أجمع خبراء في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال على فشل كل محاولات إطلاق نظام التعليم الإلكتروني بالجزائر مع سوء فهم الأهداف الحقيقية من وراء إطلاق الألعاب الذكية التي ترفع من مستوى ذكاء الطفل وحتى العامل. وأرجع الخبراء سبب الفشل إلى عزوف الأساتذة المحاضرين عن المشاركة في مثل هذه المبادرات رغم توفر التجهيزات الإلكترونية التي صرفت عليها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي 130 مليار سنتيم، مع وجود قابلية من طرف الطلبة الجامعيين للتحول من التعليم الكلاسيكي إلى التعليم العصري عن بُعد. وأشار الباحث فرحات خناق، متخصص في التعليم الإلكتروني إلى أن الجزائر إلى غاية اليوم لها رؤية واضحة في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، مشيرا إلى أنه مسؤول منذ سنة 2010 على برنامج التعليم الإلكتروني بالجامعات الجزائرية، وتم جلب أحدث المعدات مع ربط 77 جامعة بمركز اتصال بمركز البحث حول الإعلام العلمي والتقني، غير أن الأساتذة المحاضرين يرفضون المشاركة في البرنامج المتعلق بإلقاء الدروس عند بُعد، كما أنهم يخافون من القرصنة المعلوماتية ويطالبون بتخصيص مبالغ مالية إضافية نظير المجهود الإضافي الذي يقومون به، وعليه خلص خناق إلى أن مشروع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يعتبر فاشلا لغاية اليوم رغم كل المصاريف التي خصصت لإنجاحه. من جهته، تحدث المهندس التقني بجامعة سيدي بلعباس السيد، محمد درقاوي عن أهمية تطوير وسائل التعليم عن بُعد مع الاستثمار أكثر في التعليم عبر النقال، مشيرا إلى أن أكبر دول العالم استثمرت سنة 2011 ما يقارب 24 مليار دولار، وارتفعت قيمة الاستثمارات إلى 52,8 مليار دولار سنة 2014. كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قررت التخلي عن وسائل التكوين والتدريب الكلاسيكي وتحولت إلى التكوين عن بُعد من خلال استعمال التكنولوجيات الحديثة التي سهلت عملية الاتصال، وتسمح بالاستفادة من التكوين من دون عناء التنقل اليومي إلى مكان التدرب. أما فيما يخص الجزائر، أشار السيد درقاوي إلى ضرورة تغيير الذهنيات لدى المسؤولين بالنظر إلى وجود قابلية لدى الطلبة وحتى العمال لاستعمال وسائط النقال واللوحات الرقمية لتلقي دروسهم والمحاضرات. كما تحدث المهندس عن أهمية الألعاب الذكية في إنماء ذكاء الطفل وحتى العامل اليومي، مشيرا إلى النتائج الايجابية المحققة في العديد من دول العالم، والتي أثبتت أهمية هذه الألعاب في تشجيع الطفل على الحفظ بسرعة. بالمقابل، دعا الباحث فرحات خناق إلى الاستغلال العقلاني لهذه الألعاب حتى لا تصبح مخدرا إلكترونيا تجبر الواحد منا على قضاء ساعات طويلة أمام الحاسوب أو هاتفه النقال. ومن بين المشاريع الناجحة في مجال الألعاب الذكية، البرنامج المعلوماتي الذي تقترحه مؤسسة "كويزيتو" لصحابها عبد الحميد حريزي، الذي أكد أن البرنامج ساعد ابنته ذات ال 9 سنوات على قراءة كتاب من 150 صفة في أربعة أيام. وأشار السيد حريزي إلى أن البرنامج يضم أكثر من 10 آلاف سؤال تم جمعها من ألف كتاب يسوق اليوم عبر مختلف المكتبات، وتتراوح أسعارها بين 30 و60 دج باللغتين العربية والفرنسية، حيث يتم طرح الأسئلة في شكل لعبة "كويز" ويتطلب من التلميذ بين 6 و12 سنة قراءة الكتاب حتى يتمكن من الإجابة عن الأسئلة، وفي كل مرة يقوم الأستاذ بجمع النقاط وتعيين اسم الفائز. المشروع الذي تطلب من صاحبه 3 سنوات من التحضير مع تجربته عبر العديد من المؤسسات التربوية التابعة للقطاعين العام والخاص، سيشرع في تسويقه تحت رعاية وزارة الثقافة خلال السنة الجارية، من منطلق أن الوزارة تعني بكل ما له علاقة بالقراء. من جهته، أكد المدير العام ل"موبيليس" السيد سعد داما ضرورة إشراك الباحثين الجزائريين في صناعة الألعاب الإلكترونية التي تساهم بشكل جدي في التعليم عن بعد، مؤكدا أن شركته ستعمل على إطلاق حملة تحسيسية لتشجيع الشباب على إنتاج محتوى رقمي جزائري في إطار خدمات الجيل الثالث. ويذكر أن منتدى "موبيليس" الذي نظمت أول طبعة منه أمس، سيتحول إلى تقليد شهري لمناقشة وعرض كل تطورات تكنولوجيات الإعلام والاتصال مع خبراء في المجال بهدف تعميم المعرفة والإجابة على انشغالات المواطنين.