نشب توتر جديد بين وزير العدل ونقابة القضاة، على خلفية إعلان الوزارة الوصية استئناف جزء من العمل القضائي، الأمر الذي اعتبرته النقابة "انحرافا غير مسبوق" في تاريخ القضاء، ودعت رئيس الجمهورية والوزير الأول للتدخل لمعالجة "هذا الوضع الشاذ"، حسب وصفها. أدخلت وزارة العدل تعديلات على مذكرة تعليق العمل القضائي بسبب جائحة "كورونا"، وأقرّت في مذكرة أخرى تحت رقم 0012 بتاريخ 12 ماي 2020، ب"انعقاد الجلسات المدنية على مستوى المحاكم للنظر فقط في القضايا التي تأسس فيها محامون، وتؤجل تلك التي لم يتأسسوا فيها، كل ذلك بالحضور الحصري للمحامين". وأعلنت الوثيقة التي وقعها وزير العدل بلقاسم زغماتي أيضا "انعقاد جلسات المحاكم الإدارية بالحضور الحصري للمحامين دون الأطراف"، كما تنعقد، حسب نص الوثيقة "جلسات الغرف المدنية بالمجالس القضائية بالحضور الحضري للمحامين"، و"النطق بالأحكام في جميع القضايا المدنية والإدارية والجزائية الموضوعة في المداولة". وسمحت الوزارة، وفقا لنص المراسلة، ب"تكييف استعمال إجراءات المحاكمة عن بعد في قضايا الموقوفين متى توفرت شروطها، واللجوء إلى تقنية المحادثة المرئية عن بعد في إجراءات استجواب وسماع الأطراف من طرف قاضي التحقيق، على أن يقتصر هذا الإجراء على القضايا البسيطة، فيما ينتقل قاضي التحقيق في غيرها إلى مقر المؤسسة العقابية". وعبّرت النقابة الوطنية للقضاة في بيان عن "تفاجئها" من مذكرة وزارة العدل التي اعتبرتها "انحرافا غير مسبوق في تاريخ القضاء بمنح امتياز التقاضي لطرف على حساب آخر، ويجسد اغتصابا لمبدأ مساواة الجميع أمام القضاء، فضلا عن تغاضي المذكرة نفسها عن العواقب الوخيمة التي قد تترتب عنها، لاسيما على صحة وسلامة السادة القضاة وأمناء الضبط والمحامين والمواطنين في جلسات الصلح والتحقيق الشخصي". وذكرت النقابة بأن "منطق المفاضلة بين القضايا على أساس معيار تأسس الدفاع فيها، مخالف للمبادئ العالمية التي تكفل حق التقاضي للجميع دون تمييز، وبخرق أحكام الدستور الحالي بتكريسه لعدالة فئوية ذات طابع ديماغوجي لا يرضى بها شرفاء المحاماة والقضاة معا، وإن القرار المتخذ من طرف وزير العدل مع ما ينطوي عليه من خطورة كبيرة على صحة وسلامة القضاة والموظفين والمتقاضين، هو تجسيد لأسلوب التسيير الانفرادي المتعالي لقطاع سيادي حساس، ما فتئ يتدحرج نحو انزلاقات غير محمودة العواقب قد تكون عاصفة، لا الوقت ولا ظروف البلاد يحتملانها، كما أنه لا يكشف بوضوح للرأي العام حقيقة الذهنيات المشرفة على قطاع العدالة".