يرى الخبير في الشؤون الاجتماعية، نور الدين بودربة، أن الحكومة الجديدة تنتظرها تحديات اجتماعية عديدة، لم تلتفت إليها الحكومات السابقة على مدى العشرية الماضية، بينها تدهور القدرة الشرائية للجزائريين وتراجع التغطية الاجتماعية والصحية، وارتفاع معدل البطالة.. وقال: "إن رفع التحدي يمر عبر الخروج من مأزق الليبرالية المتوحشة التي استفاد رموزها من الريع وتهريب الأموال". أوضح الخبير نور الدين بودربة، في اتصال مع "الخبر"، أن من بين أهم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة التي أفرزتها الانتخابات الرئاسية، هو بعث وتنمية الاقتصاد الوطني، إذ أن الحكومة ملزمة برمي كامل ثقلها باتجاه التحول نحو اقتصاد منتج كفيل بالخروج من مأزق الليبرالية المتوحشة التي انتعشت خلال العشرية الماضية، المعادية لما هو اجتماعي، بعد أن استفاد رموزها من الريع وتهريب الأموال، وقال: "إن التفاتة الحكومة إلى تلبية المطالب الاجتماعية العالقة مند سنوات، باتت ضرورة ملحة، بينها تحسين القدرة الشرائية للجزائريين، التي ما تزال تتدهور من يوم إلى آخر، وهي تحد يجب رفعه.." وأوضح في سياق ذلك: "ما يعرفه الجميع؛ أن الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون لم يتغير منذ سنة 2012، في وقت سجلت العملة الوطنية (الدينار) أقصى درجات الانهيار، بل وحتى تقرير الديوان الوطني للإحصائيات في تقريره، يشير إلى أن سلم الأجور لم يتحسن منذ سنوات..". وبناء على ذلك، يرى أن الأجور يجب أن ترتفع بنسبة 50 بالمائة لأجل تحسين القدرة الشرائية. بل وقدم الخبير لوحة قاتمة عن التغطية الاجتماعية والصحية للجزائريين، التي قال عنها إنها عرفت تراجعا رهيبا، ما يستدعي بالتالي، التفاتة الحكومة على نحو عاجل إلى هذا الملف، وأشار في سياق ذلك إلى وجود ملابسات بخصوص عدم تطبيق التقاعد المسبق، وقال "إن اللجنة الخاصة بتخفيض سن التقاعد للشرائح العمالية التي تشتغل في المهن الشاقة، لم يسفر عملها عن شيء منذ سنوات، يحدث ذلك في وقت تعتمد فيه غالبية بلدان العالم بقاعدة التقاعد المسبق.." كما لفت إلى وجود تراجع رهيب للتغطية الصحية، ولاسيما من جانب تعويض الدواء والتكفل بالأمومة، ما يستدعي بالتالي سن سياسة جديدة لتدعيم وتسيير منظومة الضمان الاجتماعي، وهو الذي لا يزال مقتنعا بأن قانون الصحة الجديد سيقضي على العلاج المجاني في البلاد، في وقت لا يتردد فيه أصحاب النقود في استعمال أموال العمال لتلقي العلاج بالخارج، وفي أشهر العيادات الخاصة بالجزائر. وينظر الخبير إلى البطالة على أنها واحدة من التحديات التي تضغط بثقلها في الوقت الحالي، موضحا في سياق ذلك وجود ملابسات في تقرير الديوان الوطني للإحصائيات التي قدم تقريرا قبل أيام، يشير فيه إلى انخفاض معدل البطالة إلى 4،11 بالمائة، وتساءل قائلا "هل في الوقت الذي يتوقف فيه التوظيف في كل القطاعات منذ 2015 وتقلص فيه كل ميزانيات التشغيل، وتغلق مئات المؤسسات، ويسرح عشرات الآلاف من المؤسسات، تنخفض نسبة البطالة؟". وشمل التدهور الاجتماعي تراجع شروط التمدرس، إذ لم يعد قطاع التربية يلبي حاجيات الأجيال الصاعدة، كبروز مشكل الاكتظاظ منذ سنوات من غير الاكتراث لإيجاد حلول له، ما يستدعي تدخل الحكومة لإعادة إنعاش القطاع بتوفير الهياكل والتأطير ووسائل التمدرس وإيقاف التسرب المدرسي، والأمر ذاته بالنسبة لإعادة تفعيل مجال التضامن الوطني، إذ ومنذ بداية التقشف، يضيف، تم تسجيل تراجع لعمليات التضامن، وأعطى مثالا على ذلك بتخصيص الحكومة لمليار دج سنة 2015 كميزانية لتقديم منحة للمرأة المطلقة، لكن هذه الميزانية لم يتم استعمالها وتم نسيانها سنة 2016، ولم يعد يتحدث عنها تماما سنة 2019، ناهيك عن تقليص ميزانية كل القطاعات في التضامن الوطني، بينها تلك الخاصة بالأطفال والمسنين، ومختلف الإعانات الخاصة بالإدماج الاجتماعي، ويرى أن رفع الحكومة لهذه التحديات من شأنه خلق الانسجام الاجتماعي وتفادي أي انفجار.