رغم ما حلّ بقطاع غزة من دمار في البنى الحيوية ومساكن العزّل الآمنين، وما أزهق من أرواح الأطفال والنساء والشيوخ فإن المقاومة انتصرت، لأن العدوان إذا لم يحقق أهدافه فهو مهزوم، والمقاوم إذا صمد ولم ينكسر فهو منتصر. فشمعون بيريز يقول إن هذه هي الحرب الأولى التي تشنّها اسرائيل على غزة وغالبية العرب معها، يساندونها بحصار المقاومة بمختلف فصائلها، إلى جانب الدعم السياسي، وبالرغم من ذلك فصواريخ المقاومة أمطرت كل مدن فلسطينالمحتلة بما فيها القدس وتل أبيب، ولم يستطع الجيش الاسرائيلي "الذي لا يقهر" أن يوقفها أو يقضي على الأنفاق. إن المقاومة الفلسطينية في ردها على العدوان الاسرائيلي كشفت عن بعض ما تمتلكه من مفاجآت كان أولها الصواريخ بعيدة المدى، ثم الهجوم عن طريق البحر بواسطة الضفادع البشرية، ثم استعمال الطائرات بدون طيار، والإنزال خلف خطوط العدو، وذلك ما أربك قيادة أركان العدو، مما جعل أحد ضباطه يقول: "هناك فجوة كبيرة بين ما تدربنا عليه وما واجهناه في الميدان"، وحسب ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن موقع (0404 العبري) على الانترنيت فإن فصيلا من لواء غولاني تمرد على قائده ورفض القتال في غزة. والنقطة الهامة في هذا العدوان أن المقاومة لأول مرة تنقل المعركة إلى كل المدن الاسرائيلية، عكس ما تعودت عليه اسرائيل في حروبها السابقة التي كانت تدور خارج أراضي التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني. وما يحسب للمقاومة أنها كانت تقاتل الذين يحملون السلاح، ولم تتعرض للمدنيين عكس جيش الاحتلال الذي لجأ إلى هدم البيوت على ساكنيها من الأطفال والنساء والشيوخ انتقاما من رجال المقاومة. رد المقاومة في ظل هذا التشرذم العربي، وبهذه القوة والجهوزية ينبئ بأن معركة التحرير ليست ببعيدة، ولم تعد أمرا مستحيلا، ولنا في التاريخ دروس وقدوة، فالثورة الجزائرية انتصرت والميز العنصري اندحر في جنوب إفريقيا، وجدار برلين سقط، وأسطورة الجيش الذي لا يُقهر تحطّمت على صخرة المقاومة.