تتوسع الخلافات ويتزايد التفكك داخل مجتمع الكيان الصهيوني، بعد بروز تصادم كبير في المواقف بين عائلات الأسرى المحتجزين لدى فصائل المقاومة في غزة وعائلات الجنود الذين قتلوا في المعارك على يد المقاومة، فبينما تطالب الأولى بوقف الحرب والإسراع في إنجاز صفقة تبادل تسمح باسترجاع أبنائهم، تدعو الثانية إلى استمرار الحرب والقتال ضد المقاومة، حتى تحقق ما تعتبره الثأر للجنود القتلى من المقاومة. وجد رئيس حكومة الكيان الصهيوني نتنياهو في عائلات الجنود القتلى جدار صد متقدم ضد الضغوط الشعبية والسياسية التي يتعرض لها من قبل عائلات الأسرى، حيث أعلن أنه تلقى رسائل من عائلات الجنود الإسرائيليين الذين سقطوا في الحرب ضد غزة، تطالب باستمرار الحرب في قطاع غزة، وهو ما اعتبره نتنياهو تفويضا من عائلات الجنود تسمح له بمواصلة القتال وليس بوقف إطلاق النار، وهو ما دفعه إلى الإعلان الليلة الماضية أنه سيواصل القتال وأنه لن يكون هناك وقف لحرب ضد فصائل المقاومة، على الرغم من أن نتنياهو ليس بحاجة إلى مبررات أخرى للاستمرار في الحرب، كون مصيره السياسي مرتبط باستمرارها، وعلى أمل تحقيق أية أهداف من تلك التي وعد بها منذ إطلاق الحرب البرية على غزة. وفي موقف مناقض ومتصادم مع هذا المواقف، تصر عائلات الأسرى الصهاينة، على ضرورة وقف الحرب من أجل استعادة أبنائهم عبر صفقة تبادل مع المقاومة، وتطالب الحكومة بدفع الأثمان اللازمة من أجل ذلك، على غرار صفقات تبادل سابقة تمت بين الكيان والمقاومة في لبنان أو في فلسطينالمحتلة. وأصدرت عائلات الأسرى بيانا حذرت فيه نتنياهو من المسؤولية على مصير أبنائهم لدى المقاومة، خاصة بعدما أظهرت تسجيلات بثتها المقاومة، نداءات من قبل الأسرى الصهاينة بينهم كبار في السن، تطالب بإنقاذهم وتحذر من استهدافهم، واعتبرت العائلات أن "كل دقيقة مصيرية، وأن الأسرى موجودون في خطر حقيقي على حياتهم، ونحن نستقبلهم تابوتاً بعد آخر، وجثةً بعد أخرى". فيما هاجمت العائلات الحكومة الصهيونية بتجاهلها لمصير الأسرى لدى المقاومة، وأكدت أن استرجاع الأسرى ليس ضمن الجدول الزمني للحكومة التي لا تقدم لهم أية ردود واضحة، وطالبت بسرعة تقديم عرض من الحكومة إلى حماس بشأن مسودة صفقة فورية، وأن تبادر بذلك دون أن تنتظر حركة حماس، لكن نتنياهو الذي يواجه معارضة سياسية حادة ضد خياراته السياسية والعسكرية، حيث تحمله المعارضة مسؤولية كل الإخفاقات غير المسبوقة التي حلت بالكيان، يعمد بمواقفه هذه إلى مزيد تغذية التفكك الشعبي داخل مجتمع الكيان، ويسعى إلى الاحتماء خلف عائلات الأسرى من المظاهرات والضغوط التي تمارسها ضده عائلات الأسرى في غزة لاستمرار القتال، خوفاً على مصير أبنائهم. وتشير تقديرات سياسية إلى أن الصدام القائم في المواقف داخل مجتمع الكيان وانتقال الخلافات حول الخيارات من المستوى السياسي إلى المستوى الشعبي داخل المجتمع الصهيوني، يعتبر نتيجة مباشرة لنجاح التكتيكات الإعلامية للمقاومة التي بثت سلسلة تسجيلات فيديو تم إخراجها بطريقة مؤثرة، تظهر الأسرى الصهاينة لدى المقاومة وهم يتوسلون لإنقاذهم عبر صفقة أسرى، والتأكيد أن عددا من الأسرى الذين قتلوا، تعرضوا لقصف صهيوني وقتلوا على يد الجيش الذي قال إنه يسعى إلى تحريرهم، خاصة بعد اعتراف صريح من قيادة الجيش الإسرائيلي قتله ثلاثة من الأسرى على وجه الخطأ. كما أن هذه الخلافات الشعبية وصدام الشارع داخل الكيان، يعد مكسبا مهما بالنسبة للمقاومة التي نقلت المعركة إلى داخل الكيان وعلى كل مستوياته السياسية والعسكرية والشعبية، وفقا لحجم الانتقادات الكبيرة التي تطبع المواقف، والتي دفعت رئيس الكيان هرتزوق إلى التدخل وإلقاء خطاب يطالب بتوحيد الجبهة الداخلية، بعد بروز مؤشرات هزيمة ماحقة للاحتلال.