أنهى حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي عملية اكتتاب استمارات الترشيح، فيما يسير منافسوهم بمن فيهم الأحرار بشق الأنفس لأجل الحصول على دعم مواطنين لترشحهم. أفاد مسؤول الإعلام في قيادة التجمع الوطني الديمقراطي، صافي لعرابي، بأن الحزب انتقل إلى مرحلة دراسة ملفات المرشحين، بتنصيب المجالس الولائية المشكّلة من كوادر غير مرشحين. وأوضح لعرابي في اتصال هاتفي مع "الخبر" أن 90 بالمائة من المجالس الولائية استوفت جمع الملفات، وقامت بتنصيب مجالسها لدراسة الملفات قبل تحويلها إلى المكتب الوطني للقيام بعملية فحص نهائية قبل مباشرة عمليات الإيداع". وأشار إلى أن الأمور التنظيمية على مستوى الحزب "تم ضبطها مسبقا، عبر توجيهات وتعليمات لمنع أي اختلال"، موضحا أن الحزب سيكون حاضرا في كل الدوائر الانتخابية في الوطن وفي الهجرة. وفي جبهة التحرير الوطني، قام المكتب السياسي بانتداب مشرفين من أعضاء اللجنة المركزية لتولي الإشراف على الفرز الأولي لقوائم المرشحين قبل تحويلها للعاصمة، حيث يجري ضبط قوائم المرشحين قبل إيداعها. ورغم الارتياح المحقق بسبب تقدم الإجراءات الإدارية، تعيش قيادات الأحزاب السياسية، حالة قلق بسبب صعوبة التنبؤ بالنتائج على عكس التجارب الانتخابية الماضية، حيث كانت النتائج تضبط مسبقا، وناهيك عن تعقد النظام الانتخابي الجديد القائم على القائمة المفتوحة ودخول الأحرار بقوة في هذه الانتخابات، وكثرة القوائم الحرة التي يقودها منشقون عن هذه الأحزاب والمستفيدين من التسهيلات التي تضمّنها قانون الانتخابات الجديد، من خلال الأحكام الانتقالية التي تضمنت إلغاء شرط العتبة. وحسب أحدث الإحصاءات التي أعلن عنها رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، أول أمس، فقد وصل عدد الملفات التي سحبها الأحرار 1863 ملف مقابل 1420 للأحزاب السياسية. ورغم صعوبة اكتتاب التوقيعات والعراقيل الموضوعة أمام عدد منها، يغري الترشح في القوائم الحرة الكثيرين لأنه يتيح التحرر من الوصاية الحزبية، وخصوصا في ظل تراجع شعبية الأحزاب السياسية المتهمة بالتورط بالمشاركة في تسيير المرحلة السابقة. إضافة إلى أن الانخراط في تجربة القوائم الحرة والمستقلة لا يجذب المستقلين وحدهم بل أيضا في كوادر حزبي الأغلبية، في ظل كثرة المنافسة واليأس من إمكانية قبول ملفاتهم لدى أحزابهم الأم. وأشار مسؤول في حزب جبهة التحرير الوطني، رفض الكشف عن هويته، إلى حقيقة تقدّم عدة كوادر في الحزب في قوائم حرة، إحداها قائمة لرؤساء البلديات في العاصمة "يعد مثير للانشغال"، لافتا إلى أنه في حالات عدة، أن هذه القوائم تلقى دعما قويا من الإدارة. ويشكك ملاحظون في وجود خطة لدى السلطة في مسعاها لاحتواء قوى في الحراك الشعبي وللذهاب إلى موزاييك سياسي في المجلس المقبل لمنع وجود أغلبية واضحة وصريحة، وأن قطاع من المنتخبين الأحرار سيسمحون للسلطة وملحقاتها السياسية استرجاع ما فقدته بيدها الأخرى والاحتيال على الإرادة الشعبية، تحسبا لفشل مبرمج لحزبيها الرئيسيين، خصوصا أن عملية "اللفتينغ" التي جرت على واجهات هذه الأحزاب والتوقعات بحرمان الوجوه القديمة من الترشح، لم تغيّر الصورة النمطية للرأي العام عنهما. وكان النواب الأحرار أداة في يدها وسندا لها في أغلب القرارات التي اتخذتها، من خلال التصويت لصالح قوانين ومشاريع الحكومة وتعزيز صفوف الموالاة خلال النظر في مقترحات المعارضة وخصوصا في التعديلات. وفي التعديل الدستوري الجديد، تم الإبقاء على الإطار القانوني الذي يتيح للنواب الأحرار الالتحاق بمجموعات نيابية حزبية، بعكس المرشحين الحزبيين، حيث تنص المادة 120 منه فقط تجريد المنتخبين المتحزبين من عهدتهم الانتخابية في مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني في حالة تغيير انتمائهم السياسي وتتولى المحكمة الدستورية إعلان شغور المقعد بعد إخطارها وجوبا من رئيس الغرفة المعنية.