تعيش القدسالمحتلة على صفيح ساخن في ظل تصعيد إسرائيلي خطير من حملات قمعية، واعتداءات ممنهجة ضد المواطنين الفلسطينيين ومقدساتهم الإسلامية، في مشهد غذى بوادر اندلاع انتفاضة جديدة في المدينة المقدسة. وفي سياق الأجواء المشحونة التي تشهدها القدس اقتحمت أمس، مجموعات من المستوطنين اليهود ومن المجندين بالزي العسكري بقيادة عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف شولي معلم، من حزب "البيت اليهودي" المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة. وتتواصل الاقتحامات وسط حماية من قوات الاحتلال على البوابات الرئيسية للمسجد الأقصى بمنع الفلسطينيين الذين تقل أعمارهم عن الأربعين سنة من دخول الأقصى منذ صلاة الفجر، بينما احتجزت بطاقات هوية المصلين على البوابات الرئيسية لحين خروج أصحابها. وهو ما أثار حفيظة دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، التي استنكرت بشدة عمليات الاقتحام التي تطال الأقصى، وحذّرت من خطورة ما يتعرض له من إجراءات عنصرية تزيد فقط في تغذية العنف الديني بالمنطقة. وهي قيود وإجراءات قمعية استفزازية تريد إسرائيل من خلالها تضييق الخناق أكثر على الفلسطينيين، وإحكام قبضتها على القدس الشريف بقدر ما تغذّي مشاعر الغضب لدى شعب محتل بدأ صبره ينفذ وبدأت معه مؤشرات انتفاضة ثالثة تلوح في الأفق. وهي مؤشرات استشعرتها إسرائيل واستشعرت معها الانفجار الوشيك الذي قد يعصف بالقدسالمحتلة، وبالتأكيد لن يصب في صالح حكومة احتلال تريد أن تجعل من القدس العاصمة الأبدية لدولة عبرية خالصة لليهود وخالية من العنصر العربي والإسلامي. وهو ما دفعها إلى فرض إجراءات أمنية مشددة من تكثيف للحواجز الأمنية ونقاط التفتيش، وتطويق للأحياء العربية بالبلدة القديمة التي شهدت أحياؤها على غرار العيساوية والشوافات ووادي جوز وسلوان الذي يشهد مواجهات عنيفة اعتقلت على إثرها قوات الاحتلال ما لا يقل عن 23 فلسطينيا في ظرف ثلاثة أيام يضافون إلى 111 فلسطينيا اعتقلوا منذ 22 أكتوبر الماضي بالقدس الشرقية. وكان 19 فلسطينيا أصيبوا بالرصاص الحي والمعدني المغلّف بالمطاط مساء أول أمس، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة سلمية بالقرب من حاجز قلنديا العسكري بشمال القدسالمحتلة، في وقت اتسعت فيه حملة الاعتقال الإسرائيلية لتطال سكان الضفة الغربية، حيث اعتقل سبعة فلسطينيين ليلة الأحد إلى الاثنين. وأكد نادي الأسير الفلسطيني، أن هذه الاعتقالات رفعت تعداد الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال إلى أكثر من 7 آلاف أسير من بينهم 550 معتقلا إداريا. ومع تفاقم الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وخاصة بالقدسالمحتلة، أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن أمله في الاتفاق مع الإدارة الأمريكية على صيغة مشروع القرار الفلسطيني المنوي طرحه على مجلس الأمن الدولي، للمطالبة بتحديد سقف زمني لإقامة الدولة الفلسطينية. وقال عباس، خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عقد أول أمس، بمدينة رام الله في الضفة الغربية "لدينا وفد الآن في واشنطن، للحوار مع الإدارة الأمريكية حول مضمون مشروع القرار إلى مجلس الأمن". وأضاف "نأمل أن نتفق على صيغة مفيدة بأن يشمل القرار الأرض الفلسطينيةالمحتلة عام 1967، بما فيها القدس لتكون أرض دولة فلسطين، ولابد من تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال". ولكن أمل الرئيس الفلسطيني، قد يتبخر باعتبار أن الولاياتالمتحدة نظرت بعين الريبة والشك إلى المبادرة الفلسطينية الجديدة، وهي التي لم تستسغ فكرة إقامة دولة فلسطينية خارج إطار مفاوضات السلام التي كانت تشرف عليها وكانت تنتهي في كل مرة بالفشل.