تعرف المكتبات والأسواق في الآونة الأخيرة، انتشارا واسعا للكتب الموجهة إلى الطبخ، سواء تعلق الأمر بتلك التي تخص المأكولات أو الحلويات، ومع حلول شهر رمضان المعظم، أضحت ربات المنازل من النساء الماكثات بالبيوت والعاملات، الى جانب اقتنائهن الأواني المنزلية الجديدة، يقبلن على زيارة المكتبات وغيرها من الأماكن التي تقوم بعرض كتب الطبخ، وذلك بغية الاطلاع على كل ما هو جديد في عالم الطبخ، ولا يقتصر الأمر فقط على الطبخ الجزائري، بل يتعداه الى الطبح المغربي والتونسي وحتى اللبناني، وكل هذا بغية جعل طاولة الإفطار بعد عناء يوم كامل من الصيام، تضم تشكيلة ثرية لمجموعة مختلفة من المأكولات الشهية. مع اقتراب حلول شهر رمضان، بدأت السيدات في التأهب والاستعداد لاستقبال الشهر الكريم، ولعل رغبة ربة المنزل في صنع التميز بما تعده من أطباق، يدفعها إلى البحث عن كل ما هو جديد في فن الطبخ، إذ يلجأ بعضهن إلى شراء الكتب وذلك لتجريب الأنواع التي لا تعرفها من أجل الخروج من الكلاسيكية، في حين تلجأ أخريات إلى الاعتماد على الكتب كونهن لا يتقن فن الطبخ ولأنهن تزوجن حديثا.. وعشية حلول رمضان، قمنا بزيارة بعض المكتبات والأسواق التي تعرض مثل هذه الكتب لمعرفة مدى الإقبال عليها، وكانت الانطلاقة من شارع العربي بن مهيدي، وبمجرد دخولنا إحدى المكتبات، قابلتنا مجموعة من كتب الطبخ التي خصص لها جناح كامل، سنألنا محمد سالمة موظف بالمكتبة، عن مدى الإقبال على كتاب الطبخ الطبخ، وقبل أن نتم السؤال أجابنا على وجه السرعة "الإقبال على كتاب الطبخ ماشاء الله عليه، خاصة الطبخ المغربي". وأوضح أن الكتب الخاصة بهذا النوع من الطبخ نفدت في ظرف قياسي، لاسيما في الآونة الأخيرة. وفي ذات السياق أكد أن هذه الكتب تعرف الإقبال من جميع السيدات سواء كن متزوجات أو عازبات وحتى من الرجال الذين يقتنونها لزوجاتهم. بعدها توجهنا الى مكتبة أخرى بشارع موريس أودان وحملنا نفس التساؤل، أجابنا عبد قادر بوسنة موظف بمكتبة بأن " كتاب الطبخ يعرف رواجا كبيرا طيلة الموسم، ولكن مع حلول شهر رمضان يتضاعف الطلب عليه، خاصة على كتاب الطبخ الجزائري والطبخ المغربي". إحدى السيدات كانت تتصفح كتابا للطبخ بكل دقة، قالت لنا بأنها ترغب كل مرة تخرج فيها للتسوق، في القيام بزيارة خفيفة للمكتبة، وذلك لتصفح ما تعرضه من جديد في مجال فن الطبخ.. وتؤكد في هذا الخصوص، بأن الطريق الى قلب الرجل هو معدته " فما بالك في شهر رمضان، حيث يكون الرجل صائما ويرغب عند وقت الإفطار في إشباع معدته بكل ما لذ وطاب".. لذا تضيف، بأنها تسعى جاهدة لاكتشاف الأصناف الجديدة لجعل المائدة الرمضانية مغرية. إهداء كتب الطبخ للمهاجرين ونحن نتجول بالمكتبة صادفنا رجلين يبحثان عن كتاب طبخ، معين فدفعنا الفضول وسألناهما عن الأمر، فأجاب واحد منهما بأن صديقه مغترب ولا يفهم العربية كونه ولد بفرنسا وقد أوصته أخته، بأن يختار لها مجموعة من الكتب التي تتناول الطبخ الجزائري لأنها تصبح مطلوبة بشكل كبير في شهر رمضان. في ذات السياق أشارت موظفة بالمكتبة الواقعة بساحة الأمير عبد القادر إلى أنه في الآونة الأخيرة قصدهم العديد من المهاجرين لشراء كتب الطبخ الجزائري، وذلك حتى يتمتعوا بمختلف الأصناف التي تحملها الكتب والتي تعكس الانتماء إلى لوطن، والشعور وهم حول المائدة بأنهم في الجزائر، في حين يسعى البعض الآخر من المهاجرين الى اقتناء بعض الكتب المختلفة والتي تتناول الطبخ الجزائري والمغربي عموما، من أجل إهدائها الى الأهل والأحباب بديار الغربة من الذين لم يسعفهم الحظ لزيارة الوطن، تضيف المتحدثة. خلال جولتنا بمعرض الكتاب الذي أقيم برياض الفتح، شد انتباهنا ونحن ندخله، أن كل دور العرض التي كانت حاضرة لا تخلو مجموعتها من كتب الطبخ التي تصدرت قائمة الكتب المعروضة، وحسب بعض المنظمين للمعرض فإن الإقبال كبير جدا على كتب الطبخ الخاصة، حيث تتهافت السيدات على اقتناء ما أعجبهن من هذه الكتب، وذلك بغية التفنن في إعداد الأطباق برمضان، في حين لجأت بعض السيدات الى الاتفاق مع قريباتهن على اقتناء كتب مختلفة ثم تبادلها مع بعضهن البعض... أما عن الأسعار فقد اختلفت من كتاب لآخر وذلك تبعا لعدد صفحاته ونوعيته وما يحتويه، كما أن طريقة شرح كيفية إعداد الوصفة تلعب دورها في تحديد الثمن، وعلى العموم فقد تراوحت بين 90 دج الى 290 دج. كتاب الطبخ مطلب المتزوجات حديثا تزامن شهر رمضان هذه السنة ونهاية العطلة الصيفية التي عرفت العديد من مواكب الأعراس. ولأن المتزوجات حديثا يشعرن بالخوف من اقتراب شهر الصيام، كون بعضهن لا يتقن الطبخ جيدا، فمنهن من لجأت الى قضاء شهر الصيام في بيت الحماة، في حين فضلت أخريات شراء كل الكتب التي لها علاقة بالطبخ، وفي هذا الخصوص يقول مراد موظف تزوج منذ حوالي شهرين "أنه وخوفا من أن لا تقوم زوجته بإعداد الأطباق الرمضانية كما يجب. فقد صحبها إلى المكتبة حتى تشتري بعض الكتب التي تسهل عليها عملية الطبخ، خاصة وأنها لا تتقنه جيدا". وإذا كانت بعض السيدات يسعين إلى التفنن في إعداد الأطباق في شهر رمضان من خلال الاطلاع على كل ما هو جديد في فن الطبخ، فإن أخريات خاصة من المتقدمات في السن، يتمسكن بالأطباق التقليدية التي تميز شهر رمضان والتي لا تخرج عن الأصالة والبساطة ويرفضن التجديد، لأنه لا بديل عن الأصل. الكتب الدينية هي الأخرى تشهد رواجا في رمضان ما اتضح لنا ونحن نقوم ببحثنا الاستطلاعي، أنه إلى جانب الإقبال الكبير الذي يعرفه كتاب الطبخ، فإن الكتاب الديني هو الآخر يعرف رواجا كبيرا خلال هذا الشهر الفضيل، حيث أكد كل الباعة بالمكتبات، أن الكتب الدينية يكثر عليها الطلب أياما قليلة قبل دخول رمضان، لاسيما منها المصاحف، كتب تفسير القرآن، الأحاديث النبوية الشريفة كصحيح البخاري ومسلم، الفقه وتلك المتعلقة بالأذكار والشريعة عموما... حيث أكد أحد الباعة أنه باع خلال الأيام الأخيرة أعدادا كبيرة من المصاحف التي يقوم مقتنوها بإهدائها إلى المساجد كصدقة جارية.