لا تزال العديد من العائلات الجزائرية تحتفظ بعادات وتقاليد توارثتها منذ القدم فلا تمر مناسبة إلا وتجسد فيها طقوس معينة لمد جسور التواصل وتوطيد العلاقات الاجتماعية والأسرية، من بينها ما يسمى ب ''المهيبة'' وهي تعتبر من بين الهدايا التي تقدم للخطيبة كلما حلت مناسبة سعيدة. ليست هذه العادة حديثة العهد ولا هي من المناسبات التي عرفها أهل الجيل الجديد إنما هي عادة موغلة في القدم، حيث عرفتها الأسر الجزائرية ولا تزال تتوارثها إلى يومنا هذا لما فيها من آثار حميدة تجمع قلوب الأسر والمحبين فيما بينهم. وللتعرف أكثر عن المقصود بالمهيبة انتقلنا إلى أعرق حي في العاصمة، حيث تحترم العادات والتقاليد العريقة وهو حي القصبة وتقربنا من السيدة ''نوارة'' حيث تقول: ''تقوم كل العائلات باعطاء المهيبة اهتماما خاصا حيث تقدم فيها مجموعة من الهدايا من بيت الخطيب إلى بيت الخطيبة ويكون مقدار هذه الهدايا بحسب الامكانيات المادية التي تتوفر لدى الخطيب، وخاصة ان ''المهيبة'' تتكرر بين مناسبة وأخرى كأعياد الفطر والأضحى، المولد النبوي الشريف، السابع والعشرين من رمضان. وتتضمن عادة ''المهيبة'' ألبسة نسائية أو قطعة من ذهب كخاتم أو سلسلة أو حلق وغيرها إضافة إلى أحذية وبعض أنواع الزينة والتجميل كالعطور وأدوات الماكياج، كما تختلف أنواع المستلزمات حسب النوعية والثمن لذلك نجد الأسر تختلف بتقديمها للمهيبة بين أسرة وأخرى وذلك حسب الامكانيات المادية التي تتوفر لديهم، ومن عادة العائلات الجزائرية أنها تحترم هذه العادة ومهما كان وضعها المادي ضعيفا إلا أنها تقدم هدية ولو كانت رمزية فقط. في هذا السياق تحدثنا مع ''نزيم'' حيث قال: ''ربما تكون للمهيبة ميزة حسنة كونها تفرح خطيبتي وتقرب أسرتينا، لكن من جهة أخرى وبالنظر للتكاليف فهي تثقل كاهلي لأني أحب دائما إهداء خطيبتي أشياء ثمينة كحلي من ذهب أو لباس فاخر فهذا يكلفني الشيء الكثير إضافة إلى الحلوى في عيد الفطر ونصيب من اللحم في عيد الأضحى المبارك''. في حين هناك من يتفق مسبقا مع خطيبته حول المهيبة كون العديد من الأشخاص إمكانياتهم المادية محدودة ولا يستطيعون تكليف أنفسهم بهدايا تفوق قدراتهم الشرائية. مثال على ذلك ''عبد الرزاق'' الذي حدثتنا قائلا ''لقد اتفقت مع خطيبتي مسبقا على أن تكون المهيبة شيئا بسيطا لأنها على علم بظروفي المادية التي لا تسمح بأن أهديها الشيء الثمين رغم رغبتي بذلك، لكن تفهمها للأمر يحفزني على العمل جاهدا للتعجيل بالعرس حتى أعوضها عن كل الأمور التي لم أستطع توفيرها لها سابقا''. التعجيل في العرس سبب للتقليص من مصاريف المهيبة تلجأ الكثير من العائلات الجزائرية إلى التعجيل في أعراسها ولعل من بين أهم أسبابها هو التقليل من المصاريف التي تفرضه علينا بعض العادات والتقاليد كالمهيبة التي تؤدى من الخطيب إلى الخطيبة دون تجاوز أية مناسبة سعيدة كعيد الفطروعيد الأضحى والاحتفال بالمولد النبوي الشريف وأحيانا بعض الأعياد المعروفة حديثا ''كعيد الحب''. ولأن تعدد هذه المناسبات بين الفترة والأخرى يكلف كثيرا فالعديد من العائلات والأسر الجزائرية تفكر في كيفية تجنب ''المهيبة'' وذلك بالتعجيل بالعرس، ولكن بالرغم من كل هذا، تبقى العديد من العائلات تحترم مثل هذه التقاليد كما وتحييها من فترة إلى أخرى حسب الوضعية المادية المتاحة لديهم.