عاشت مدينة القدس الشريف في أول جمعة من الشهر الفضيل، يوما استثنائيا بمناسبة تشييع آلاف الفلسطينيين جثمان الشهيد محمد ابو خضير البالغ من العمر 16 عاما الذي اغتيل الأربعاء الماضي، بمدينة القدس الشرقية من طرف متطرفين يهود وقد عثر عليه مقتولا ساعات بعد اختطافه وأثار التعذيب والحرق على أجزاء من جثته. وفرضت قوات الاحتلال طوقا امنيا غير مسبوق على أطراف المدينة المقدسة في محاولة لاحتواء أي انزلاق في حال اندلعت مواجهات بين المشيعين وتعزيزات قوات شرطة الكيان المحتل. وزادت درجة الاحتقان وخاصة وان مراسيم التشييع تزامنت وأول جمعة من الشهر رمضان، والتي عادة ما يعرف فيه المسجد الأقصى توافد عشرات آلاف المصلين لأداء صلاة الجمعة في أولى القبلتين وثالث الحرمين. واستشعرت حكومة الاحتلال مخاطر انزلاق الوضع في المدينة المقدسة وهو ما جعلها تتخذ منذ مساء الخميس إجراءات أمنية استباقية عمدت من خلالها إلى منع وصول المصلين منذ فجر أمس الجمعة، الى المسجد الأقصى ولم تسمح سوى للذين تجاوزوا سن الخمسين والنساء من بلوغ باحات المسجد في نفس الوقت الذي منعت فيه وصول سكان الضفة الغربية الذين اعتادوا على أداء صلاة الجمعة في الحرم المقدسي بعد أن فرضت إجراءات أمنية على كل المعابر العسكرية الفاصلة بين القدس وهذا الجزء من الأراضي الفلسطينية. وزادت حدة الاحتقان بالقدس الشرقية حيث يقطن الشاب الفلسطيني الشهيد بعد أن أكد محامي عائلته أن جثته أحرقت عن آخرها في عملية تمت بحقد "نازي" مع سبق الإصرار والترصد على اعتبار أن منفذي هذه الجريمة الشنعاء تحينوا وجوده في طريق معزول واقتادوه الى إحدى الغابات في الجزء الغربي للمدينة قبل أن يغتالوه بأبشع الأساليب. وتعيش مدينة القدس منذ ذيوع خبر تنفيذ مستوطنين لهذه الجريمة حالة تصعيد بعد أن خرج الفلسطينيون في مسيرات احتجاجية ودخولهم في مواجهات مع قوات الجيش والشرطة وخاصة في حي الشوافات حيث يقطن محمد أبو خضير. وزادت المخاوف من احتمالات أن يؤدي التصعيد الإسرائيلي الى اندلاع انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية قد تكون الأعنف من سابقاتها وخاصة وان حكومة الاحتلال ما انفكت توفر ظروف هذه الانتفاضة من خلال حملة اعتقالات وقمع متواصلة ضد الفلسطينيين سواء بالضفة الغربية أو قطاع غزة. وتزامنا مع أجواء التصعيد بدا الحديث يدور منذ أمس، في مدينة غزة والقاهرة والكيان المحتل عن مساعي مصرية من اجل إقناع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وحكومة الاحتلال بالالتزام ببنود الهدنة الموقعة بين الجانبين وتفادي الانزلاق باتجاه المواجهة المفتوحة. وهو الانزلاق الذي بدا واضحا بعد أن عمدت طائرات الجيش الإسرائيلي الى قصف عدة أهداف في قطاع غزة، بدعوى الرد على قصف كتائب عز الدين القسام أهداف إسرائيلية ردا على اغتيالات راح ضحيتها عدد من الفلسطينيين وحملة الاعتقالات التي طالت عناصر الحركة في الضفة الغربية على خلفية اختطاف ثلاثة جنود إسرائيليين في إحدى المستوطنات. وأكد مسؤول في حركة المقاومة الإسلامية دون أن يكشف عن هويته أن السلطات المصرية باشرت فعلا وساطة بين الجانبين من اجل "استعادة الهدوء الى قطاع غزة". في نفس الوقت الذي أكد فيه بسام نعيم، العضو القيادي في حركة حماس أن هذه الأخيرة ليس لها أية مصلحة في حدوث انزلاق أمني جديد أو حرب في غزة".