جرت أمس، في ستة مراكز استشفائية جامعية عبر الوطن، أولى عمليات زرع القرنية (18 عملية) بعد قرابة أربع سنوات من التجميد، من بينها مستشفى مصطفى باشا، الذي شهدت مصلحة طب وجراحة العيون به إجراء أربع عمليات خضع لها أربعة شبان كانوا ضمن قائمة الانتظار التي تضم قرابة 2000 مريض. وقد وزع معهد باستور الجزائر، في حصة أولى أربعين قرنية تم استيرادها مؤخرا من الولاياتالمتحدةالأمريكية، على عدد من المستشفيات عبر الوطن لتستمر عملية الزرع بمعدل مرتين في الشهر وألف عملية في السنة، إلى غاية استكمال جميع المسجلين بقائمة الانتظار. وعلى غرار مستشفيات كل من بارني وبني مسوس والبليدة ووهران وتيزي وزو والبليدة وعنابة عادت الحركة أمس، إلى مصلحة طب وجراحة العيون بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، حيث خضع أربعة مرضى كلهم شباب لعملية الزرع بعد استلام المصلحة أربع قرنيات على أن تجرى العملية الخامسة اليوم بنفس المصلحة، علما أن ذات المصلحة تسجل قرابة 400 مريض مسجل في انتظار العملية التي ستسمح لهم برؤية النور مجددا وإنهاء معاناتهم إلى الأبد. وأكدت البروفيسور وريدة أوحاج، أخصائية في جراحة العين ورئيسة الجمعية الجزائرية لأمراض العيون، التي أشرفت على عمليات الزرع ل«المساء"، أن استئناف هذه العمليات أمر جيد ويعد بشرى كبرى للمرضى الذين انتظروا سنوات بعد أن علّقت الجزائر استيراد القرنيات وتوقفت معها عمليات الزرع بسبب مشكل إداري بين المستورد الخاص ووزارة الصحة، هذه الأخيرة التي درست الملف بشكل جيد لتقرر في النهاية تكليف معهد باستور بمهمة الاستيراد مباشرة من البنوك الأجنبية، وعدم الاستعانة بأي وسيط ليقع الاختيار في النهاية على مجموعة بنوك أمريكية لما تقدمه من امتيازات لاسيما في مجال تأمين العضو ومدة صلاحيته التي تمتد إلى 14 يوما. ودامت عملية الزرع التي حضرتها "المساء" صبيحة أمس، ساعات طويلة، حيث خضع لها أربعة شبان من بينهم شاب في ال28 من عمره وشابة تبلغ من العمر 22 سنة مصابان بمرض وراثي تطورت حالتهما مع مرور الزمن إلى أن فقدا البصر. وبغرفة العمليات حيث كانت تجري العملية التي تتسم بشدة الدقة، لم تتردد البروفيسور أوحاج، في شرح العملية لتنطلق من التعريف بوظيفة القرنية وبشكلها الطبيعي إلى أسباب إتلافها والأشكال التي تتحول إليها بعد إصابتها بمرض أو التشوه. وأبرزت الأخصائية أن مثل هذه العمليات حساسة للغاية وتتطلب الدقة والاحترافية العالية، مما يفسر الاستيراد بكميات صغيرة ومتقطعة وضبط برنامج لإجراء العمليات فور وصول الأعضاء المستوردة قصد ضمان نجاح العملية. كما رحبت الأخصائية باستئناف مثل هذا النشاط الذي يعد أمرا هاما وحيويا بالنسبة للمرضى، كما يعد فرصة لدعم وتعزيز تكوين الممارسين في هذا المجال، داعية في هذا الصدد إلى ضرورة العمل على تكوين الأعضاء الموجهة للزرع، محليا، لا سيما القرنية وذلك بإقناع المجتمع بأهمية التبرع بأعضاء المتوفين إكلينيكيا وهي العملية التي لا تتنافى لا مع القانون ولا مع الشريعة الإسلامية. وكشفت المتحدثة، بالمناسبة أن وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بصدد التحضير لإنشاء بنك للعيون وحضّرت النص القانوني المنظم له، كما رصدت الغلاف المالي المخصص له والذي من شأنه المساهمة في وضع حد لاستيراد قرنية العين من الخارج إلا أن ذلك يبقى –حسب الأخصائية وريدة أوحاج مرهونا بإقناع الجزائريين على أهمية ونبل مسألة التبرع بالأعضاء وإنقاذ حياة أشخاص أحياء باستغلال أعضاء الأشخاص المتوفين إكلينيكيا. من جهتها أكدت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، على لسان المدير العام للمصالح العامة حاج محمد، أن مصالحه لقيت صعوبة في اقتناء البنك المصدر للقرنيات، حيث تم الاتصال بعشرة بنوك لتتلقى الإجابة من بنكين أمريكي وفرنسي. موضحا أن الاختيار وقع على البنك الأمريكي لما يعرضه من ظروف جيدة للحفظ. وأضاف المسؤول أن عملية الزرع ستتواصل عبر المستشفيات بمعدل مرة في 15 يوما إلى غاية الاستجابة لجميع الطلبات.