تختلف عادات وتقاليد الأعراس من منطقة إلى أخرى في الجزائر، فلكل منطقة تقاليدها وعاداتها التي تميزها عن باقي المدن...ففي دائرة البيرين التي تبعد عن ولاية الجلفة ب 175 كلم، تختلف طقوس العرس عن تلك المعروفة في العاصمة على سبيل المثال، حيث تمتلك طعما خاصا ومتميزا اكتشفته وعاشته"المساء" في زيارة قامت بها لإحدى العائلات النايلية.. وتكون البداية ب"الشوفة" كما تقول السيدة العامرية ونعني بها ذهاب العريس إلى دار العروس من أجل التعرف على أهلها ورؤية العروس. وبالمناسبة تهدي عائلة الخاطب عائلة الفتاة علبة حلويات، صناديق الفاكهة ومشروبات، إضافة إلى تكفلها بعشاء العروس المتمثل في الكسكسي بالخضر واللحم، فضلا عن منحها مبلغا ماليا أو خاتما من ذهب للعروس، كدليل على أنها نالت إعجابها.. وعندما تتفق العائلتان على كل شيء، تأتي مرحلة الخطبة التي تتم بعد حوالي أسبوع أو أقل من "الشوفة"، ويحدد تاريخ الخطبة في الغالب بيوم الخميس، وتأخذ عائلة العريس معها حقيبة سفر وما يعرف ب"الطبق".. في الأولى توضع مجموعة من الألبسة، الأقمشة، فستان أو اثنين، حجاب، أحذية، ماكياج، حسب إمكانيات العريس.. كما يتم إهداء خاتم آخر وأساور تسمى(الحدايد) أوطاقم من الذهب - حسب الاستطاعة - للعروس، إضافة إلى" الدفوع"، وهو مبلغ مالي يتراوح بين 6 و10 ملايين سنتيم.. أما في "الطبق"، فنجد العطور والصابون، سكر مول، حلوة "الدراجي" والشمع.. وتتم سهرة الخطبة في بيت العروس، التي تدعو بالمناسبة كل أهلها للفرح معها.
تحضيرات العروس بعد الخطبة العروس النايلية لديها طريقتها الخاصة في التحضير للانتقال إلى بيت زوجها، فبمجرد أن يتقدم أحد لخطبتها، تبدأ رحلة التجوال عبر محلات الملابس التقليدية الجاهزة والأقمشة ومحلات المفروشات وأثاث البيت، للبحث عن المستلزمات.. وأحيانا تقوم بهذه التحضيرات قبل الخطبة في سن مبكرة، إلا أن العادات تغيرت وأصبحت الفتيات يفضلن القيام بذلك بعد الخطبة بسبب تغير موضة الأثاث والمفروشات من سنة لأخرى... وتقوم العروس النايلية بشراء مطرح الصوف كشرط أساسي، وكذا الزرابي التي عادة ما تكون مصنوعة يدويا بدقة وبلمسة جمالية تزيد بيت العروس رونقا وجمالا، إضافة إلى الستائر الفاخرة، كما تشتري بعض قطع الزينة للبيت من لوحات ومزهريات وقطع ديكور لتزين بها أركان البيت وتضفي عليها لمستها الخاصة.. وتقتني كذلك بعض الأواني الفخارية التي كانت تستعمل قديما في المطبخ، إلا أنها أصبحت تستعمل اليوم كديكور فقط. وتقوم النايليات أيضا بشراء أغطية ومفروشات تتناسب مع غرفة النوم كما يمكن للعروس، وهذا حسب رغبتها، شراء بعض الأواني الجميلة التي تحتاجها بمطبخها وبغرفة الأكل، مثل أطقم شرب القهوة والشاي والأكل لتقديم أشهى أنواع الأكل الجلفاوي إلى ضيوفها.. وبعد انتهاء العروس من مشتريات الأثاث، تقوم برحلة البحث عن الأزياء التي ستلبسها يوم الحنة ويوم الزفاف. حنة العروس تكون العروس البيرينية ليلة عرسها، أكثر من متميزة، إذ تغير حلتها لترتدي حلة أكثر جمالا منها، ليصبح العرس بمثابة عرض للأزياء تقوم فيه العروس بإبهار الحاضرين بأجمل وأرقى أنواع الفساتين، وهو ما يعرف ب"التصديرة" التي تلبس من خلالها أنواع متنوعة من الألبسة كروبة السهرة (سواغي)، الفرقاني، السطايفي، التلمساني، وبطبيعة الحال، الجبة النايلية التي تكون حاضرة بقوة من خلال ثلاثة أنواع مختلفة الألوان والأشكال، على الأقل.. ولا يكتمل جمال العروس النايلية، إلا بوضع أكسسوارات تتلاءم مع ثوبها النايلي الذي ترتديه، وعادة ما تكون عبارة عن خلخال القدم، "السخاب " ذي اللون البني، الذي يتكون من قطع ذهبية ذي رائحة طيبة مصنوعة من المسك والعنبر والعطر الجامد و مواد أخرى كالقرنفل، وال"مقايس" الذهبية و"الزمالة" (أكسسوار من فضة يوضع فوق الرأس)... و عندما تلبس العروس الفستان النايلي، تقوم النسوة برسم الحنة على يديها وقدميها في شكل زخرفات مختلفة، تزيد من جمالها أكثر وسط الزغاريد والأغاني النايلية التي ترددها بعض النسوة.. بعدها تضع أخت العروس واحدة من عائلتها مائدة وسط القاعة التي تتواجد بها العروس وضيوفها للقيام بعملية "التبراح "، وهي الكشف عن الهدايا والمبالغ المالية المقدمة للعروس والتي تتراوح بين 100 و500 ألف سنتيم، "ترشقها" النسوة على شرف العروس أمام الحضور. والشيء الملفت للانتباه في العرس، هو تقديم المال ل"الزغراتات"، وهن النسوة اللواتي يطلقن الزغاريد كمكافأة لهن، لإضفائهن نكهة خاصة على العرس، ويحدد المبلغ حسب عدد الزغردات.. كما تقدم "الزيارة "، وهي أيضا مبلغ مالي للنساء المسنات اللواتي يحضرن الحفل تبركا بهن. حنة العريس حنة العريس في البيرين، هي الأخرى لديها عاداتها الخاصة، حيث تجري وقائعها في سهرة ليلية تدوم إلى غاية الصباح، تحت" أنغام الغايطة و البندير" التي تنتشر أصواتها في شوارع المدينة، وتتم في شكل "رحبة"، أي حلقة يجتمع حولها كل سكان الحي، لتبدأ عملية "الرشقة"، وهي تقديم مبالغ مالية باهظة تختلف من شخص لآخر، وتقدر بين مليون إلى مليوني سنتيم للشخص الواحد، الغرض منها إعانة العريس الذي بإمكانه أن يحصل في الأخير على مبلغ يتراوح بين 30 و100 مليون سنتيم. من جهة أخرى، تقوم عائلة العريس باستضافة الناس بتقديم طبق الكسكسي بالزبيب والهرماس واللحم، إضافة إلى المشروبات المتنوعة والفواكه بشتى أنواعها... وفي اليوم الموالي، يحل يوم الزفاف الذي يتم خلاله إحضار العروس إلى بيت زوجها في موكب فريد من نوعه، يتشكل من سيارة مزينة بالورود وأربعة أو خمسة جياد، لتخرج العروس بفستانها الأبيض من بيتها على أصوات البارود الذي يدوي في حيها، كدليل على مغادرتها وفرحة العريس بها.. وعند وصولها إلى بيت العريس، تقعد وسط النساء في مكان مخصص لها مزين، وتقوم مرة أخرى بالتصديرة مثلما فعلت يوم حنتها، وتجلب معها هدية لزوجها وهدايا لأهل زوجها تسمى" التباع "، وهي عبارة عن مجموعة من الأقمشة تكون على أكثر تقدير مناديل وخمارات... صباح يوم العرس في صباح يوم العرس، تلبس العروس غالبا فستانا نايليا وتجلس وسط النسوة مرة أخرى لتلقي التهاني بالزواج المبارك، وفي نفس الوقت تجلب معها مجموعة من الحلويات المختلفة التي تقوم أخواتها بتوزيعها، وهي الحلويات التي يطلق عليها اسم "الدراز"، والتي توضع في أكياس مملوءة بالكاكاو ،الحلوة، الصابون، الحنة، القهوة، العطور.. ثم مباشرة بعدها تحزم العروس نفسها بمنديل جدة العريس للتبرك... وتمر أيام على الزفاف ليأتي يوم "السبوع"، وهو اليوم السابع من زفاف العروس، والذي تذهب فيه إلى بيت أبيها حاملة معها الفاكهة والحلويات. وتبقى هناك ثلاثة أيام على أقصى تقدير، وعند عودتها إلى بيتها تجلب من بيت أهلها البيض المسلوق، الرفيس، المشوي، الكسكسي ويمكن أن تزيد الفاكهة.