتحديد دقيق للتكاليف بداية بتكلفة استيراد الأجزاء واللواحق. تجدر الإشارة إلى أن حاجة سوق السيارات في الجزائر تقدر بنحو 400 ألف وحدة، بينما تبلغ قدرة التركيب بالنسبة للمصانع القائمة نحو 130 ألف فقط، في انتظار تجسيد نهاية السنة الحالية مشروع مصنع "بيجو"، في انتظار الكشف عما تقرره السلطات العمومية بشأن مجموعة من المشاريع الأخرى.