ارتبطت أنامله السحرية بآلة الإيقاع فراح يبدع في كل الطبوع، وأصبح يرافق أشهر المطربين ويلازمهم، كالراحل العنقى، فضيلة الجزائرية، قروابي، وحتى السيدة وردة الجزائرية.. علما أنه أبهر الموسيقيين المشارقة في طريقة أدائه المتميزة، وأحيانا سبقت شهرته شهرة بعض المطربين الذين يتعامل معهم. ولد علي دباح الملقب بعليلو يوم 28 ديسمبر سنة 1924 بالقصبة السفلى، حيث قضى فيها طفولته، وقد تميز في هذه الفترة من عمره بالاجتهاد في دراسته، وبرز أيضا من خلال انخراطه في فوج الكشافة الإسلامية الجزائرية المتواجدة ب "السماكة" القديمة، وهذا رفقة أقرانه من أمثال جديات محمد المعروف باسم سيساني، وأيت عبد الرحمان الملقب بعبد الرحمان عزيز، وعلي عبدون وغيرهم ممن اشتهروا فيما بعد في الميدان الفني... بدأت حياة "عليلو" الفنية منذ الصغر بالعزف على آلة الدربوكة، حيث أدى عدة مقطوعات موسيقية في بعض المناسبات العائلية والدينية.. إلا أن الانطلاقة الى عالم الاحترافية بدأت مع صديقه وجاره علي محمد القليعي، الذي كان يعزف على آلة الزرنة، فتعلم "عليلو" الرقن على الطبيلات والدربوكة. اهتمامه بالفن جعل والده رحمه الله يقلق على مستقبله، فما كان منه إلا أن أرسله إلى بجاية لمواصلة دراسته، وكان ذلك سنة 1939، إلا أن موهبة "عليلو" كانت أقوى إذ التحق فيها بجوق الشيخ الصادق البجاوي، عند رجوعه الى الجزائر سنة 1942، التقى "عليلو" محي الدين باش تارزي الذي أدمجه ضمن المجموعة الموسيقة التابعة لأوبيرا الجزائر. أثناء زياراته الى العديد من مناطق الجزائرية، تلقى "عليلو" نصائح مفيدة من أهل الفن، كمصطفى كشكول وأحمد السبتي، وخاصة الراي مالك الذي علمه تقنيات الآلة الموسيقية. عوض "عليلو" ابتداء من سنة 1949، الشيخ عمر مكرازة في العزف على آلة الدربوكة ضمن الفرقة الموسيقية للحاج امحمد العنقى، كما كان يشارك في الوقت نفسه في المجموعات الفيلارمونيكية تحت قيادة جاكلين مير وبارا وفاربار، علما أن "عليلو" شاركه أيضا محي الدين لكحل وحمود عين الكحلة وحميد وجيدير. كما رافق الراحل "عليلو" كل النجوم الغنائية العربية التي كانت تزور الجزائر آنذاك، مثل حسيبة رشدي، علي الرياحي ، محمد الجاموسي، عبد الوهاب أقومي، فتيحة خيري، فضيلة خيتمي وغيرهم... التحق "عليلو" سنة 1956 بصديقه الشيخ "حسيسن" في باريس وسجل معه العديد من الأسطوانات وشارك في كثير من الحفلات الفنية طيلة سنة كاملة. بعد الإعلان عن إنشاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني في مارس 1958 بتونس، طلب من "عليلو" و"حسيسن" الالتحاق بها، ليجول رفقة زملائه الفنانين في عدة بلدان للتعريف بالقضية الوطنية والثقافة الجزائرية، بعدها قضى قسطا كبيرا من حياته مع صديقه الراحل قروابي. استطاع "عليلو" أن يكسب خبرة عالية جعلته مرجعا لباقي الموسيقيين، خاصة بالإذاعة والتلفزيون، فأصبح الأستاذ الأول في جميع الإيقاعات، سواء الجزائرية منها أو الشرقية أو العصرية والعالمية. حمل "عليلو" صفات إنسانية راقية، عرف بشوشا مستعدا لعرض خدماته، متواضعا الى أقصى حد، يهوي الشعر الشعبي ومتذوقا له، يحفظ الكثير من المقطوعات يحرص على جمعها. "عليلو" فنان موهوب قلما تنجب الجزائر مثله، توفي رحمه الله يوم 11 جويلية 2000، ودفن بمقبرة القطار في الجزائر العاصمة عن عمر يناهز 76 سنة.