رغم أن الأسنان عضو كبقية الأعضاء التي ينبغي الحفاظ عليها، إلا أن بعض الشباب لا يولونها الاهتمام المطلوب، حسب الدكتور شليح الأخصائي في جراحة الأسنان وأمراض اللثة الذي قال؛ "إن الواقع يكشف عن وجود شباب في مقتبل العمر فقدوا جل أسنانهم، فيما نجد البعض الآخر لم يتجاوز سن ال25 سنة يضع طقم أسنان، مما يعني أن 10 بالمائة فقط منهم يحسنون العناية بصحة أسنانهم". احتكت "المساء" ببعض الشباب لمعرفة مدى وعيهم بثقافة العناية بالأسنان وأهمية الحفاظ عليها، وحدثنا "سعيد" خضار في سوق الأبيار قائلا؛ إنه اضطر في سن مبكرة إلى اقتلاع كل أسنانه الأمامية بعد أن أصابها التسوس، ولم يقم بمعالجتها عند طبيب الأسنان، مشيرا إلى أن فرشاة الأسنان بالنسبة إليه من الكماليات، ولم يذكر أنه استعملها يوما، ولأنه مقبل على الزواج، وجد نفسه مضطرا إلى تركيب طقم أسنان حتى يكون شكله مقبولا، وهو نفس الانطباع الذي سجلناه عند "كمال"، موظف بمصلحة البريد الذي حدثنا قائلا: "السبب الذي جعلني أغض الطرف عن تسوس الأسنان ولم أزر طبيب الأسنان، هو الخوف من هذا الأخير"، وبحكم أنه لا يستعمل فرشاة الأسنان إلا عندما يتعلق الأمر بمقابلة رسمية، أو عند دعوته إلى بعض المناسبات، فإن ذلك سرع من تدهور حالة أسنانه، ولأنه لا يتحمل الألم، كان في كل مرة يفضل اقتلاعها بدل علاجها، وفي النتيجة اضطر إلى تركيب طقم أسنان، واليوم يعاني الأمرين كون هذه الأخيرة رغم أنها مقبولة من حيث الشكل، إلا أن التحكم فيها صعب، يكفي فقط القول بأنه لا يستشعر طعم الأكل. أما بالنسبة لعلي، طالب 23 سنة، فيقول بأنه لا يذكر آخر مرة استعمل فيها فرشاة الأسنان، ويرجع سبب فقدانه لأسنانه إلى إدمانه من جهة على "الشمة" التي أتلفت اللثة، ولأنه لا يتحمل آلام الأسنان نتيجة التسوس، فيقتلعها مباشرة وفي النتيجة أصبح كما قال؛ "فرماش" بدون أسنان، لارتفاع تكاليف وضع أسنان اصطناعية، تقبل وضعه واعتاد على شكله من دون الأربعة أسنان الأمامية. يرى الدكتور محمد شليح جراح أسنان "أن ظاهرة افتقار الشباب لأسنانهم تدخل في إطار غياب الثقافة العائلية، للعناية بصحة الأسنان التي من المفروض أن تبدأ في سن مبكرة في الأسرة، بالتالي فالمسؤولية يتحملها الأولياء الذين لم يعلموا أبناءهم منذ الصغر الأبجديات الأولى للتعامل مع فرشاة الأسنان، والزيارات الدورية للطبيب، الأمر الذي يجعلهم لا يولون أهمية كبيرة للعناية بهذا العضو المهم من جسم الإنسان- الفم- وكنتيجة، نجد شبابا تقل أعمارهم عن 18 و20 سنة يفقدون معظم أسنانهم، ولا يعرفون ما معنى العناية بها، والأوقات اللازمة لذلك، ويتفادون طبيب الأسنان إلا عندما يتعلق الأمر بوجود ألم أو اقتلاع ضرس". وعلى الرغم من وجود الوعي بأهمية الحفاظ على الأسنان عند شريحة واسعة من الشباب، كما يقول محدثنا، غير أن ذلك يأتي في غالب الأحيان متأخرا وتحت ظرف معين، كأن يكون الشاب مقبلا على إبرام عقد زفاف، أو أنه التحق بمنصب عمل يتطلب أن يكون مظهره لائقا فيباشر العناية بأسنانه، ومن هنا يتفطن الشباب إلى أهمية العناية بها، ويدخلون في رحلة بحث عن جراح أسنان يصمم لهم أسنانا تحسن من شكلهم وتساعدهم على التغذية". المشكل المطروح اليوم هو أن في غياب الألم لا يقصد الشباب طبيب الأسنان حتى وإن كانوا يشعرون بأن أسنانهم في حالة سيئة، لكن ما ينبغي لهم معرفته أن أي خلل فيها في بدايته يمكن التحكم فيه ومعالجته، ومنه إطالة عمر الأسنان، كما أن نفقات العلاج تكون أقل، غير أن الواقع يوحي بغير ذلك، إذ أن أغلب الشباب يأتون بعد فوات الأوان، ومنه يصبح العلاج معقدا ومكلفا وحتى النتيجة قد لا تكون مرضية. وبحكم تجربتي، يقول محدثنا، فإن الشباب الذين يولون أهمية لأسنانهم نسبتهم قليلة جدا لا تتجاوز 10 بالمائة، أما الفئات التي تعاني من المشاكل فكبيرة وقد تصل إلى 90 بالمائة، والمؤسف أننا نجد شبابا في مقتبل العمر يفقدون أسنانهم الأمامية، مما يعطي انطباعا بأنهم متقدمون في السن، والأكثر من هذا أن البعض الآخر يضطر إلى اقتلاع كل أسنانه واستبدالها بطقم أسنان اصطناعي، في الوقت الذي يفترض أن يرتبط الطقم عموما بالمسنين. ويواصل محدثتنا قائلا: «كطبيب مختص في جراحة الأسنان، أعتقد أنه من الضروري على الأولياء تحميل أبنائهم منذ سن العامين مسؤولية العناية الصحية بالأسنان، واعتبار الفرشاة ضرورية ومهمة إلى درجة اعتبارها كالغذاء، وعلى مستوى المؤسسات التربوية لابد أيضا من تحفيز الأطفال على استعمالها، خاصة أنه تم إدراج الطعام في بعض المؤسسات، فينبغي أيضا تنبيه المتمدرسين إلى أهمية تنظيف الأسنان بعد كل وجبة. أما بالنسبة للبالغين فأعتقد أن ما يحتاجون إليه هو المشاركة في حملات تحسيسية يتم فيها لفت انتباههم إلى آلية العناية بالأسنان، على اعتبارها عضوا مهما، وأن الأسنان الاصطناعية لا يمكن مطلقا أن تحل محل الأصلية مهما بلغت من دقة وإتقان، وتبقى دائما الوقاية أفضل من قنطار علاج».