تم بالرباط، توقيع اتفاقية تعاون وشراكة بين الإيسيسكو ورابطة العالم الإسلامي، وذلك في ختام الجلسة الافتتاحية لاجتماع اللجنة المشتركة التي انطلقت أشغالها اليوم وتستمر إلى غاية 7 يوليوز الجاري. وتنص الاتفاقية التي وقعها عن الإيسيسكو مديرها العام، سالم بن محمد المالك، وعن الرابطة أمينها العام محمد بن عبد الكريم العيسى، على التعاون بين المؤسستين في تنظيم مؤتمرات وندوات ومنتديات واجتماعات وورش عمل ودورات تدريبية وبرامج مشتركة في عدد من المجالات ذات الصلة بنشر الفهم الصحيح للإسلام وقيمه السامية ومكافحة التطرف ومواجهة خطاب الكراهية. كما تنص على التعاون في مجال تعزيز الحوار بين أتباع الحضارات والأديان والثقافات، والاحتفاء بأعلام الحضارة الإسلامية والتعريف بإسهاماتهم في بناء الحضارة الإنسانية، والعناية بالعمل الإنساني التطوعي، خاصة لفائدة المرأة والطفل والشباب. وتنص الاتفاقية، أيضا، على تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وإبراز قيم الوسطية والاعتدال في مناهجها التعليمية، وتعزيز دور الإعلام والاتصال في نشر السلام والوسطية والتسامح، وتعزيز حضور الثقافة الإسلامية في المشهد الثقافي الدولي، ودعم العمل الثقافي والتربوي للمسلمين خارج العالم الإسلامي. ويقوم الطرفان، بموجب هذه الاتفاقية، بتشكيل لجنة مشتركة تجتمع بصفة دورية للمتابعة والتخطيط والتنفيذ والتقييم في إطار مضامين هذه الاتفاقية، وتقوم بإعداد برنامج سنوي مفصل للتعاون المشترك يتضمن مشروعات وأنشطة محددة، وآليات تنفيذها، والتزامات كل طرف على حدة. كما اتفق الجانبان على تبادل ما يصدر عن كل منهما من مطبوعات ودراسات ودوريات وومطبوعات ودراسات ودوريات وغيرها من وسائل النشر في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتبادل الدعوات لحضور فعاليات البرامج والأنشطة ذات الاهتمام المشترك. وفي كلمة بمناسبة افتتاح أشغال اللجنة المشتركة، قال سالم بن محمد المالك إن هذا الاجتماع يأتي في أعقاب المؤتمر الإسلامي العالمي الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في رمضان الماضي تحت عنوان "قيم الوسطية والاعتدال في نصوص القرآن والسنة"، بمشاركة عدد من القيادات الدينية والشخصيات العلمية والفكرية والثقافية من مختلف دول العالم، وكذا في ضوء "وثيقة مكةالمكرمة" التي تمخضت عنه باعتبارها خريطة الطريق للعمل الإسلامي المشترك في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصات كل من الإيسيسكو ورابطة العالم الإسلامي. وأضاف المالك أن اللقاء ينعقد، أيضا، من أجل رسم معالم خطة العمل المشترك لترجمتها إلى مبادرات ملموسة، في برامج وأنشطة تتعلق بالمحاور الرئيسة الواردة فيها، من أجل اعتمادها في مشروعات حضارية ذات أبعاد إنسانية قابلة للتنفيذ، تغطي القضايا المهمة التي تناولتها الوثيقة، وتشمل الموضوعات الحيوية التي تطرقت لها. كما عبر عن استعداد الأيسيسكو لبلورة رؤية إسلامية جديدة، "تنطلق من مخرجات وثيقة مكةالمكرمة"، وتكون جسرا ممتدا للتواصل في العالم والانفتاح على العصر والإسهام في معالجة القضايا الإنسانية التي تستقطب اهتمامات الأسرة الدولية والانخراط في صلب الحركة الإنسانية الواعية التي ترمي إلى تعزيز قيم الحوار والتفاهم والتعايش والاحترام المتبادل، و"عقد تحالف عالمي فاعل لإصلاح الخلل الحضاري الذي يعد الإرهاب فرعا من فروعه ونتيجة من نتائجه". كما قدم المدير العام للإيسيسكو مجموعة من المقترحات تتمثل، بالخصوص، في رفع الوثيقة إلى الأمانة العامة لمنظمة الأممالمتحدة من خلال وفد يمثل رابطة العالم الإسلامي والإيسيسكو، وتقديم الوثيقة للمندوبية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وكذا إلى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" من خلال تنظيم ندوة عامة بمقرها، إلى جانب عقد ندوة في ستراسبورغ حيث مقر البرلمان الأوروبي من أجل حوار مفتوح يروم شرح مضامين الوثيقة، فضلا عن إحداث "جائزة وثيقة مكةالمكرمة" يفوز بها من يطبق مضامين الوثيقة. من جانبه، أبرز العيسى أن رابطة العالم الإسلامي تجمع المكون الإسلامي بكافة أطيافه، كما تضم ضمن هيئاتها أعضاء من غير المسلمين وتتشارك معهم في الهدف الواحد نحو الإنسان وخير الإنسانية جمعاء.وأوضح أن الرابطة لها ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في "إيضاح حقيقة الإسلام في مواجهة خطر التطرف المحسوب زورا وكذبا على الإسلام، وخطر الكراهية المعروفة ب "الإسلاموفوبيا"، وهي على نوعين مجردة: ناتجة عن معلومات خاطئة، وكراهية متأصلة تحتاج إلى دراسة وعلاج يعتمد مسلك القوة الناعمة والحكمة التي تتميز بها الرسالة الإسلامية. ويتمثل الهدف الثاني في تيسير العلاقة مع مختلف أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التواصل والحوار في أفق التعاون وتأسيس قيم التعايش، لاسيما الاندماج الوطني في بلدان التنوع الديني والإثني، فيما يتركز الهدف الثالث حول تنفيذ برامج إنسانية غير مرتبطة بأسباب دينية أو عرقية أو مذهبية، مؤكدا أن الرابطة تلتقي مع الإيسيسكو في عدد من الأهداف والمشتركات المهمة. وأوضح الأمين العام للرابطة أن رابطة العالم الإسلامي منظمة شعبية عالمية تجمع علماء ومفكرين وحقوقيي العالم الإسلامي، إلى جانب الداعمين، بما في ذلك بعض الأعضاء من غير العالم الإسلامي، لاسيما أتباع الأديان والثقافات بتنوعها، مشيرا إلى أن توقيع اتفاقية اليوم نابع من إدراك أهمية رؤية ورسالة وأهداف الإيسيسكو المتميزة، وهي في محضنها بالمملكة المغربية. وتتضمن وثيقة مكةالمكرمة المنبثقة عن المؤتمر الإسلامي العالمي الأخير 29 مبدءا، يؤكد من خلالها المسلمون بالأساس على أنهم جزء من هذا العالم بتفاعله الحضاري وأنهم يسعون للتواصل مع مكوناته كافة لتحقيق صالح البشرية، وتعزيز قيمها النبيلة وبناء جسور المحبة والوئام الإنساني والتصدي لممارسات الظلم والصدام الحضاري وسلبيات الكراهية.