تشارك فلسطين بوفد رفيع المستوى في فعاليات المهرجان الثقافي العربي الهندي الذي تحتضنه الجزائر، من خلال نشاطات ثقافية وفنية متنوعة تحكي القضية والحنين وتسلّط الضوء على ما تعانيه الثقافة الفلسطينيةوالقدس من طمس وتشويه منظم، وفي هذا الإطار، التقت "المساء" بالأستاذ مراد السوداني رئيس اتّحاد أدباء فلسطين وأمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم الذي أثار موضوع دعم فلسطين لصدّ مخططات التهويد، منوّها بالدور الإيجابي الذي لعبته وتلعبه الجزائر لصالح القضية بكل ما تملكه من ثقل عربي. ماذا تحمل زيارتكم هذه للجزائر؟ — زيارتنا للجزائر تدخل في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين المشهدين الثقافيين بين الجزائروفلسطين، وكذا في إطار المهرجان العربي الهندي الذي تحتضنه الجزائر العاصمة وبعض الولايات، حيث نقوم على هامشه بتقديم عدد من الفعاليات، فمثلا نشّطنا قراءة شعرية بالمكتبة الوطنية ضمن مشاركة عربية مكثّفة، إضافة إلى تنشيطنا لمحاضرة خاصة بثقافة المقاومة رفقة زملائي من الوفد الفلسطيني المشارك، كالأستاذ موسى أبو غربية من وزارة الثقافة الفلسطينية الذي تحدّث عن القدس ومحاضرة لوليد عبد السلام التي رصدت المشهد الثقافي الفلسطيني، وكذا المؤسّسات الثقافية الفلسطينية ذات الصلة ابتداء من وزارة الثقافة إلى اتّحاد الكتاب، مما يعزّز الحضور الفلسطيني في المشهد الثقافي الجزائري ويؤكّد على مدى التعاون بين بلدينا الشقيقين. ما هي مؤشّرات هذا التعاون الثقافي؟ — أثناء تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية " سنة 2007، طبعت الجزائر 300 كتاب فلسطيني، وهو الأمر الذي فكّ الحصار عن الكتاب الفلسطيني وأعاد انتشاره في الوسط الثقافي الجزائري والتعريف به في مختلف المناسبات والأماكن، ونعتبر ذلك بادرة حصرية وسابقة تفرّدت بها الجزائر عن باقي الدول العربية، ونحن كفلسطينيين نثمّنها ونتمنى من باقي الدول العربية أن تحذو حذوها لفكّ الحصار عن فلسطين وجعل المثقف الفلسطيني حاضرا في جلّ الفعاليات. من جهة أخرى، فإن إتّحاد الكتّاب الجزائريين واتحاد الكتّاب الفلسطينيين وقعا منذ سنتين اتفاقية تعاون نطمح اليوم إلى تفعيلها من أجل تعزيز الدور الثقافي بين البلدين، وأشير إلى أنّه تمّ انتخابي قبل سنتين، أمينا عاما مساعدا أوّل لأمين اتّحاد الكتّاب العرب وتنازلت عنه لصالح الجزائر كي نقول شكرا لها.. شكرا على ما قدّمته لفلسطين، وضمن إطار "القدس هي كل عاصمة عربية"، نتذكّر ما قدّمته الجزائر وبشكل استثنائي للشعب الفلسطيني وقيادته من قبل ومن بعد. تتحدّثون عن القدس، ما تعليقكم على مخططات التهويد التي تستهدفها؟ — القدس أقرب نقطة بين السماء والأرض، تتعرّض الآن كما لم تتعرّض من قبل، لمحاولة محوها وإلغائها من خلال التهويد والحفريات التي يقوم بها الكيان الصهيوني لطمس معالمها، قصد بناء الهيكل المزعوم مكان الأقصى الشريف، من هنا فإنّ القدس عاصمة يجب أن تكون في قلب اهتمام مؤسّسات ووزارات الثقافة العربية، وهذا الاهتمام هو انتباه وضرورة لدعم المقدسيين ولشعبنا الفلسطيني الذي يدافع بشبابه وشيوخه ونسائه وأطفاله وبلحمه الحي لاسترداد حقوقه المنهوبة، ونحن أيضا محتاجون إلى هذه الثقافة المقاومة، وعلى القدس أن تبقى حاضرة في ظلّ هذه الفوضى السوداء التي تزحف بربيعها الأسود لتفكيك المنطقة، حيث حرفت الأنظار مؤخّرا عن "مدينة الله" وتركت وحدها تقاوم هذا الغول الصهيوني.. علينا جميعا أن نستعيد المبادرة على الصعيد الثقافي كي يبقى سياق الاهتمام، مما يعزّز صمود شعبنا لمواجهة هذا الاحتلال الذي يكرّس كلّ طاقاته لاستباحة المدينة. ماذا عن دور المنظّمات الدولية، وعلى رأسها "اليونسكو" في حماية تراث القدس وهويتها؟ — إنّ حجم التدخّل الدولي والمنظّمات الدولية في موضوع القدس والآثار لم يكف العدو، أي يد إسرائيل، عن استباحة وسرقة آثار القدس ووصل بهم الأمر إلى تقديم إسرائيل لوردة قرن الغزال الفلسطينية مؤخرا، بمهرجان في الصين على أنها يهودية، بالتالي فهم يحاولون سرقة وردة كفلسفة لسرقة الذاكرة والتاريخ الفلسطيني واستباحة الوعي، بالتالي المطلوب عربيا ودوليا أن يتم وضع القدس على قائمة الاهتمام والدعم، مما يعيد لها دورها في الصدارة بما يليق بقدسيتها. ماذا عن الأرشيف الفلسطيني الموجود في الجزائر، هل سينتقل إلى أصحابه؟ — لقد تمّ التواصل مع العديد من المؤسسات الإعلامية والثقافية الجزائرية لاستعادة الأرشيف الفلسطيني المحفوظ في الجزائر، منها مثلا، مؤسّستا الإذاعة والتلفزيون التي بها الكثير من هذا الأرشيف الوطني الفلسطيني ونأمل دائما في المزيد منه، إضافة إلى أرشيف مركز الأبحاث الفلسطيني الذي تمّ استلامه سنة 1982 في عملية تبادل الأسرى، والذي نقل إلى الجزائر، وهو يمثّل ذاكرة الثورة الفلسطينية. كيف تنظرون كفلسطينيين إلى مستقبل الوحدة الوطنية؟ — بالنسبة لنا، فإنّ الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار التي تصر عليها القيادة الفلسطينية في ظلّ حالة الاشتباك مع العدو واستطالته الدولية وضغطها لقبول أنصاف الحلول، إلاّ أنّ ثبات القيادة أعطى مؤشرا واضحا للجميع بأنّ فلسطين على قلب رجل واحد، ومهما حدث من اختلاف في أوجه الرؤى بين الأشقاء، فإنّ التناقض الرئيسي هو هذا العدو، لذلك يتم الارتقاء بالدور وتحمل المسؤولية لكي تعود غزة إلى سياقها الطبيعي، باعتبارها جزءا عزيزا وأصيلا في خريطة فلسطين وفي وعيها وذاكرتها ونضالها.