شكل الصالون الوطني لليد العاملة العقابية في طبعته السادسة، المنظم خلال الأسبوع المنصرم بالعاصمة، فرصة أخرى لإبراز المجهودات المبذولة في إطار إعادة إدماج المسجونين، فقد كشفت الأرقام المقدمة ل«المساء» من طرف ممثلين عن مؤسسات عقابية لعينات مسجونين حققوا نجاحا مهنيا بعد انقضاء المدة العقابية، عن تحقيق سياسة إصلاح السجون التي تم تبنيها منذ سنوات لأهدافها، يكفي الإشارة إلى أن العديد من المحبوسين تمكنوا من فتح مؤسسات مصغرة ناجحة، بل يشغلون أيادي عاملة أخرى وفي شتى المجالات المهنية والحرفية. ضم الصالون 23 مؤسسة عقابية من أرجاء الوطن، شاركت في عرض منتوجات حرفية لمحبوسين أبرزوا أن السجن ليس مؤسسة عقابية فحسب سالبة للحرية، لكن يمكنه أن يكون بداية أخرى لحياة جديدة، فالمعروضات الكثيرة التي لا يمكن وصفها إلا بالجودة والإتقان، كانت خير دليل على المجهودات المبذولة في إطار إصلاح المحبوس والعمل على إعادة إدماجه، كما أن الأرقام المقدمة عن أقسام تعليم أو تكوين أو تأهيل المسجونين تمثل من جهتها دليلا آخر على إيجابية خطوة إعادة الإدماج، ومنها 5 عينات لمسجونين تمكنوا من تحقيق الاستقلال المهني بخلق مؤسساتهم الخاصة بعد انقضاء المدة العقابية التي قضوها في مؤسسة إعادة التربية لأدرار، حيث كشف الأستاذ حمودة عبد الوهاب، عون مكلف بالإدماج، عن أن العينات الخمس الناجحة استفادت من تكوين مهني مكنها من تحقيق الاندماج بعد الخروج من السجن، ومنها عينة لمسجون تمكن من فتح مقهى ناجح في أدرار، وآخر نجح في ميدان الفلاحة عن طريق قرض، وهناك محبوس سابق فتح مؤسسة خاصة بغسل السيارات، وهو ناجح مائة بالمائة –حسب المتحدث- إلى جانب محبوس سابق تمكن بدوره من فتح مخبزة بعد الاستفادة من إعانة الدولة. ويقول نفس المتحدث أنه بفضل هذه الحالات الناجحة يثبت نجاح أعوان التربية والتكوين ومنه سياسة الإدماج في تحقيق أهدافها «فإذا نجح مسجونان فقط من 100 مسجون، فنقول بأننا نمكنا من بلوغ الهدف، لأن المحبوس نفسه سيكون قدوة وناصح للآخرين، بالتالي جعل السجن مجرد كبوة، لهذا سيمت هذه السياسة بالإصلاح»، يقول الأستاذ عبد الوهاب. من جهته، أكد السيد عبد المالك حكار، مساعد إعادة التربية في مؤسسة إعادة التأهيل بابار في ولاية خنشلة، أن العديد من المسجونين سابقا تمكنوا من فتح مؤسسات ناجحة بعد استفادتهم من تكوينات مهنية وحرفية بالمؤسسة العقابية، فهناك سجين فتح معملا لصناعة الزربية المحلية الشهيرة والمعروفة عالميا «زربية بابار» وتمكن من توظيف العديد من الأيدي العاملة، إضافة إلى مسجون سابق تمكن من الوقوف على رجليه والاعتماد على نفسه بفتح معمل لصناعة الحلويات الشرقية والغربية وأثبت جدارته في هذا المجال في خنشلة. دون أن يغفل الإشارة إلى مسجون دخل إلى مؤسسة إعادة التأهيل نفسها قبل سنوات وهو ذو مستوى تعليمي لا يتعدى الابتدائي، وتمكن من الحصول على تعليم جيد في السجن والنجاح، وبعد انقضاء مدته العقابية أصبح محاميا بجدارة واستحقاق، ولا تنتهي نجاحات المسجونين سابقا عند هذا الحد، بل حققت سياسة الإصلاح وإعادة الإدماج نتائج إيجابية تستحق الإشادة، بفضل المنتوج الفلاحي الجيد الذي تم عرضه في صالون اليد العاملة العقابية، والذي تنوع بين الخضر والفواكه الموسمية وحتى التمور والحبوب وإنتاج العسل، إلى جانب المشاتل والورود التزينية. في هذا الإطار، أشار ممثل المؤسسة العقابية لباتنة إلى أن ما يقارب 30 سجينا يشتغل في الوسط المفتوح على مساحة 25 هكتارا، منها 2200 شجرة زيتون منتجة للزيت، إضافة إلى مختلف الأشجار المثمرة، منها التفاح ذو الجودة العالية (روايال)، إلى جانب عمل هؤلاء في مدجنة وإنتاج 10 آلاف بيضة في اليوم، كلها منتوجات فلاحية يتم تسويقها بالشراكة مع الديوان الوطني للتربية والتمهين. وهو نفس ما تقوم به مؤسسة إعادة التأهيل في ولاية الشلف التي تشغل مساجين في ورشات منتجة منها الخياطة، بخياطة حوالي 1000 بذلة عقابية في الشهر، إلى جانب ورشة الحدادة الفنية بإنتاج أسرة لنزلاء السجون بمعدل 500 سرير في الشهر الواحد. كما أشار نفس المتحدث إلى تمكن مسجونين سابقين من فتح ورشتيهما الخاصة بعد انقضاء المدة العقابية في مدينة الشلف، تخص الأولى النجارة المعمارية والثانية الحدادة الفنية بفضل إعانة من الدولة، وعلق المتحدث بقوله؛ «دخلا السجن بصفتهما مجرمين وخرجا بشهادة أهلتهما إلى أن يصبحا عضوين في المجتمع، وقد تمكن كل واحد منهما من تشغيل 4 إلى 5 عاملين معهما».