قالت ممثلة جبهة البوليساريو في ألمانيا في حوار مع ''الخبر'' إن تخبط المغرب وإحباطه من تمسك ألمانيا بالشرعية الدولية دفعه إلى اتخاذ معاملات فوضوية في محاولة لابتزاز برلين، معتبرة أنه أساء التقدير فموقف ألمانيا من قضية الصحراء الغربية ثابت ولن يتغير. بداية كيف تفسرين تعليق المغرب لجميع أشكال التواصل مع السفارة الألمانية في الرباط دون توضيح خلفية القرار؟ من الصعب تفسير شيء مبهم وغير واضح كالعمل الذي قامت به المغرب إزاء دولة ألمانيا لأنه عادة عندما ترغب دولة في التعبير عن استيائها من سلوك دولة أخرى هناك طرق متعارف عليها في الدبلوماسية بدءا من الاحتجاج الشفوي مرورا باستدعاء السفير وصولا إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، لكن الطريقة التي اتخذها المغرب يمكن اعتبارها سابقة في هذا المجال حيث تم تعليق الاتصال بالسفارة فقط عن طريق رسالة موجهة إلى حكومة البلد المستضيف نفسه، والأخطر والأغرب أنه تم تمريرها عن طريق وسائل الإعلام ليصل الخبر بطريقة متلوية إلى الدولة الألمانية. كل هذه المسرحية لها تفسير واحد هو أن المملكة المغربية لا تملك الشجاعة كي تعبر عن استيائها بالطريقة العادية المتعارف عليها، حيت تريد غلق الباب وترك النافدة مفتوحة، أي ترك إمكانية الرجوع عن القرار في حال عدم اهتمام ألمانيا بالأمر، وادعاء وزارة الخارجية أن الرسالة مسربة وغير صادرة عنها، وفي كل الأحوال هذا التصرف وضع المملكة في الزاوية من منظور أثار الاستغراب والتعجب لدى السياسيين الألمان وغيرهم.
باعتقادك ما هي الدوافع والأسباب التي دفعت بالمغرب إلى اتخاذ هذه الخطوة؟ لقد استمعنا إلى الحكومة الألمانية التي استقبلت هذا الفعل بالكثير من الاستغراب والدهشة وأكدت أنه من جهتها لا توجد دوافع معروفة ولا أسباب تؤدي بالمغرب إلى فعل كهذا، أما فيما يتعلق بالمملكة فهناك عدة أسباب أهمها القضية الصحراوية، حيث أنه من المعروف أن المخزن إذا ما تحدث عن أسباب جوهرية فهو يعني عادة القضية الصحراوية. ونعرف أن ألمانيا دعت في ديسمبر الماضي إلى جلسة طارئة في مجلس الأمن بعد اعتراف ترامب للمغرب بالسيادة المزعومة على الصحراء الغربية، ودعت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى التقيد بالقانون الدولي واستمرارها في الحياد كي يمكنها ذلك من الشراكة المستقبلية في البحت عن حل القضية في إطارها القانوني داخل الأممالمتحدة، وقد يكون هذا أبرز الأسباب إضافة إلى أن ألمانيا أبدت اهتماما بالقضية الصحراوية في المدة الأخيرة فهناك بيان مشترك موقع عن ممثلين لكل الأحزاب الديمقراطية داخل البرلمان الألماني، نددوا عبره بالاعتداء المغربي على المدنيين الصحراوين الذي أدى إلى العودة للحرب في 13 نوفمبر الماضي، ودعوا إلى ضبط النفس، كما عبروا عن تضامنهم مع القضية الصحراوية، والمجموعة نفسها كتبت رسالة إلى بايدن وطالبته بالعدول عن اعتراف ترامب، هذا إضافة إلى مشاركة عدد كبير من نواب البرلمان من الغرفتين في رسالة بعثت بها جبهة البوليساريو إلى بايدن، وطلبته أيضا بإلغاء اعتراف ترامب، إضافة للتضامن الذي تشهده القضية الصحراوية من طرف جمعيات وتنظيمات غير حكومية ألمانية ترافع عن القضية الصحراوية سياسيا وتناضل ضد نهب الثروات الطبيعية من طرف الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية وكان نتيجة نضالها انسحاب شركة ألمانية من الشراكة المغربية خلال الأسابيع الماضية. هذه التراكمات إضافة إلى رفع برلمان بريمن العلم الصحراوي يوم 27 فبراير من أجل التضامن مع الشعب الصحراوي أزعجت المملكة المغربية التي أصبحت بعد عملية التطبيع مع إسرائيل وعودتها إلى الاتحاد الإفريقي وتوطيد علاقتها ببعض من دول الخليج، تتمتع بجرأة زائدة، واعتداد بالنفس جعلها تتوهم أنها في موقع يسمح لها بابتزاز دولة ألمانيا وهو الأمر الذي تعودت على فعله مع دول أخرى، من أجل أن تساعدها في محورين أساسيين أولهما: أن تعدل ألمانيا موقفها من القضية الصحراوية وهو ما لم يحدث حيت جدد ألمانيا التأكيد أن موقفها كان ولازال ينسجم مع الحق والقانون الدولي ويتماشى مع موقف الأممالمتحدة، وتعتبر قضية الصحراء الغربية لم تحل بعد. السبب الآخر، أنه يوم 2 و3 مارس تمت جلسة الاستماع للاستئناف الذي قامت به جبهة البوليساريو في أفريل 2019 والمتعلق بمعاهدتي التجارة الحرة والصيد البحري وكان المغرب ينتظر من ألمانيا أن تتخذ موقفا داعما له كي يستمر في نهب ثروات الصحراء الغربية عبر الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ولكن موقف ألمانيا لم يكن إلى جانب المغرب، وهذه التراكمات أدت إلى خيبة أمل وظن المغرب أنه من خلال هذه الخطوة الغريبة بإمكانه أن يضغط على ألمانيا.
إذا تعتبرين أن الهدف الأساسي من قرار المغرب هو ابتزاز ألمانيا في ملف الصحراء الغربية؟ نعم، القرار يظهر أن المخزن يتخبط ويحاول تغيير مسار الأمور في ملف الصحراء الغربية بطريقة فوضوية وبمعاملات تدل على عدم النضج و القدرة على الانسجام مع ما هو معروف في التعامل بين الدول التي تحترم نفسها، الخطوة فيها نوع من الابتزاز لألمانيا القوى الكبرى داخل الاتحاد الأوروبي، وقد يكون الهدف منها بعث رسالة لبقية الدول أيضا، لكنه أساء التقدير فهذا النوع من المعاملات لا يستقبل بترحاب ويعتبر تطاول على الطرف الآخر، وهذا ما بدا جليا حيث استقبل القرار باستياء كبير داخل الأوساط السياسية والإعلامية في ألمانيا وعبر العديد من النواب عن استيائهم من موقف المغرب خاصة وأن ألمانيا تقدم دعما كبيرا للمغرب الذي تلقى مؤخرا 1.4 مليار يورو مساعدات مالية في إطار المساعدة لمكافحة الوباء، وطالبت بعض الأصوات أن يشرح المغرب موقفه فورا، كما ناشدت الحكومة أن تضغط على المملكة لإعطاء توضيح لقرارها إضافة إلى المطالبة بوضع المغرب الأسس للاستمرار في العلاقات بأقرب وقت كي تتمكن المؤسسات الألمانية الموجودة داخل المغرب من مواصلة عملها دون قيود.
وبشكل عام كيف تقيمين موقف ألمانيا من قضية الصحراء الغربية وهل تعتقدين أن ضغوطات المغرب قد تنجح ف تغيرها ؟ يمكن تقسيم الموقف داخل ألمانيا إلى رأيين، أولا الموقف الرسمي الذي لم يتغير منذ سنوات ولا أظن انه سيتغير، وهو موقف يتمسك بالحياد وبقرارات الأممالمتحدة ويرى أن القضية يجب أن تحل عبر القانون الدولي، وهناك رأي أخر لدى بعض المنظمات غير الحكومية والنواب داخل البرلمان وخاصة الغرفة الثانية داعم للقضية الصحراوية شكل واضح، ويرى أنه يجب دعم كفاح الشعب الصحراوي المشروع من أجل تقرير مصيره، وأن الشركات الألمانية المتورطة عليها أن تنسحب من الاتفاقيات المبرمة مع المغرب ومن الأراضي الصحراوية المحتلة. أما فيما يتعلق بمستقبل الموقف الألماني، فبرلين تعتبر نفسها من المدافعين عن القانون الدولي والشرعية الدولية، لا أظن أنها ستستجيب لمحاولة الضغط والابتزاز المغربي من أجل أن تحذو حذو الولاياتالأمريكية وتتبنى إعلان ترامب، وموقفها لن يتغير إزاء القضية الصحراوية، بل بالعكس الاستياء الداخلي الذي حصل نتيجة قرار المغرب قد يكون ايجابي للقضية الصحراوي فهذا الفعل المتهور أدى إلى تصدر القضية الصحراوية صفحات الإعلام الألماني وأعطاها اهتماما اكبر.