قال عبد الغني بادي إن تقديم طلب إفراج عن الصحفي المسجون، خالد درارني، يجب أن يراعى فيه ظرف سياسي بعيد عن التوتر، وأشار في حوار مع "الخبر" إلى أن السلطة يجب أن تحكم العقل وتطوي ملف سجناء الرأي في هذه السنة الجديدة. يقترب الصحفي خالد درارني من قضاء عشرة أشهر في الحبس، كيف يمكن أن تصف حالته حاليا في ظل ورود أخبار عن وضعه مع مساجين محكوم عليهم بالإعدام؟ وضعه الآن لا يختلف عن بداية سجنه. ظروف السجن مهما كانت فهي سيئة، فكيف بصحفي يوضع في الحبس في عزلة. الأكيد أنه لا يمكن أن يكون في وضع جيد.. هو رجل شهم وصاحب مبادئ وقوي الهمة، تراه دائما مبتسما ومهتما بما يحدث خارج السجن، يسأل عن الأحداث السياسية والوضع العام، ولا يشكي أبدا من أي شيء، ليس لأنه في وضع جيد، بل لأنه قوي وعزيز النفس.. تصور لم يحدثني يوما عن ظروف أكله أو شربه أو يومياته، تشعر أن الرجل همه أكبر من هذه التفاصيل.. خالد لم يطالب يوما بتحسين ظروف سجنه، لأن رسالته من البداية كانت تهدف لتحسين ظروف حياة الجزائريين..
هل ترون أن الوقت مناسب لتقديم طلب إفراج لدى الغرفة التي قضت بإدانته على مستوى مجلس قضاء الجزائر؟ نحن ننسق مع خالد درارني حول مسألة الإفراج المؤقت كالذي حصل عليه المناضل السياسي كريم طابو. طبعا هذا من الناحية الإجرائية، لكننا نعلم أن مسألة الإفراج عنه سياسية محضة. لا نخفي عنكم أننا نأمل في تعقل السلطة والتوقف عن التحامل ضد الرجل. خالد يدخل شهره العاشر في السجن وهذا أمر غير مقبول، وبالنسبة للسلطة فهي تؤكد بإصرارها على بقائه في السجن على غلق كل منافذ الحلول الجادة.. الإفراج بالنسبة لنا قد يرتبط بظرف سياسي جديد مختلف عما كان يحدث منذ فترة، للأسف ليس هناك أي مؤشر أو توجه، لكن نبقى نأمل أن يحكم العقل في قضية خالد درارني وقضية المعتقلين السياسيين في هذه السنة الجديدة. قد نختار وقتا سياسيا أقل توتر تبدي فيه السلطة شيئا من الاستعداد للتهدئة، لأن طلب الإفراج لا يمكن أن يكون قانونيا بقدر ما هو سياسي..
هل في رأيكم قضية درارني ينبغي التوجه بها إلى السلطة السياسية بعد صدور الإدانة؟ قرار الإدانة لم يكن قرارا قضائيا والجميع يعلم أن تصريح مسؤولين في هرم السلطة برئاسة الجمهورية ووزارة الاتصال والنيابة ومجلس حقوق الإنسان التابع للسلطة، قبل محاكمة خالد درارني، كلها اتجهت نحو الإدانة القبلية للأسف قبل المحاكمة وهذا أمر خطير وسابقة لا يمكن أن تخدم القضاء الجزائري بقدر ما أساءت إليه. نحن نعرف تأثير السلطة السياسية والأمنية على القضاء، لذلك تكون القرارات في هذه القضايا، أكثر منها سياسية أمنية ويضرب فيها القضاء في مقتل. لا يمكن الحديث عن قضاء مستقل دون ديمقراطية، هذا أمر مسلم به لا يحتاج إلى التكرار كل مرة، القضاة يعرفون هذا جيدا.. يبقى أن فيهم من يجتهد لكي يكون مستقلا لكنه يقابل بالتضييق عليه ولكم في وكيل جمهورية محكمة سيدي أمحمد المساعد الذي حُوّل إلى قمار بولاية واد سوف بسبب وقوفه إلى جانب الحراكيين المسجونين، كل العبر. أثار قرار مجلس الاستئناف العسكري بتبرئة المتهمين في قضية التآمر على سلطتي الدولة والجيش رغم الأحكام الأولى الثقيلة، ردود فعل تطالب بأن يتم طي ملفات سجناء الرأي باعتبارهم من تركة تسيير الفترة السابقة.. هل تتوقع إمكانية حدوث ذلك؟ قضية القادة العسكريين حلقة أخرى من حلقات الإساءة للقضاء وتوظيفه في تسوية الخلافات في هرم السلطة، مؤشرات كثيرة أوحت بأن القادة العسكريين سيطلق سراحهم بمجرد وفاة ڤايد صالح، وأن القضية كانت مسألة وقت فقط وهذا ما حدث فعلا. رد الاعتبار لبن حديد كانت أول خطوة في هذا الاتجاه.. يبدو أن هنالك تحالفا بين مختلف الأجنحة ضد الدولة المدنية المنشودة.. بالنسبة للإفراجات يصعب التكهن بمشروع السلطة على المستوى الأمني، فهي مازالت تعتقد أن بوسعها الضغط عن طريق قمع الحريات، لذلك حتى وإن كان في مخططها مشروع إفراج كالذي حدث في جانفي من السنة الماضية، فقد يكون ظرفيا قبل أن تعود للقمع سلطة لم تؤمن بعد بأي مشروع للانفتاح على الديمقراطية، لذلك صعب أن تفكر في التخلي عن سياسة الكل، مع أن تقليل الضغط قد يكون واردا ربما في سبيل بحث السلطة عن شيء من القبول وتلمس ود الأوساط الشعبية في مشاريع مستقبلية للتغلغل أكثر.
تأسستم أيضا في قضية الناشط محاد قاسمي.. هل هناك أمل في الإفراج عنه برأيكم؟ محاد قاسمي مناضل شريف، عمل لسنوات من أجل الحرية والديمقراطية وناهض مشروع الغاز الصخري. وجد نفسه مسجونا بجناية الإشادة بالإرهاب من أجل منشور على فايسبوك.. هذا أمر فظيع وغير مقبول... هناك من هو متفائل بخصوص ملفات الإخوة سجناء ولايات الجنوب، نتمنى أن يحدث ذلك.. أذكر جيدا أنه في أوت الماضي تم الإفراج عن قاديري وسيدي موسى في تيميمون وفي نفس اليوم تم توقيف شخصين عزاوي أيوب وناشط آخر، هي سياسة منتهجة هدفها التضييق وتشديد الخناق على هذه المنطقة. تصور أن أدرار الآن تسجل رقما تاريخيا في عدد السجناء!! يمكن فهم ما يجري على أن السلطة تريد إبقاء هذه المنطقة مجرد وعاء انتخابي تابع للموالاة.
ما الذي ينبغي على السلطة في رأيك مراجعته في سنة 2021 فيما يتعلق بالجانب الحقوقي؟ أرى أن على السلطة أن تراجع كل الحقوق والحريات الأساسية وأول ما يجب أن تبدأ به هو تمكين المواطن من حقه في الممارسة السياسية دون أي قيد حتى يمكن أن يؤسس لمرحلة جديدة يبني من خلالها أسس الحريات والحقوق المنشودة في كنف دولة، القانون فيها هو السيد، القانون الذي يؤمن الناس به ولا يقمعون بالاستناد عليه.. تجربة محاكمة الحراكيين أو غيرهم من وجوه السلطة المالية والسياسية أثبتت أن الجميع صار بحاجة إلى قضاء عادل يحتكم إليه وبحاجة إلى قوة الدولة لا دولة القوة.