إن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تمت ترجمتها أيضا في محبة أبنائه وآل بيته، وبالأخص الأربعة منهم وهم فاطمة، علي، الحسن، والحسين، وقد يعتقد البعض هذا نوع من التشيع أو بقايا من آثار المذهب الشيعي الفاطمي، إلا أن الكثير يدرك أن معظم الدول التي تأسست في المغرب الإسلامي سواء كانت عربية أو بربرية بحثت لها عن صلة بنسبها للرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى وإن كان هذا ادعاء، إلا أنه يخدم هذه الدول ويجعل الأمراء والملوك منها محببين لدى العامة احتراما للرسول صلى الله عليه وسلم وآل بيته. أما المنارات العلمية كالزوايا والمدارس الصوفية التي تسمى بالطرقية، فمعظم أقطابها ينتسبون إلى هذه الدوحة الكريمة، إضافة إلى ذلك فإن شعراء الملحون لا يمكن ان تكون أشعارهم ذات جودة وذات صيت وشهرة إن هي لم تتطرق إلى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وآله، ورغم ما كان يشتهر به الشعراء من مجون، الا أنهم لا يمكنهم تخطي هذه الخطوط، وكثيرا ما يتحولون الى شعراء خواص للرسول وآل بيته والاعتزال من الأغراض الأخرى كالغزل، وفي مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، الشاعر الشعبي يهتم بالشكل الخارجي ويصف جمال الرسول وصفا غزليا وكأنه يتغزل بامرأة جميلة، وإن تطرق الى المعجزات التي جاء بها، فإنه يصف شق القمر، هروب الغزالة إليه من الصياد، اشتكاء الجمل اليه، اعادة عين قتادة، تحويل غصن من شجر الى سيف ويسلمه الى عكاشة، إطعام الجيش من حفنة تمر، تدفق الماء من أصابعه، ودخوله غار ثور مع الصديق وغيرها من الآثار المثبتة في سيرته صلى الله عليه وسلم، وأيضا هناك اشياء ربما مستوحاة من الإسرائيليات، وربما ايضا بعض القصص التي نسجها الشيعة والصوفية حول آل البيت، وأيضا حول العلماء والصالحين والأضرحة حيث تختلط هذه الموروثات مع بعضها. فاطمة الزهراء بنت رسول الله نالت قسطها من الحب، فهي أم الشرفاء التي منها عقب الرسول صلى الله عليه وسلم في ابنيها الحسن والحسين، وتمجيدا لهذه السيدة العظيمة، سيدة نساء اهل الجنة وتكريما لأم سادة شباب اهل الجنة وابنة خير من وطأ الثرى، تغنى الشاعر الشعبي الجزائري بالزهراء عليها السلام وبأبنائها وزوجها علي بن ابن طالب وخلق لها القصص في المعارك التي كان يخوضها علي بن ابي طالب ضد الكفار، وخصوصا اليهود الذين خانوا الرسول وغدروا به وخالفوا العهد والميثاق الذي عقدوه معه، ولم تأت قصائد شعراء الملحون اعتباطية في ذكرهم لليهود، وإنما لها رمزيتها ودلالتها، خصوصا ابان المقاومات الشعبية التي خاضها الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي، حيث كان قادة هذه المقاومات معظمهم من آل البيت، امثال عبد القادر، المقراني، لالة فاطمة انسومر، بوبغلة وغيرهم، يقول الشاعر الشعبي الشهير ابن قيطون في يمدح في الزهراء: "باسم الله جبت القول جديد على المقدودة بنت الطاهر الرسول الزهرة جاتني كوده فاطمة زينت النسب زوجة علال بن طالب صيد على أشبال يترقب عنهم ضارب عينه أقباس ومشاهب سمو يلعب فاطمة يا أم الحسين والزهرة زينت الهدى صلوا بناس مجملين وارضوا على المقدودة" هكذا كان حب رسول الله وأهله يترجم عند شعرائنا الفحول من البصيري ولخضر بن خلوف إلى كل الشعراء الذين أنجبتهم الجزائر.