كشفت صحف إسبانية، أمس، أن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الذي زار الجزائر والتقى الرئيس عبد المجيد تبون، فشل في تليين موقف الجزائر تجاه مدريد. وقالت إن زيارته إلى الجزائر لم تأت بأي جديد، مؤكدة أنه لم ينجح في افتكاك خطوة عملية لرفع العقوبات التجارية المفروضة على إسبانيا منذ شهر جوان 2022. واعتبرت صحيفة "الكونفيدونسيال" الإسبانية أن حكومة بيدرو سانشيز ساهمت في ترسيخ العقوبات التي فرضتها السلطات الجزائرية على مدريد منذ 9 أشهر. ونقلت الصحيفة عن المفوضية الأوروبية حصيلة جديدة للأضرار التي أحدثها رئيس الحكومة الاشتراكية بيدرو سانشيز قبل حوالي عام، إذ تشير تقديرات جديدة إلى أن تبعات مقاطعة البضائع الإسبانية من طرف الجزائر أدت إلى تراكم حجم الخسائر من 600 مليون دولار نهاية 2022 إلى 2 مليار أورو الأيام الأخيرة، أغلبها خسائر مست شركات ناشطة في عدة مجالات. وفي زيارته قبل يومين إلى الجزائر حاول الإسباني جوزيب بوريل تليين الموقف الرسمي تجاه بلده لكن الجزائر، حسب الصحيفة الإسبانية، كانت مصرة، ما يعني، حسبها، أن المقاطعة سوف تستمر. وأشارت المصادر ذاتها إلى تصريح ورد على لسان بوريل بخصوص تعطل انعقاد مجلس الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي بفعل الأزمة الأخيرة بين الجزائرومدريد، مؤكدة أنه "أعرب عن أمله في التوصل إلى حل قريب للانسداد بين الجزائرومدريد، معتبرا إياه في غير صالح الطرفين". وعلقت الحكومة الإسبانية وشركات متضررة هناك آمالا على الاتحاد الأوروبي من أجل الضغط على الجزائر لرفع مقاطعتها التجارية لها، التي جاءت على خلفية تغير موقف حكومة سانشيز الاشتراكية تجاه قضية الصحراء الغربية لصالح الاحتلال المغربي. غير أن التكتل الأوروبي وعلى الرغم من القلق الذي انتابه، ترى إسبانيا أنه لم يرفع أصبعه ولم يقم بمساع ملموسة، مفسرة سلبيته بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وصعوبات الطاقة التي يمر بها الاتحاد الأوروبي ولجوء هذا الأخير إلى الغاز الجزائري. وفي أعقاب الزيارة التي قادته إلى الجزائر ودفاعه المستميت لتطبيع العلاقة مع الحكومة الإسبانية، أعربت تقارير صحفية إسبانية عن خيبة مدريد من تصلب وثبات الموقف الجزائري الذي أدى إلى ترسيخ المقاطعة وبالتالي فإن فشل بوريل ينسف تطلعات ومطالب التضامن التي أصدرها وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، للتكتل الأوروبي الذي اتضح أنه لم ينجح في إقناع الجزائر برفع العقوبات التي تطبقها بحكم الأمر الواقع. وبشأن الأزمة بين البلدين اتهمت الجزائر حكومة مدريد بعرقلة انعقاد مجلس الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يفترض أن يجسد الأولويات الجديدة للطرفين، مؤكدة أن الضغوطات التي تمارسها إسبانيا غير مجدية ولا تؤثر بتاتا، ويأتي ذلك في وقت قررت الشركات الإسبانية في الجزائر رفع دعوى قضائية ضد حكومة بيدرو سانشيز نتيجة الأضرار التي لحقت بالأعمال التجارية على خلفية الأزمة بين مدريدوالجزائر. وتشهد العلاقات الجزائرية الإسبانية، منذ بداية العام الماضي، توترا متصاعدا ألقى بظلاله على العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، ويعود الأمر إلى التغير الدبلوماسي المفاجئ صائفة 2022، عندما أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز دعم خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لتسوية ملف النزاع في الصحراء الغربية المحتلة والمستعمرة الإسبانية السابقة. وردا على هذا التحول في موقف مدريد المحايد تقليديا، أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في الثامن جوان، تعليق معاهدة الجوار والصداقة مع مدريد. وكشفت الرئاسة تعليق العمل بالاتفاقية ردا على موقف الحكومة الإسبانية الذي يعتبر منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة لملف الأزمة، ولجهود الأممالمتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام، وهي تساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في إقليم الصحراء الغربية وفي المنطقة. وفي تصعيد آخر توجهت الجزائر نحو تقييد المعاملات التجارية مع مدريد وتجميد العمليات المصرفية، هذا التجميد الذي أعلنته "الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية" في الجزائر أثر بشدة على التجارة بين البلدين. وتشير التقديرات إلى أن خسائر جميع الشركات الإسبانية التي لها تعاملات في الجزائر تتجاوز الآن 2000 مليون أورو، وهو استنزاف يؤدي في غياب أي إشارة إلى حل سريع إلى تراكم الأرقام بشكل يومي.