نفى عبد المجيد عطار، الوزير الأسبق للموارد المائية والمدير العام الأسبق لشركة سوناطراك، وجود مخاطر حقيقية ناجمة عن استغلال الغاز الصخري، مشيرا إلى أن الخطر الوحيد الفعلي هو زرع أفكار خاطئة بغرض التلاعب بالرأي العام. واعتبر الخبير الاقتصادي أمحمد حميدوش، من جانبه أنه من الضروري وجود هيئة ل"التحكيم” من أجل اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة لاسيما مع استمرار الاحتجاجات واستمرار الرافضين لاستغلال الغاز الصخري، مشيرا إلى أنه في دولة القانون، العدالة هي التي تفصل في الأمر. فتحت يومية ”ديكا نيوز” أمس، فضاء آخر للنقاش حول ما أصبح يعرف بقضية الغاز الصخري، من خلال تنظيم ندوة شارك فيها خبراء اقتصاديون وبيئيون جاؤوا للإدلاء بدلوهم في هذه المسألة التي كثر اللغط بشأنها وغذّت احتجاجات مازالت متواصلة بجنوب البلاد وخصوصا بعين صالح، حيث قامت شركة سوناطراك بحفر أول بئر استكشافية. والملاحظ في تدخلات المنتدى إجماع حول أهمية تجربة ”أهنات” واستبعاد لكل المخاطر التي يتم تداولها في الشارع وعلى الشبكات الاجتماعية، بل وتأكيد على ضرورة استغلال كل الثروات الجزائرية لتحقيق التنمية المستدامة. السيد عطار، وهو خبير في هذا المجال بالنظر للمناصب التي تولاها في السنوات الماضية، لم يتردد في إثبات بطلان كل ما يقال عن مخاطر غاز الشيست بالبراهين، معتبرا أن الخطر الحقيقي يكمن في المغالطات التي تدور حول المسألة والتي ينشرها أشخاص ليست لهم أي دراية حقيقية بالموضوع. وقال المتحدث إن التوجه إلى استغلال المحروقات غير التقليدية ليس مجرد ”رفاه” وإنما الضرورة تستوجب ذلك لأنها هي ”التي ستبقى في المستقبل”، أي من هنا إلى 5 أو 10 سنوات، حين ستعرف المحروقات التقليدية نضوبا يجعل استخراجها جد مكلف وبالتالي بلا جدوى اقتصادية، كما أن الطاقات المتجددة ولاسيما الطاقة الشمسية مكلفة جدا، فالكيلوواط الواحد من الكهرباء المستخرجة منها سعره 12 دج، فيما لا يتعدى سعر المستخرج من الغاز 4 دج، يضاف إلى ذلك أن الطاقة الشمسية ”تستهلك كميات كبيرة من المياه عكس ما يعتقد”. ولأن الحاجة إلى الطاقة والمحروقات بالخصوص ستستمر في المستقبل- وهو مايفسر الحروب الدائرة في الشرق الأوسط لاسيما العراق وليبيا والتي خططت لها الولاياتالمتحدة لاعتبارات تتعلق بأمنها الطاقوي- حسبما أشار إليه، فإن السيد عطار، يلح على ضرورة معرفة المكامن الحقيقية للجزائر في مجال المحروقات غير التقليدية، وهل يمكن فعلا استخراجها بالتقنيات المعروفة، وهل لها جدوى اقتصادية؟ أسئلة لايمكن الرد عليها إلا بخوض تجربة الاستكشاف. لكن ماذا عن المخاطر التي يتم تداولها بهذا الخصوص؟ يشير المدير العام الأسبق لسوناطراك إليها ويثبت بطلانها. الأول هو الحاجة إلى فضاءات واسعة لاستغلال الغاز الصخري. وهنا يوضح أنه إذا كان الفضاء يطرح مشكلا بالنسبة لبلدين مثل فرنسا وبولونيا، فبالنسبة للجزائر الثابت هو وجود الغاز الصخري في الصحراء وبالتالي فإن المشكل لا يطرح، مشيرا إلى أن المرجّح أن لا تتعدى المساحة التي سيتم استغلالها لاستخراج الغاز الصخري 200 ألف كلم مربع. بالنسبة للخطر الثاني المتعلق بالماء، نفى عطار، ما يقال حول حاجة الغاز الصخري لكميات هامة من هذا المورد، موضحا بأن بئر أهنات تطلب حفرها استعمال 7000 متر مكعب فقط من الماء. في السياق افترض أنه لو تم حفر 30 ألف بئر في 25 سنة وكل واحدة منها تستخدم 15 ألف متر مكعب من المياه، فإننا سنحتاج إلى حوالي 3.5 مليار متر مكعب من الماء، في وقت تقدّر فيه المياه الجوفية في الصحراء ب45 ألف مليار متر مكعب، دون إغفال إمكانية استخدام تقنيات جافة. أما بخصوص المواد الكيماوية التي يقول البعض أنها مسرطنة أو تؤدي إلى العقم، فأشار إلى أن تلك التي استخدمت في عين صالح هي 10 مواد نجدها في الغذاء والمشروبات ومواد الزينة ومواد التنظيف. وتستخدم حتى لتطهير المياه، مشيرا إلى أن الخطر الذي يمكن أن نتحدث عنه هو وجود خلل في صب الإسمنت بالأنابيب مما سيؤدي إلى تسربها، وهو احتمال نادر الحدوث حسب عطار الذي ذكر بأنه لا توجد صناعة بدون مخاطر. ونفى خطر الزلازل، وقال بأن ”الأمور ضخمت كثيرا”. في نفس الاتجاه كان رأي ممثلة وزيرة البيئة التي شدّدت على أن تنويع استخدام الثروات يضمن استمرارها، كما يضمن التنمية المستدامة للبلاد، معتبرة أنه من الضروري البحث في أي مشروع عن الجدوى الاقتصادية والبيئية والاجتماعية له. وقالت إن المحافظة على البيئة لا يجب أن تعني الوقوف في وجه التنمية الاقتصادية التي بدورها عليها أن تحافظ على البيئة. وأكدت أهمية الحراك الحالي في جنوب البلاد الذي ينم عن وعي سكانه بالمجال البيئي، معتبرة أنه من حقهم التخوّف وطرح الأسئلة، إلا أنها اعتبرت أنه من واجبهم كذلك الاستماع إلى الخبراء. وخاطبتهم بالقول أن هناك مخاطر في كل مكان، لكن التخوّف لا ينبغي أن يدفعنا إلى ”الجمود” وإلى ”تضخيم الأمور”، وقالت ”نعم لاستغلال الثروات ونعم لاحترام قانون المحافظة على البيئة”.من جانبه فضّل الخبير الاقتصادي أمحمد حميدوش، التطرق إلى مآلات النقاش والاحتجاجات، وذلك انطلاقا من اقتناعه بوجود مؤيدين ورافضين لاستغلال الغاز الصخري، مشيرا إلى أنه من الصعب إقناع الرافضين بالعدول عن موقفهم، لذا فإن الحل يكمن حسبه في اللجوء إلى ”التحكيم” وهو مايعني اللجوء إلى العدالة للفصل في أحقية كل طرف، مستدلا بأمثلة مشابهة في بلدان غربية. وتطرق كاتب الدولة السابق المكلف بالإحصاء والاستشراف، بشير مصيطفى، في عرض مطول إلى الإمكانيات الهامة التي تمتلكها الجزائر في قطاعات عديدة مثل السياحة.