كما هو معلوم، كان مفروضا أن تلعب الدورة النهائية لكأس العالم في نسختها الرابعة سنة 1942 وتقدمت ألمانياوالبرازيل بطلب الاستضافة لكن بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية تم إلغاؤها، وألغيت أيضا دورة 1946 رغم نهاية الحرب قبلها بعام، وبالتالي لم تجر نهائيات كأس العالم لمدة 12 عاماً لتعود في عام 1950، وبهذا بقيت إيطاليا حاملة اللقب العالمي لمدة 12 عاما (من 1938 إلى 1950). البرازيل الوحيدة في سباق التنظيم وأملت شروطها بعد نهاية الحرب، تخوّفت «الفيفا» من عدم قدرة البلدان الأوروبية على تنظيم التظاهرة العالمية الأولى في كرة القدم ووجهت بوصلتها ناحية البرازيل التي سبق أن تقدمت بطلب التنظيم قبل اندلاع الحرب وكان مقررا أن تجرى البطولة سنة 1949 لكن البرازيل رفضت واشترطت تنظيمها في 1950 لتكون على أتمّ الاستعداد. تصفيات بمنتخبات منهكة وانسحابات بالجملة انطلقت تصفيات مونديال البرازيل بعدد أقل من المرة السابقة، حيث شارك 34 منتخبا عبر العالم من أجل افتكاك 14 تذكرة إلى مونديال البرازيل وكانت آثار الحرب العالمية لم تزل بعد كما انسحب العديد من المنتخبات خلال التصفيات ولم تشارك ألمانيا الغربية واليابان بسبب الاحتلال أما حامل اللقب المنتخب الإيطالي، فكان على وشك الانسحاب لولا تدخل «الفيفا» وتكفلها بجميع مصاريفه . العودة لنظام المجموعات وانسحاب ثلاثة منتخبات متأهّلة خصصت البرازيل لهذه التظاهرة ستة ملاعب في عدة مدن برازيلية كان أكبرها وأفضلها على الإطلاق ملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو الذي يتسع لحوالي 200 ألف مشجع وقررت «الفيفا» العودة لنظام المجموعات، لكن قبل النهائيات حدثت تطورات جديدة تتمثل في انسحاب ثلاثة منتخبات وهي الهندوتركيا وأسكتلندا وكان انسحاب الهند طريفا بسبب تعوّد لاعبيها على اللعب حفاة وإجبار «الفيفا» لهم على ارتداء الأحذية في النهائيات جعلهم ينسحبون، هذا ما جعل العدد يتقلص إلى 13 منتخبا هي البرازيل، إيطاليا، سويسرا ،السويد، يوغسلافيا، إسبانيا، أمريكا، المكسيك، إنجلترا، الأوروغواي، الباراغواي، الشيلي وبوليفيا . البرازيل دشّنت البطولة برباعية وتأهّلت دون عناء للمرحلة النهائية انطلقت كأس العالم في بلاد السامبا يوم 24 جوان 1950 بلقاء المجموعة الأولى في ماراكانا بين البرازيلوالمكسيك التي اكتسحتها برباعية دون رد، كما فازت أيضا في مجموعتها على يوغسلافيا 0-2 أما سويسرا ففرضت عليها التعادل وأحرجتها أمام جماهيرها في ساو باولو 2-2 وتأهلت البرازيل للمرحلة النهائية بصدارتها للمجموعة بخمس نقاط متقدمة على يوغسلافيا وسويسراوالمكسيك متذيلة المجموعة بدون رصيد. إسبانيا هيمنت على مجموعتها وإنجلترا خيّبت في أول ظهور لها في المجموعة الثانية، تمكنت إسبانيا من الهيمنة عليها بالطول والعرض وفازت في جميع المقابلات بداية بالمنتخب الأمريكي 1-3 و الشيلي 0-2 و إنجلترا 0-1 وتأهلت في الصدارة بست نقاط وكانت كل الأنظار متجهة للمنتخب الإنجليزي العريق في أول مشاركة له في المونديال خصوصا أن الجميع رشحه للفوز بسهولة بالكأس لكنه خيب الجميع رغم فوزه في أول لقاء على الشيلي 0-2 لكن بعدها أخفق أمام الولاياتالمتحدة وانهزم بهدف دون رد في أول مفاجأة في تاريخ المونديال ليعود الإنجليز بخفي حنين إلى الديار. السويد أزاحت حامل اللقب في المجموعة الثالثة، كان مقرّرا أن تلعب بأربعة منتخبات لكن بعد انسحاب الهند، بقي ثلاثة واعتقد الجميع أن إيطاليا حاملة اللقب لن تجد صعوبة في تخطي السويد والباراغواي لكن كان للسويديين كلام آخر بعد فوزهم على إيطاليا بملعب ساو باولو 2-3 بفضل تألق جيبسون مسجل ثنائية، ولم يشفع للطليان فوزهم في اللقاء الأخير على الباراغواي0-2 فيما اكتفت السويد بنقطة لضمان التأهّل بعد تعادلها مع الباراغواي 2-2 . الأوروغواي تأهلت بعد حصة تدريبية أمام بوليفيا أما في المجموعة الرابعة والأخيرة وبعد انسحاب تركيا وأسكتلندا، لم يبق سوى الأوروغواي وبوليفيا ليحتكم الفريقان للقاء فاصل للتأهل للدور الأخير وكان في تجاه واحد، سحقت فيه الأوروغواي جارتها بنتيجة 8-0 وأرسلت إنذارا مبكرا للبرازيليين . نهائيّ على شكل بطولة مصغرة المرحلة الأخيرة لتحديد البطل، كانت على شكل بطولة مصغرة بين أربعة منتخبات وأكبر فريق يحصل على النقاط يفوز بكأس العالم، واستهلت البرازيل المشوار بفوز ساحق على السويد 1-7 وسط تألق كبير لهداف الدورة أدمير مسجل رباعية كاملة، واستمر العزف البرازيلي المنفرد في اللقاء الثاني واكتسحوا مجددا الإسبان بنتيجة 1-6، أما الأوروغواي فقد تعادلت مع إسبانيا 2-2 وفازت على السويد 2-3 مما جعل اللقاء الأخير بين البرازيل والأوروغواي حاسما في تحديد الفائز باللقب. الأوروغواي حققت المستحيل وألم البرازيل استمرّ لسنين كان التعادل، يكفي البرازيل للتتويج أما الأوروغواي فكانت مطالبة بالفوز، ولعب اللقاء يوم 16جويلية في ماراكانا أمام جمهور قياسي وافتتح أصحاب الأرض باب التسجيل عن طريق فرياسا في الدقيقة ال 47 قبل أن يعدل شيفينو في الدقيقة ال 66، وفي الدقيقة ال79 أطلق شيجيا رصاصة الرحمة مانحا اللقب الثاني للأوروغواي وترك صدمة كبيرة وجرحا عميقا لدى البرازيليين لم ينسوه على مرّ السنين وما زالوا يتجرعونه حتى اليوم فيما استحق أشبال المدرب فونتانا التقدير بعد أن حققوا معجزة وخطفوا اللقب من فم الأسد . باربوزا الحارس الطائر الذي حوّلته مقابلة واحدة من أسطورة إلى شخصية مكروهة مواسير باربوزا، حارس المنتخب البرازيلي الذي صنع الحدث في تلك الدورة وكان قبل اللقاء النهائي أفضل حارس في البرازيل والعالم، لكن بعد خسارة البرازيل الكأس على أرضه، حمّله الجميع المسؤولية وأصبح بعدها منبوذا ومكروها طوال حياته بسبب مقابلة واحدة وله تصريح شهير قال فيه (في البرازيل من يقتل يعاقب بعشرين سنة، أما أنا فبقيت معاقبا طوال حياتي دون أي جريمة)، ولد باربوزا سنة 1921 وحرس عرين فاسكو ديغاما وأنهى مسيرته سنة 1962 وبقي بعدها منسيا ومكروها بسبب تلك المواجهة حتى وفاته سنة 2000.