اهتم بالصنعة بمسقط رأسه بجاية، حيث اكتشف موهبته منذ الصغر كعازف ومغن وكاتب للقصائد، دخل العاصمة سنة 1932، ليغترف من بحر الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية، ونجح في صنع مجده بنفسه ويصنف كأحد أعمدة هذا الفن بالجزائر. ... إنه الفنان الراحل الصادق بجاوي، وإسمه الحقيقي بويحيى الصادق، الذي ولد يوم 17 ديسمبر 1907 ببجاية، تتلمذ على يد عدد من الشيوخ الذين زاروا بجاية منهم الشيخ محمد بن علي سفنجة، محمد بن تفاحي من العاصمة، الشيخ درار شيخي من البليدة، ومن تلمسان العربي بن ساري وغيرهم... اكتشف لأول مرة من طرف عازف البيانو موسى عمار، الذي كان يرافق المعلم سامي في جولة إلى مدينة بجاية عام 1932، وطلب منه الحضور الى العاصمة، وعند حضوره كان هدفه التعلم وصقل موهبته الفنية، لكنه أيضا تعرف على الأستاذ لاهو سيرور الذي كان له السبق هو والشيخ محمد بن علي سفنجة والأستاذ يافيل، في العمل على النوتات الخاصة على الموسيقى الكلاسيكية المحلية.. وقام الأستاذ لاهو بدوره بتقديمه إلى المعلم مخيليف بوشارا أستاذ جمعية الموصلية التي كان يرأسها آنذاك الأستاذ جابير بن سماية، وفي هذه الجمعية بدأ دروسه الموسيقية على يد الأستاذ محي الدين لكحل... خلال تواجده بالجمعية، تعرف على فنانين ومثقفين مشهورين على الساحة، منهم سيد أحمد لكحل مقدم البرامج الأدبية بالإذاعة، والفنان عمر راسم وغيرهما، انتقل سنة 1934 الى مدينة البليدة مع أستاذه محي الدين لكحل، الذي كان يقدم دروسا بصفة منتظمة بجمعية الودادية، التي احتضنت الحاج محفوظ، العربي بن عاشور ودحمان بن عاشور، في نفس السنة سافر الى تلمسان وتعرف على الشيخ العربي بن ساري وغيره من الشيوح والأستاذة.. بعد عودته الى العاصمة واستقراره بها الى غاية سنة 1938، قرر العودة الى مسقط رأسه بجاية بعد رحلة دامت سنوات من التعلم والمعرفة الفنية... بعد صعوبات إدارية واجهته، تمكن من إنشاء ثلاث جمعيات موسيقية، هي جمعية الشباب الفني، جمعية الانشراح وجمعية الشبيبة. عندما افتتحت الإذاعة الجهوية بمدينة بجاية عام 1947 والى غاية 1962، كان الصادق بجاوي يقدم البرامج الإذاعية الفنية على المباشر باللغة العربية، كما كان يحضر بين ثلاث وأربع أغنيات أسبوعيا لهذه الإذاعة باللغة الأمازيغية.. وللراحل الكثير من التسجيلات الإذاعية، إضافة الى الأسطوانات، مثل الأعمال الموسيقية الإذاعية تحت إسم (القمر)، وبعض الانقلابات، مثل يا صاحبي استيقط في الصباح"، "يا محسن جمالك"، إضافة الى القصائد، منها محاورات "حوار بين تلمسانوبجاية"، "تاريخ قسنطينة"، "سيدي الثعبالي"، "المقراني"، إضافة إلى ألحان للفنان الغازي وعبد الحميد عبابسة في الطبع البدوي، فضلا عن الكثير من الأعمال الأخرى في الإنشاد الديني، الحوزي، الحوفي والقبائلي. بمساعدة والي بجاية، تمكن بجاوي سنة 1963 من إعادة فتح المعهد الموسيقي لمدينة بجاية، الذي ظل يرأسه حتى 1982 ودرس فيه حتى سنة 1986، وتخرج على يده عدة فنانين، منهم الغازي، جمال علام، محمد رايس وغيرهم... وكان المعهد في عهده يشارك تقريبا في كامل التظاهرات الوطنية، وغلبت عليه أصول مدرسة الصنعة والطابع الشعبي. قدم بجاوي الكثير من الحفلات داخل الوطن وخارجه، من ذلك ما قدمه بالجزائر العاصمة والبليدةوتلمسان و... وبمدينة وجدة بالمغرب وتونس حيث حصل على وسام الباي سنة 1947. أما تسجيلاته بالإذاعة والتلفزيون فعديدة، منها نوبة الذيل، نوبة المجنبة، نوبة الحسين، نوبة الغريب، ثلاث نوبات رمل المايا، نوبة مايا، نوبة زيدان، انقلابات حوزي، عروبي، حوفي، قصائد منها" بشرى لنا"، " خلاص"،"الخلاعة تعجبني" قدمها للتلفزيون سنة 1986 وغيرها... توفى الصادق بجاوي رحمه الله عام 1995 تاركا إرثا موسيقيا متنوعا.