ارتدت معظم المحلات والأسواق في هذه الأيام حلة رمضان، من خلال عرض كميات هائلة من السلع التي يكثر الطلب عليها من طرف المواطنين، لا سيما من طرف ربات البيوت الراغبات في تجديد أواني المطبخ ترحيبا بشهر الرحمة والغفران. لم يفوت الباعة فرصة التفنن في عرض أنواع مختلفة من الأواني التي تصنع مشهدا خاصا في هذه الآونة في أماكن التسوق بألوانها، أشكالها وأحجامها المختلفة في الأسواق المنظمة والموازية على حد سواء، خاصة وأن العديد من الباعة المتجولين قد حولوا وجهاتهم التجارية من خلال هجر مواد التجميل والتنظيف واستبدالها بالأواني التي باتت تشكل معرضا في الهواء الطلق. وتتنوع الأواني المعروضة تبعا لما لاحظته "المساء"، بين البلاستكية، الزجاجية، الفخارية، الخزفية والخشبية.. والجدير بالذكر في هذا الإطار، أن الإقبال الكبير المسجل على الأواني الفخارية، يكشف أساسا عن تقاليد العائلات الجزائرية في رمضان، فهي بأشكالها وزخرفتها الملفتة للنظر تدعو العديد من ربات البيوت إلى اقتنائها، وهو ما تدل عليه حرارة "المفاوضات" بين النساء والباعة.
الأواني الصينية المقلدة تغزو الأسواق وقد لاحظت "المساء" أثناء تجولها في سوق ساحة الشهداء الشعبي وبعض المحلات المجاورة له، تزايد حركة الشراء من النساء رغم توفرها في المنزل، حيث أن ضعف القدرة الشرائية للكثير من المواطنات لم يقهر هوس الشراء الذي استهدف بصفة خاصة الأواني الخاصة بالطهي والأكل، منها أدوات تحضير طبق الكسكسي الذي يؤكل في وجبة السحور، القدور الفخارية وأباريق الشاي. وحسب تصريحات أحد الباعة المتجولين، فإنه فيما عدا بعض الأدوات المستخدمة في صنع الحلويات التي تم جلبها بأشكال جديدة مبتكرة، تعد معظم الأواني المعروضة هذه المرة غير جديدة، لكن هذا لا ينفي حقيقة الإقبال المتزايد عليها. وعن مصدرها يقول: "إن البعض منها مستورد من إسبانيا، في حين أن السواد الأعظم من الأواني عبارة عن سلع صينية مقلدة، لأن هذه الأخيرة غير مكلفة مقارنة بالأواني الإسبانية التي لا يمكن للباعة المتجولين اقتناءها رغم نوعيتها الجيدة". وأثناء الحديث مع البائع المتجول، تدخلت سيدة اعتقدت بأني زبونة لتنصحني بتجنب الأواني الصينية بوصفها تشكل خطرا على الصحة. بائعة أخرى بأحد محلات ساحة الشهداء ذكرت أنها سجلت إقبالا متزايدا على الأواني، سواء المستوردة أو المحلية، حيث تأتي القدور وصحون الشوربة المقعرة في مقدمة القطع المطلوبة.
التجديد بين الإغراء والفأل واستوقفت "المساء" بعض المواطنات لتكشف عن سبب كثرة إقبالهن على الأواني عشية رمضان، فأجابت محدثتنا الأولى التي كانت بصدد السؤال عن سعر بعض الأواني: " صحيح أن العديد من العائلات الجزائرية اعتادت الترحيب برمضان باقتناء أوان جديدة، وشخصيا لا أتبع مثل هذه العادات، لكن أقع غالبا تحت تأثير العرض الهائل للأواني، مما دفعني مؤخرا إلى اقتناء قدر أعجبني." سيدة أخرى متقدمة في السن كانت تتفحص إحدى الصينيات قالت: "لدي الكثير من الأواني لكني وبحكم العادات المتوارثة أشتري كل سنة أواني جديدة مرفوقة بالتوابل تفاؤلا برمضان يلفه السلام." وشاطرتها الرأي سيدة أخرى تبدو في الأربعين من العمر، إذ كشفت أنها هي أيضا تحب استقبال شهر رمضان بأوان جديدة، استجابة للعادات وإحياء للقعدات التقليدية التي كانت تميز رمضان أيام زمان. موضحة أنها تحرص على اختيار الأواني التي تحتاجها بالدرجة الأولى، ولهذا فضلت اقتناء قدر فخاري هذه المرة نظرا للنكهة الخاصة التي يمنحها للأكلة. أما بخصوص الأسعار فهي حسب نفس المتحدثة مستقرة. علما أنها متباينة حسب الحجم والنوع.والحقيقة أن الحدث بالأسواق في هذه الفترة تصنعه الأواني التي يقضي الإقبال عليها على الركود الذي تعرفه تجارتها في سائر الأيام الأخرى، حيث يستمر الإقبال إلى حين بداية شهر رمضان، لينصب بعدها الاهتمام على حلويات وملابس العيد وأدوات الدخول المدرسي.