الذي سمح لفرنسا فتح باب التسجيل في مباراتها الحاسمة أمام الإنجليز، هو لاعب وسط الميدان ولاعب ريال مدريد أوريليا تشواميني، لكن اسمه لم يذكر في تغريدات التهاني لحزبي اليمين (الجمهوريين) واليمين المتطرف (التجمع الوطني) الذين اكتفوا بتحية أوليفي جيرو بمعية هيغو لوريس، كدليل على أن لون البشرة يعد علامة فارقة ليس في السياسة فحسب، بل حتى في الرياضة. لم يذكر اسم اللاعب تشواميني صاحب البشرة السوداء رغم كونه ساهم في الفوز الذي انتزعه الديكة، بتسجيله أول هدف في مرمى الإنجليز، عكس مجريات اللعب، فكيف كان سيكون وضعه لو أن مسيرة فريق ديديي ديشان توقفت بالهزيمة أمام الإنجليز؟. الأكيد أن أمثال رئيسة بلدية نيس كريستيا استروزي، واليميني إيريك سيوتي، ورئيس التجمع الوطني جودان بارديلا، خليفة مارين لوبان على رأس الحزب، وحتى إيريك زمور، سيخرجون سيوفهم وسيبيحون دم اللاعب تشواميني، متهمين إياه بأنه المتسبب الأول في الهزيمة، وبأنه متواطئ مع الإنجليز بمنحهم ضربة جزاء على طبق من ذهب. كيف لا وأن النصر الذي حققه فريق الديكة، حسب تغريداتهم في تويتر، يعود الفضل فيه فقط إلى جيرو، ولورين وديديي ديشان الذين ذكروا بالاسم دون سواهم، ومع ذلك لا يزال في فرنسا من يتساءل لماذا يصعب على المهاجرين وأبنائهم "الاندماج" في المجتمع الفرنسي؟. عندما يتم رسملة النجاح والانتصار في الكرة وفي غيرها، وربطه بكل ما هو فرنسي الأصل، ولما ينسب وتلصق الهزيمة بكل من تنتمي جذوره حتى لو كانت بعيدة، إلى لون بشرة أخرى أو ثقافات أخرى، فلا يجب الاستغراب من سقوط اسم تشواميني وقبله زيدان وبن زيمة من رسائل التهنئة، وهي ليست مجرد صدف بقدر ما هي تعبير واضح عما يفكر به هؤلاء السياسيين الذين يزايدون على الآخرين في الحديث عن حقوق الإنسان، لكنهم يستثنون من الانتصار من حقق الانتصار. ألم تفرح فرنسا بأنها حققت الكرة الذهبية لأحسن لاعب في العالم، عندما فاز بها كريم بن زيمة، لاعب ريال مدريد، لكن نفس فرنسا هذه، صفقت لما غادر بن زيمة معسكر الديكة في كأس العالم في قطر بسبب الإصابة، وقالت دون حياء إن الفريق الفرنسي "تحرر" بعدما غادره بن زيمة الذي لم يشارك في هذا المونديال، وذهب آخرون حتى إلى القول بأن فريق ديديي ديشان تحسن أداءه بعدم وجود كريم بن زيمة ضمن تعداده. هذه هي فرنسا التي يسقط فيها اسم تشواميني مع سبق الإصرار والترصد، وتعامل تركيبة فريق الديكة بمكيالين، وهي نفس طريقة تعاملها مع المهاجرين الذين بنوها حجرة حجرة، وصدق من قال "النصر له ألف أب والهزيمة يتيمة".