أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، أن الجزائر تملك من الوسائل ما يمكنها من مواجهة الصدمات الخارجية، مشيرا إلى أنه كلف الحكومة باتخاذ إجراءات للحد من آثار هذه الصدمات وانعكاساتها على المواطنين، وذلك بتنشيط عدة قطاعات على غرار الصناعة، الفلاحة، البتروكيمياء والسياحة. وأبى الرئيس بوتفليقة، بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات، إلا أن يطمئن المواطنين بحرص الدولة على تحقيق العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني وترقية التشغيل والشباب على وجه الخصوص، من خلال دعم مختلف النشاطات وتعزيزها. وأمام المتغيرات الاقتصادية الراهنة التي تفرض الموازنة بين حماية الاقتصاد الوطني من جهة والاستجابة للانشغالات الاجتماعية من جهة أخرى، قال الرئيس بوتفليقة، في رسالة قرأها نيابة عنه السيد محمد علي بوغازي، المستشار برئاسة الجمهورية، خلال حفل نظم بالمركب الصناعي لأرزيو (وهران)، أنه ليس هناك من سبيل" الا الاعتماد على الامكانيات الذاتية وعبقرية علمائنا والمضي قدما لإيجاد بدائل للمحروقات والاعتماد على مجالات أخرى للثروة"، مؤكدا أن الدولة قادرة على ذلك. وفي سياق التأكيد على عدم التفريط في المكاسب الاجتماعية المحققة خلال السنوات القليلة الماضية، والتي تأتي على رأسها استعادة السلم والاستقرار، دعا القاضي الأول في البلاد الشعب الجزائري إلى صون الوحدة الوطنية التي عززت اللحمة بين المواطنين، مذكّرا في هذا الصدد بأنه لا يمكن تحقيق أي تنمية في غيابه. كما أكد على مواصلة إنجاز الورشات الحيوية على غرار المشاريع السكنية بكافة صيغها حتى يتمكنالمواطنون، وبالخصوص المحرومون منهم من الاستفادة من سكن ومن ظروف الحياة اللائقة الكريمة. واستشهد الرئيس بوتفليقة، بمزايا تحقيق السلم وانعكاسه على المكاسب الاجتماعية ميدانيا والمترجم في التراجع المتواصل لمعدل البطالة، وتحقيق العديدمن الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية عبر ربوع الوطن. واستطرد في هذا السياق أن "هذا السلم وهذا الاستقرار اللذين يستمدان قوتهما من جهود كافة المواطنين، قد شكلا اللحمة التي عززت ورصت وحدة الأمة في إطار المصالحة الوطنية"، مشددا على ضرورة صون هذا السلم الذي تم استرجاعه بالثمن الباهظ. وطمأن الرئيس بوتفليقة، في هذا الصدد بإمكانية تجاوز الجزائر للشدائد وهي التي تخطت أعتى الأزمات في الماضي والتي كادت أن تودي بها كدولة، لولا وعي الشعب وتلاحمه ويقظته، مما جعل العديد من الدول تتهافت نحوها للتعرّف على الثورة الجزائرية عن قرب وتبرم معها اتفاقات في مجال مكافحة الإرهاب. وأضاف رئيس الجمهورية، أن الجزائر أضحت تحظى بالكثير من التقدير بالنظر إلى قدرتها في إيجاد الحلول للأزمات الدولية، فضلا عن "أنها غدت مرجعا في الوساطة بين الأمم، تعقد عليها الآمال في حل النزاعات، وأصبح لصوتها تقدير ونفاذ في المحافل الدولية. كما وجه الرئيس بوتفليقة، تحيّة تقدير للجزائريين الذين شاركوا في "معركة بناء المستقبل الاقتصادي للجزائر"، مؤكدا بأنه "سيظل يؤكد ويلح على ضرورة العمل بلا هوادة من أجل تحقيق الإنسجام التام بين القطاعين العام والخاص وضمان استمرارهما". وعلى صعيد آخر أشار رئيس الجمهورية إلى أن الدفاع عن الأمن الشامل للبلاد يقتضي تعبئة وتجنيد كل القوى الحيّة من أجل ضمان الأمن الاقتصادي، داعيا كافة الجزائريين "إلى التشمير عن السواعد في سبيل استمرار تشييد بلادنا ووقايتها من أنواع الكيد والأذى الناجمة عن تلك المحاولات الداخلية والخارجية التي تروم الإخلال باستقراره". وفي معرض حديثه عن الذكرى المزدوجة، أشار الرئيس بوتفليقة، إلى أنها تعد مسارا لاستكمال الاستقلال بفضل التضحيات البطولية للشعب الجزائري، مضيفا أن حرصه على الاحتفال بالذكرى ال59 لتأسيس الحركة النقابية مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين يعكس الالتزام بإبراز إنجازات العمال خلال الثورة التحريرية ومرحلة التشييد. وراهن رئيس الجمهورية على دور الاتحاد إلى جانب كافة القوى الحيّة للأمة في تعبئة الطاقات البشرية والمادية لمغالبة هذه التحديات، مضيفا أن العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو يعد أمثل إطار لضم جهود الشركاء من أجل تعبئة جميع الطاقات لترقية نمو دائم في إطار توافقي، تتولد عنه مناصب الشغل والثروة. ولعل ذلك نابع من قناعته بأن المركزية النقابية لعبت دورا "حاسما في مسار الاستقلال الوطني وتعبئة العمال أثناء الكفاح وفي مسار استرجاع ملكيتنا لمواردنا الطبيعية." مضيفا في هذا الصدد أن المركزية النقابية تحولت إلى قوة اقتراح بتجندها لإعادة الاعتبار للإنتاج الوطني عبر طريق الحوار، داعيا في هذا الصدد كافة العمال إلى الحرص على ممارسة الدفاع المشروع عن الحقوق بحيث لا يكون على حساب التقيّد الفعلي والمنتظم بواجباتهم والتزاماتهم. وفي سياق حديثه عن ذكرى تأميم المحروقات، قال إن حصيلة هذا الإنجاز "ايجابية حقا وصدقا "من خلال اكتشاف أكثر من 400 بئر للنفط والغاز وأن ثلثي هذه الإنجازات قامت بها الشركات الوطنية، كما تضاعف الإنتاج أكثر من ثلاث مرات مقابل مضاعفة القدرات الوطنية ب25 مرة مقارنة بما كانت عليه سنة 1971. وأوضح أن هذا التأميم الذي أعلن رسميا في اليوم الذي تأسس فيه الاتحاد العام للعمال الجزائريين، عام 1956 إبان حرب التحرير كان بمثابة" إيذان الممارسة المشروعة للسيادة الوطنية المسترجعة بفضل تضحيات شعبنا والنضال البطولي لطبقاته الكادحة". وعرّج رئيس الدولة في رسالته على الموضوع الذي أسال الكثير من الحبر والمتعلق باستغلال الغاز الصخري، مؤكدا أن "الطاقات المتجددة هبة من الله "، ولا بد من حسن استثمارها لصالحنا ولصالح الأجيال الصاعدة، مع الحرص كل الحرص على صون صحة الساكنة وحماية البيئة.