أكد الرئيس المدير العام للمجمع الصناعي المنجمي سوناريم )منال سابقا(، محمد صخر حرامي، في حوار ل"الخبر"، أن منجم واد أميزور يحتوي على احتياطي يعد من أكبر الاحتياطيات العالمية لمادة الزنك والمقدر ب34 مليون طن قابلة للاستغلال، مشددا على أنه تم تقديم جميع الأدلة والبراهين التقنية لتبيان أن طريقة الاستغلال المعتمدة في واد أميزور هي صديقة للبيئة وتحمي من الآثار البيئية للنشاط. تعول الجزائر على القطاع المنجمي لكسب رهان تقليص التبعية للمحروقات وتنويع اقتصادها الوطني، حيث يتوفر القطاع على إمكانيات معتبرة، ما هي الإستراتيجية المعتمدة من طرف المجمع الصناعي المنجمي "سوناريم" لتعزيز احتياطيات الجزائر من الموارد المنجمية؟ ترمي الإستراتيجية المنتهجة من طرف المجمع إلى وضع حيز التنفيذ تلك المعتمدة من قبل الحكومة وورقة الطريق المسطرة من طرف وزارة الطاقة والمناجم لخلق قيمة مضافة تجعل المجمع يساهم في تنويع الاقتصاد الوطني وإيجاد بدائل أخرى للتخلي تدريجيا عن التبعية للمحروقات والمساهمة في تعدد موارد الاقتصاد الوطني مع استحداث مناصب شغل جديدة. وترتكز إستراتيجية المجمع على أربعة محاور أساسية، أولها الرفع من القدرات الإنتاجية للموارد المنجمية، حيث يحصي المجمع ما يقارب 59 منجما يعمل على إنتاج 17 معدنا من المواد المنجمية المختلفة وأهمها الفوسفات، الحديد، الرخام والأملاح بأنواعها، زيادة على المواد غير الحديدية مثل الباريت، البنتونيت، الفلذسبات، الدولوميت والحصى. أما المحور الثاني من الإستراتيجية فيهتم بتجسيد الاستثمارات اللازمة لتثمين الموارد المنجمية بغية توفير المواد الأولية الضرورية للصناعات المحلية، وتسويق الفائض منها في الأسواق الخارجية وهو ما سيسمح بتقليص فاتورة واردات الجزائر من المواد الأولية وتعزيز خزينة الدولة بموارد إضافية من العملة الصعبة. ونحن انهينا إنجاز مصنعين في تلمسان ومعسكر لتثمين البنتونيت وكربونات الكالسيوم وفي المراحل الأخيرة من إنجاز ثلاثة مصانع أخرى بعنابة، أم البواقي وبسكرة لتثمين الفلذسبات، الدولوميت والحصى. في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن الفاتورة قدرت بالنسبة للمواد الأولية المستوردة من طرف مصانع صناعة الصلب في الجزائر ب1,2 مليار دولار، هذه الأخيرة مرشحة للارتفاع إلى ما قيمته 2 مليار دولار عند انتهاء المصانع من إنجاز جميع مشاريعها الاستثمارية الحالية، الأمر الذي يستدعي البدء في استغلال مناجم الحديد، خاصة تلك التي تتوفر على قدرات إنتاجية معتبرة، فليس من المعقول الاستمرار في استيراد الموارد المنجمية بالنسبة إلى تلك التي يثبت وجود احتياطيات ذات جدوى اقتصادية في الجزائر. كما تهدف إستراتيجية المجمع إلى تجسيد مجموعة من برامج البحث والاستكشاف والتي يقدر عددها ب26 مشروعا ممولا من طرف الدولة، حيث خصص له غلافا ماليا قدر ب4,3 ملايير دينار، ما يعادل 430 مليار سنتيم. هذه المشاريع ستسمح بتحديد القدرات الكامنة من الموارد والاحتياطيات المنجمية للمواد المحددة في برامج البحث في 35 ولاية من ولايات الوطن، كما ستعمل على تحيين الخريطة المنجمية في الجزائر وبنك المعطيات لاستقطاب المستثمرين الراغبين في إطلاق مشاريع جديدة في القطاع المنجمي، وهو ما سيمكن أيضا من تكثيف الاستثمارات في هذا القطاع سواء تعلق الأمر بالمؤسسات الوطنية أو الأجنبية.
تم إطلاق مشاريع كبرى في قطاع المناجم على غرار منجم غار جبيلات، ما مدى تطور هذه المشاريع وكيف ستساهم في تنويع الاقتصاد الوطني؟ أطلق المجمع العديد من المشاريع المدمجة التي تستلزم أيضا تجسيد مشاريع تخص مختلف القطاعات لتوفير المستلزمات من سكة حديدية لنقل المواد من وإلى المصانع، رفع قدرات الموانئ، توفير الطاقة والمياه الصناعية، حيث تقوم بالتنسيق فيما بينها بهدف العمل على تقليص مدة إنجاز هذه المشاريع والانطلاق الفعلي في استغلال وتثمين الموارد المنجمية، مثلما أمر به رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون. ومن أهم هذه المشاريع، نذكر مشروع غار جبيلات بولايتى تندوف وبشار والفوسفات المدمج بتبسة، سوق أهراس وعنابة ومشروع الزنك والرصاص بمنطقة واد أميزور بولاية بجاية. بالنسبة لمشروع غار جبيلات الذي يضم احتياطيات قابلة للاستغلال ومعتمدة تقدر في منطقة غار جبيلات غرب ب1,2 مليار طن من الحديد، فخلصت مرحلة التجارب المخبرية إلى تحديد ثلاثة أنواع من المواد التي يمكن إنتاجها انطلاقا من الحديد الخام لغار جبيلات والمتمثلة في مركز الحديد الخام الذي سيوجه لمصنع "توسيالي" وكريات الحديد المستعملة من طرف مصنع الجزائرية القطرية للصلب. أما النوع الثالث الخاص بالقوالب عالية التركيز ستستعمل لتعويض النفايات الحديدية لسد احتياجات المصانع الخاصة والتي تستعمله كمادة أولية لتصنيع منتجاتها. وتهدف إستراتيجية المجمع من خلال استغلال منجم غار الجبيلات إلى تلبية الاحتياجات المحلية لمصانع الصلب في الجزائر كمرحلة أولى والتوقف التدريجي عن الاستيراد، ما يعني توفير 1,2 مليار دولار من العملة الصعبة التي يتم تخصيصها حاليا لاستيراد الحديد من طرف مصانع الصلب في الجزائر، ثم التوجه إلى التصدير وتطوير إنتاج موارد منجمية أخرى. ومن أجل تركيز الجهود الأولية على إنتاج المواد المنجمية المطلوبة محليا، قام المجمع بإبرام اتفاقية شراكة مع مركب الحديد والصلب "توسيالي" و"فيرال" فرع المجمع لإنتاج أولي يقدر ب500 ألف طن من الخام المركز الموجه لمصنع بطيوة بوهران وذلك باستغلال 01 مليون طن من الحديد الخام لغار جبيلات. كما تم الإمضاء على بروتوكول اتفاق لشراكة أخرى مع المجمع الصيني "سي أم أش" لإنتاج مليون طن كمرحلة أولية من البلاطات الحديدية باستغلال 2 مليون طن من الحديد الخام لغار جبيلات. وسيرتفع حجم الحديد الخام المستغل في غار الجبيلات تدريجيا مع تجسيد مشاريع بأكبر طاقة للوصول إلى استغلال 50 مليون طن سنة 2040. أما بخصوص مشروع الفوسفات، فقد شرعت الشركة المختلطة الجزائرية الصينية "أ سي أف سي" في تحضير الدراسات النهائية المتعلقة بهذا المشروع، هذه العملية متواصلة للانتهاء من إعداد جميع الدراسات اللازمة والتي سيتم عرضها على مجلس مساهمات الدولة لأخذ القرار النهائي للشروع في الإنجاز. وسيسمح هذا المشروع بتحويل 10 ملايين طن من الفوسفات سنويا من منجم يلاد الحدبة بولاية تبسة لإنتاج 5 ملايين طن من الأسمدة الفوسفاتية، وهو ما سيجعل من الجزائر بلدا مصدرا للأسمدة الفوسفاتية بعد أن كان من البلدان المستوردة لها. ومن المنتظر أن يساهم مشروع الفوسفات في جلب استثمارات كبيرة في القطاع الفلاحي، إلى جانب توفير العملة الصعبة وذلك بوضع الفائض من الإنتاج في الأسواق الخارجية. وفي الأخير لا يسعني إلا أن أثمن القرارات المتخذة من طرف السيد رئيس الجمهورية فيما يخص تقليص الآجال لتجسيد المشاريع الهيكلية اللازمة لمشروعي غار جبيلات والفوسفات المتعلقة بالسكة الحديدية للنقل والموانئ وقدرات التمويل بالغاز والكهرباء والمياه، كلها قرارات ستسمح بتوافق الآجال المحددة لإنجازها مع تلك الخاصة بإنجاز المصانع ودخولها حيز الخدمة.
يعد مشروع استغلال منجم أميزور واحدا من المشاريع الإستراتيجية الاقتصادية الكبرى التي يعول عليها في تنويع الموارد المنجمية للبلاد، فما هي المزايا المنتظرة من استغلال هذا المنجم والتي ستعود بالنفع على الاقتصاد الوطني؟ منجم واد أميزور يحتوي على احتياطي يعد من أكبر الاحتياطيات العالمية لمادة الزنك والمقدر ب34 مليون طن قابلة للاستغلال استنادا لدراسات علمية تقنية موثقة ومعتمدة قامت بإعدادها الشركة المختلطة الجزائرية الأسترالية "دو بلوفي أم زاد" وذلك وفقا للمعايير المعمول بها دوليا في هذا المجال. ويعتبر مشروع واد أميزور بالنسبة للجزائر مشروعا إستراتيجيا لأهمية مادة الزنك التي تستورد حاليا بنسبة 100 بالمائة، حيث تقارب فاتورة استيرادها ما قيمته 60 مليون دولار، وهي الفاتورة المرشحة للارتفاع أكثر مع زيادة تجسيد المشاريع المستغلة لمادة الزنك كمادة أولية والتي زاد الطلب عليها كثيرا في الأسواق العالمية، ما يجعل استغلال منجم واد أميزور ذا أهمية كبيرة لأنه سيسمح أولا بتموين مصنع غزوات المتوقف حاليا بسبب عدم توفر المادة الأولية للزنك. هذا المشروع سيسمح أيضا بإنتاج 170 ألف طن سنويا من الزنك و30 ألف طن من الرصاص، حيث يمكن توجيه 70 ألف طن من الزنك الذي سيتم إنتاجه إلى مصنع غزوات فيما يتم التفاوض مع الشريك للوصول إلى اتفاق لإنشاء مصنع آخر لتحويل الفائض من الإنتاج المتبقي والمقدر ب100 ألف طن من المواد الخام وتثمينها محليا. بالنسبة للتوظيف، سيشغل المنجم ما يقارب 780 منصب عمل مباشر في مشروع واد أميزور، مع العلم أن كل عمل مباشر سينتج عنه العديد من مناصب العمل غير مباشرة والتي تتجاوز ال4000 منصب عمل غير مباشر. وسيسمح أيضا بتوفير فرص عمل محليا للإطارات والعمال المهنيين وإنتاج القيمة المضافة المحلية، لا يجب نسيان أمر مهم وهو شركات المناولة التي سيتم الاعتماد عليها لمرافقة المصانع المنجزة في المنطقة والتي ستعمل على خلق مناصب عمل إضافية، ناهيك عن الحيوية الاقتصادية التي سيوفرها عند الدخول في الاستغلال.
اتخذت السلطات العمومية قبل الشروع في استغلال منجم أميزور للزنك والرصاص، العديد من التدابير لتأمين عملية استخراج المعادن من هذا المنجم، هل يمكن إفادتنا بأهم الدراسات التي قمتم بالإشراف على إعدادها للحفاظ على صحة المواطنين وحماية البيئة؟ بالنسبة لمشروع واد أميزور، فإن الآثار البيئية له قد تم تحديدها ودراستها دراسة تفصيلية في إطار إنجاز دراسة جدوى تم تدقيقها من طرف خبراء جزائريين من الجامعات ومن وزارة البيئة. وتمت الإجابة على كل الأسئلة التي طرحت من طرف الخبراء في مجال حماية البيئة والاستغلال المنجمي. كما تم تقديم جميع الأدلة والبراهين التقنية لتبيان أن طريقة الاستغلال المعتمدة في واد أميزور هي صديقة للبيئة وتحمي من الآثار البيئية للنشاط. نفس الشيء بالنسبة لدراسة الأخطار حيث تم تعريف كل الأخطار وتحديد الآليات للتحكم بها، وهو ما يثبت بالموافقة على اعتماد الدراسات من طرف وزارة البيئة، وذلك بعد الفحص التفصيلي لكل الآثار البيئية والأخطار وطرق التحكم بها بالطريقة المعتمدة للاستغلال والتدقيق فيها من طرف خبراء ومختصين جامعيين جزائريين. وبخصوص تحضير الكفاءات البشرية، أنجزنا جسورا بين المؤسسة والجامعة ومراكز التكوين المهني لإعداد برامج تكوينية موجهة إلى الإطارات والعمال المهنيين المكلفين بعمليات الاستغلال، في حين تم الاتفاق مع الشريك الأجنبي، في حال ما استدعى الأمر إرسال إطارات في بعض التخصصات إلى التكوين في الخارج. أما بالنسبة للآثار الاجتماعية للمشروع، فإن كل المشاريع المنجمية كغيرها من المشاريع الاقتصادية الأخرى لديها تأثير إيجابي على المحيط الاجتماعي لما تساهم به في خدمة الشباب وتكوينهم والمساهمة في ترقية الرياضة للنخب المحلية والرفع من مداخيل الجباية المحلية والعديد من المساهمات في العمل المجتمعي.