في المقرر التعليمي الذي تمدرست عليه أجيال منّا في السبعينات والثمانينات بالجزائر، حفظنا درس الثعلب الماكر الذي يتحيّن الفرصة ليلتهم الأرانب في الحدائق، وصوّر لنا المقرر الثعلب في ثوب عجوز يخفي أسنانه الحادة ويرتدي لباسا لا يظهر ذيله ويضع نظارات جميلة حتى لا يفر منه الأرنب، وفي أي مناسبة تتاح له إلا وينقض على فريسته التي تسيل لعابه يوميا. ما حدث بين رئيس الفاف محمد روراوة والمدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش في الأيام الأخيرة، دوّخ موظفي الاتحادية، صغيرهم وكبيرهم وجعل الكثير من مقربي الرئيس يتساءلون عن نوايا البوسني ، التي تغيّرت طريقة تعامله مع الرئيس وأصبح مطيعا أكثر من المدربين المحليين الذين تعاملوا معه، إلى درجة تثير الدهشة والشكوك ، وذلك بغرض الحصول على مزايا مالية في عقده الجديد الذي كان روراوة يكفر به ويرفض قطعا التفكير في منحه سنتيما واحدا ولا يطيق حتى ملاقاة البوسني أو الحديث معه بالهاتف، وما بالك ببقائه على رأس العارضة الفنية للخضر. وسمع كل من كان في مقر الفاف الصراخ والانتقادات التي وجهها روراوة لحاليلوزيتش في الأيام الفارطة وأخرج «الحاج» ما في جعبته ضد البوسني وكان الجدال بين الشخصين يوحي بأن الطلاق بين الرجلين سيحدث قبل المونديال وليس بعده، فما الذي أقلب الأمور وجعل الحاج و «الكوتش وحيد»، يتفقان على تمديد العقد ؟ وهل وجبة العشاء التي تناولاها سويا كانت تحمل دواء عالج القلوب وسوت بينهما؟ . دون شك،فإن تغيير البوسني لأسلوبه في التعامل مع الرئيس وتوظيفه لجمل « نعم سيدي الرئيس …. وصحيح يا الرايس عندك حق … وأنت على صواب وسأفعل ما تريد …. كلها جمل توحي بأن البوسني لديه حاجة في نفس يعقوب؟. حاليلوزيتش ، الذي كان يتحدث عن عروض وصلته من الخليج ب200 ألف دولار و300 ألف دولار ويضغط لرفع أجره بالضعف، يريد الآن الحفاظ على مكاسبه في الجزائر كونه يخشى أن لا يجد منتخبا ولا ناديا محترما يقوده بعد المونديال ولا يمنحه ال100 ألف أورو التي ينعم بها حاليا. سياسة وحيد مع الفاف شبيهة بسياسة الثعلب مع أرنب الحديقة ، حيث رضخ المدرب لمنطق الرئيس ليس حبا فيه ولا لأنه اقتنع بانتقادات «الحاج»، بقدر بحثه عن إبرام عقد جديد يحمي به مستقبله ويضمن به غنيمته المالية لأطوال مدة ممكنة، ثم يكشّر عن أنيابه مجددا، فالمثل الشعبي عندنا يقول «الذيب أو الثعلب عمرو ما يتربى ديما يرعى العشوب» ، وحاليلوزيتش وجد نفسه في وضع صعب الآن جعله يدعو الرئيس إلى جلسات خاصة ومفاوضات لتكريس بقائه ، وتلبية «الحاج» لمطلب المدرب بالبقاء لا يعني بالضرورة بقاء التقني لأن نتائج المونديال هي التي ستحدد ذلك.