أكّد المشاركون في المنتدى الافتراضي العالمي «دور القيادات الدّينية في مواجهة الأزمات»، أنّ أيّ نموذج عالمي للتنمية الشّاملة والمستدامة ينبغي أن يستند إلى منظومة أخلاقية روحية، انطلاقًا من مرتكزين أساسيين، هما ضرورة الأخلاق العالمية، وضرورة حفظ الكرامة الإنسانية. وجاء المنتدى الّذي عقدته منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، وبالتّعاون مع رابطة العالم الإسلامي والمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، أوّل أمس، تحت شعار «نحو تضامن أخلاقي عالمي للقيادات الدينية»، وبمشاركة الرئيس التشادي إدريس ديبي ومجموعة من الشخصيات الدّينية والفكرية العالمية المرموقة وممثلين لعدد كبير من الهيئات والمؤسسات. ودعا المنتدى، في بيانه الختامي، إلى ضرورة الالتزام بمبادئ أساسية خمسة، أوّلها حقّ الإيمان واحترام الأديان، ونصّ المبدأ الثاني على حقّ الحياة ونشر السّلم، والمبدأ الثالث التّضامن الإنساني والتّعاون في بناء اقتصاد عالمي عادل، فيما نصّ المبدأ الرّابع على الالتزام بثقافة التّسامح في القول والسّلوك، وأخيرًا مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل. وقال مدير عام منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، الدكتور سالم بن محمد المالك، في كلمته الافتتاحية، إنّ دور القيادات الدّينية يتصاعد اليوم أكثر ممّا مضى ليحقّق ما تصبو إليه الإنسانية جمعاء من تضامن أخلاقي عالمي يُفضي إلى تحقيق الغايات السّامية المرتكز إليها الأمن والسّلم الدوليان، لافتًا إلى أنّ أهل الكتاب يمثلون أكثر من 55% من سكان العالم بينما تمثل ديانات الشرق الأقصى 31%. ولفت د. المالك إلى أنّ منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة أطلقت العديد من المبادرات منذ انتشار وباء «كوفيد-19»، مثل جائزة الإيسيسكو لمن يكتشف عقارًا أو علاجًا للدّاء. وذكر أنّ الإيسيسكو تعمل على دراسة حول مستقبل العالم الإسلامي، تصدر نهاية 2020، لتؤكّد أهمية النهج الاستشرافي الّذي بات ضرورة في كلّ توجّهاتنا الفكرية والتنموية، وأوضح أنّ الجائحة تتطلّب سعيًا متجدّدًا من القيادات الإعلامية للعمل على الحثّ على تقديم الدّعم للمنظمات والمؤسسات الموثوق بها. من جهته، صرّح الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، بأنّ هناك دورا كبيرا للقيادات الدّينية في مواجهة الأزمات، خاصة عند الحوادث الطارئة ذات الصّلة بمواد الشّريعة، وهي الّتي تتطلّب حسمًا علميًا راسخًا، سواء في فقه النص الشّرعي أو الاستطلاع البحثي مع مراعاة التصوّر التام للواقعة مع خطاب إسلامي مستنير يؤطّر المادة العلمية بجمال وجلال الشّريعة الإسلامية. وأكّد د. العيسى أنّ «الأمّة الإسلامية بل الإنسانية أجمع بحاجة إلى أفق العالم المستنير»، مضيفًا أنّ «جائحة كورونا جاءت على الجميع، والحلول يشترك فيها الجميع أيضًا، والإسهام الإسلامي مهمّ للغاية». وقال إنّ «قيام القيادات الدّينية بالتصدّي للمستجدات فريضة دينية وأخلاقية وإنسانية، على أن تسهم في اختصاصها ولا تتعداه، لأنّها تحترم الاختصاص». بدوره، قال رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، الدكتور علي النعيمي، إنّ «كلّ الأديان فيها قيم نبيلة وتجمع قيم مشتركة وعلى القيادات السّعي لإبرازها لنواجه الأزمات مع بعض كفريق واحد»، مشيرًا إلى ضرورة «إدراك القيادات الدّينية مسؤولياتها الحقيقية وحدود هذه المسؤوليات». واعتبر د. النعيمي أنّ الجائحة أزمة على الجميع، لكن حجم التحدي اختلف من دولة لأخرى ولذلك على القيادات أنّ تحترم أبعاد الزّمان والمكان في حال توجيه النّاس في التّعامل مع هذه الأزمة وأنّه يجب احترام التخصّص، واحترام دور الأطباء والخبراء وتوظيف التوجيهات الشرعية والفتاوى بما يحقّق مقاصد الشّرعية.