تحولت ساحة أول نوفمبر، صبيحة اليوم، إلى حلقة كبيرة و أغورا إغريقية يتنافس فيها القوال و المسرحي على أقوال و حكم عبد الرحمان المجدوب و "قصايد" مصطفى بن براهيم و بن حراث و مقاطع من مسرحيات علولة و كاكي لتطعيم عرض في الشارع و بالشارع و للشارع. يرفع عباس لكارن مصمم عرض " آخر حلقة" يديه إلى السماء بعباءته البيضاء الطويلة و يطلب من جمهور ساحة أول نوفمبر " أعطونا تشميخة- معناه تصفيق" و يتجاوب الجمهور معه بقوة، وسط توافد كبير للعائلات و السياح في تناغم تام مع أول عرض مبرمج من طرف المسرح الجهوي عب القادر علولة بمناسبة الاحتفال بالعاب البحر الابيض المتوسط. مراد سنوسي مدير المسرح يتابع العرض عن قرب و تقاسيم الفرح بادية على وجهه، أمام تجاوب الجمهور و احتضانه للتجربة. استطاعت فرقة " أخر حلقة" المكونة من 13 عضو قادمين من سيدي بلعباس استقطاب انتباه الجمهور، بعرض متكامل مستلهم من أقوال المجدوب و قصائد مصطفى بن براهيم و بن حراث و أغاني العلاوي. أوضح رضوان لكارن المكلف بالاتصال قائلا " والدي عباس لكارن و هو الشقيق الأصغر للحاكم الدولي بلعيد لكارن هو من أسس الفرقة بعد تقاعده من المسرح سنة 2006 و تروي قصة أخر حلقة قبل اعتزال الصنعة التي كانت متداولة بقوة في ساحة طحطاحة بسيدي بلعباس و لقد تناوب على العرض أكثر من 40 ممثل قدموا عروض في العديد من الولايات و المهرجانات باستعمال أقوال شعبية و قصائد الملحون التي تعودوا على سماعها في الطفولة، و تحمل العروض مضمون انتروبولوجي من خلال توظيف أغاني التراث حول المطر و المواسم الفلاحية و الدينية لتوثيق هذا التراث الشفهي اللامادي، بالإضافة إلى إقحام مقاطع لمسرحيات معروفة لتكريم علولة و كاكي و قدور النعيمي و أخرون من عمالقة المسرح." و عن سؤال حول تجاوب الجمهور رد قائلا " فن الحلقة صعب جدا بسبب كسر الجدار الرابع و التناغم مع الجمهور و التعامل مع تفاعلاته و مزاجه و اتخاذ الشارع كديكور لتأثيث العرض دون انقطاع العرض و الاعتماد على الكلمة و القول لأن الحلقة مبنية على السمع كما اكتشف ذلك علولة في إحدى عروضه براس المايدة في قرية اشتراكية خلال أعمال التطوع في السبعينيات". من جهته، اضاف عباس لكارن الذي احتفظ بلياقته رغم بلوغه 79 سنة" كبرت في شارع المور بحي القرابة بسيدي بلعباس و هو منبت فرق القناوي و الأغنية الشعبية و كبرت تحت عباءة القوال في الحلقة بساحة الطحطاحة و لهذا ارتأيت تصميم عرض الحلقة بعد تقاعدي من المسرح من أجل الحفاظ على هذا التراث اللامادي." انتهى العرض تحت التصفيقات و طلبات الجمهور بأخذ " سلفي" مع أعضاء الفرقة بزيهم التقليدي الأصيل، قبل أن يدعو رئيس الفرقة الحضور للتوجه لشارع الحدائق القريب من الساحة لمتابعة عرض من مسرح الشارع من تقديم الممثل أمين ميسوم و مجموعة من الممثلين. بلغ مسامعنا صوت البندير و حنجرة أمين ميسوم قبل الوصول إلى فضاء العرض و هو عبارة عن سلالم قديمة حولها المسرح و العمال في ظرف وحيز إلى مسرح للهواء الطلق، بعد أن كان ممر يتحاشى المواطنون استعماله لسنوات. دوى صوت الحكواتي وسط الحضور للإعلان عن انطلاق العرض يقول ميسوم بشأنه " هو عرض مستوحى من قصص كليلة و دمنة لابن المقفع باللغة الدارجة أو اللغة المهذبة الثالثة للمسرح لتقريب المعنى من المواطن، و منذ بداية التجربة ينتابني شعور عجيب و أن أتجول في شوارع الباهية و ساحة الطحطاحة." صادفنا خلال مغادرة المكان مجموعة من السياح يأخدون صور تذكارية أمام اسود مقر البلدية و مقر بيع الكاسيت " بوعلام ديسكو مغرب" الذي تحول إلى قبلة للسياح بعد أغنية" ديجي سنايك" و نفس المشهد تكرر أمام الكاتدرائية و مكتبة بختي بن عودة و تحولت السلالم إلى مكان للتصوير و أخذ " السلفيات" وسط سرب من الحمام يقتات على بقايا حبوب في أمن و سلام في رسالة معبرة عن عودة السلم في وهران الباهية بمناسبة العاب البحر الابيض المتوسط.