الأحداث والاحتجاجات والنقاشات التي أثارتها فكرة استغلال الغاز الصخري في بلادنا ظاهرة صحية من حيث الأساس لكنها أخذت أبعادا سلبية عندما ركزت على سلبيات العملية دون النظر إلى إيجابياتها الاستراتيجية والاقتصادية، وإلى الآفاق التي ستفتحها لتنويع مصادر الطاقة التي أصبحت عصب الحياة. وكثيرون يقفون اليوم في مفترق الطرق حيال الشروع في استغلال الغاز الصخري بين مؤيد ورافض وواقف على الحياد، وما يؤسف له حتى الآن أن الصوت الرافض للفكرة هو الذي علا في غياب أصوات أخرى وعلى رأسها أصوات المعرفة على اعتبار أن ”الناس أعداء ما جهلوا”. والمصيبة عندنا هو الاصطفاف غير الواعي البعيد عن المعرفة التي هي أساس التقدم الذي يشهده العالم اليوم، فترى المؤيد يؤيد من أجل التأييد والرافض يرفض من أجل الرفض، والمتفرج يتبنى منطق ”تخطي راسي”، وكل هذه مظاهر لا تخدم أية مصلحة عامة كانت أو شخصية. والسؤال اليوم لماذا الاحتجاج على استغلال الغاز الصخري بالذات دون سواه من استغلال الطاقة وغير الطاقة؟ مع العلم أن استغلال الثروات الأرضية يضر حتما بالبيئة، غير أن هذه الأضرار لا تساوي شيئا أمام الخدمات الجليلة التي وفرتها للإنسان وللتقدم الاقتصادي والتقني. وما يؤسف له أن رفض استغلال الغاز الصخري أحدث ضجة كبيرة عندنا دون ركائز علمية يستند إليها، كما لم تقدم الهيئات المبادرة بهذه العملية ما يكفي من معلومات لتجنب هذه الاحتجاجات وغلق الطريق أمام المتاجرين بأمن الشعوب واستقرارها والتلاعب باقتصادياتها عن طريق تحريك مثل هذه الملفات للإبقاء على السيطرة على ثروات هذه الشعوب. ولعل القارئ يجد في تناول ”المساء” لهذا الملف الاقتصادي - العلمي ما يعرفه بهذه الطاقة وايجابياتها الكثيرة، على المستويين الاقتصادي والاجتماعي دون الإضرار المزعوم بالبيئة.