يجد القائمون على الصندوق الوطني للتعاضد الفلاحي صعوبة كبيرة في إقناع المهنيين في القطاع الفلاحي على تأمين نشاطاتهم، فحسب الأرقام التي قدمها السيد شريف بن حبيلس، المدير العام للصندوق الوطني للتعاضد الفلاحي، فإن من أصل قرابة 3 ملايين مهني ينشطون في القطاع الفلاحي، 16 بالمائة منهم فقط مؤمنون، وهو ما أرجعه بن حبيلس إلى ثقافة الفلاح والمربي الذين تعودوا على دعم وزارة الفلاحة في كل مرة تحدث فيه كارثة طبيعية، أو يسجل فيه انتشار وبائي قاتل وسط الحيوانات. وقصد تدارك هذا الإشكال، تطرق السيد بن حبيلس إلى إعداد دراسات معمقة لتحديد أسباب العزوف واقتراح تحفيزات على المهنيين لتشجيعهم على حماية نشاطهم من الخسارة. ومن بين مجمل التسهيلات المقترحة، التقرب من الفلاح وتوظيف أعوان بالوكالات التجارية يقطنون بنفس المنطقة لتسهيل لغة الاتصال والحوار.وبالنظر إلى خصوصية النشاط الفلاحي، أشار بن حبيلس إلى أقلمة المنتجات التأمينية مع طلبات المهنيين، وتنويعها بين الشمال الجنوب تماشيا وأنواع المخاطر التي يتعرض لها المستثمر. ومن بين الإجراءات التحفيزية التي تم اللجوء إليها، تجديد عقود المؤمنين عبر اتصال هاتفي واحد، وهو ما يخفف عنهم عناء التنقل إلى الوكالات عندما يتعلق الأمر بمساحات فلاحية في مناطق جبلية. وبما أن الفلاح لا يمكنه تسديد قرضه في حالة تعرض استثماره للخسارة بسبب كارثة طبيعية يقول السيد بن حبيلس فمن الضروري التفكير في التأمين، غير أن غالبية الفلاحين يرفضون هذا الحل. وحسب الدراسة التي تم إعدادها، فالأمر يعود بالدرجة الأولى إلى الشروط التي نفرضها على المستثمر لضمان امتثاله لكل القواعد. فلا يعقل يقول المدير أن نؤمن مستثمر متخصص في زراعة البطاطا و صاحبها لا يقوم بعلاج الغلة من الحشرات الضارة ولا يقتدي بشروط السقي التكميلي، كما لا يعقل أن نؤمن مربي بقر وهو لا يلقح قطيعه ولا يعطي أهمية لظروف تربية الأبقار ونظافة الإسطبلات، وبما أننا نركز كثيرا على الوقاية وضمان حماية المنتوج من الخسارة، فإن المهنيين ينفرون منا بحجة أن شروطنا قاسية. نحن لسنا مؤسسة تأمينية فقط، بل نحرص على تكوين ومرافقة المهنيين لاحترام التقنيات الحديثة في الزراعة وتربية الحيوانات، لدينا خبراؤنا يزورون دوريا المؤمنين في مواقع عملهم لإعطاء النصيحة والإرشادات، ونعمل مع معاهد تابعة للوزارة لمرافقة المؤمن طوال الموسم الفلاحي سواء فيما يتعلق بالبذور المحسنة أو الأسمدة. يجب أن نتوقف عن تعويض المهنيين غير المؤمنين وبغرض إعادة إنعاش مجال التأمينات الفلاحية، اقترح بن حبيلس التوقف عن تعويض المتضررين من الفلاحين والمواليين في كل مرة رغم أنهم غير مؤمنين، وهو ما حدث خلال انتشار فيروس الحمى القلاعية مؤخرا، فغالبية المربين المؤمنون لم يتضرروا من الفيروس وضمنوا قطعانهم، في حين تضرر المربي غير المؤمن الذي يزاول نشاطه في ظروف غير مواتية بعيدا عن المصالح البيطرية. وبخصوص عملية التعويض التي تقوم بها الوزارة في كل مرة تسجل فيها كارثة طبيعية مثل الفيضانات أو برد أو جليد، أشار بن حبيلس إلى أنها تتم عبر صندوق ضمان الكوارث الفلاحية المنشأ سنة 1990، ومن المفروض أن يغطي الصندوق الأخطار غير المؤمنة وهو لا يغطي إلا 50 بالمائة من قيمة الخسائر، غير أنه بالنظر إلى أن القطاع الفلاحي استراتيجي، يتم في كل مرة مرافقة الفلاحين المتضررين لحمايتهم من الخسارة وضمان بقائهم في النشاط الفلاحي، غير أن مثل هذه التصرفات تضر بمجال التأمين رغم أنه يوفر منتجات تحمي الفلاح في حالة تعرضه لكل أشكال التقلبات الجوية، حتى الرياح الباردة والساخنة يتم تغطية خسائرها.ويقول المدير العام للصندوق الوطني للتعاضد الفلاحي، إن التأمين الفلاحي إجباري عبر جميع دول العالم، والدعم المالي الذي تخصصه الدولة للقطاع الفلاحي يوجه إلى المؤسسات التأمينية حتى تتمكن من تخفيض تكاليف التأمين وتغطي كل أنواع المخاطر.