اعتبر الوزير الأول عبد المالك سلال إجتماع مجلس الوزراء الأخير برئاسة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اجتماعا تاريخيا. ووصف القرارات التي اتخذت خلاله بالشجاعة. وأوضح في سياق متصل بأن السياسة التي تنتهجها الحكومة، تهدف لترشيد النفقات العمومية وليس لاتباع سياسة التقشف، مؤكدا استمرار الدولة في سياستها الإجتماعية وكذا في مسعاها لتنويع الإقتصاد الوطني وتحريره من التبعية للمحروقات. وأشار السيد سلال خلال نزوله ضيفا مساء أول أمس على حصة "حوار الساعة" للتلفزيون الجزائري إلى أن ما يجعل اجتماع مجلس الوزراء الأخير تاريخي، هو القرارات الشجاعة المتخذة من طرف رئيس الجمهورية، والتي حملت إجراءات جديدة لفائدة المؤسسات وتسهيل الإستثمار بهدف بناء إقتصاد قوي. وأبرز في نفس الصدد بأن هذه الإجراءات ترمي إلى رفع العراقيل البيروقراطية عن المستثمرين، مؤكدا بأن عملية الاستثمار يجب أن تبقى إقتصادية محضة وليس عملية إدارية. ولدى تطرقه للتدابير التسهيلية لصالح المتعاملين الاقتصاديين، ذكر الوزير الأول بالإجراء الذي يسمح للمستثمرين بالتقدم بملفهم لمصلحة الإستثمار على المستوى المحلي، حيث يتم قبول الملف بإمضاء الوالي فقط بعد دراسته، مشيرا إلى إجراءات أخرى تم اتخاذها في نفس الإطار لحل مشكل العقار الصناعي، على غرار فرض ضريبة قيمتها 3 بالمائة عن كل سنة تأخر للأشخاص الذين إستفادوا من عقد ملكية عقار صناعي ولم يقوموا باستغلاله. كما ذكر الوزير الأول بأنه تقرر ابتداء من سبتمبر المقبل فتح 31 حظيرة إقتصادية جديدة عبر عدة ولايات، فيما سيتم استلام كل المناطق الصناعية الجديدة قبل نهاية السنة الجارية، مبرزا في سياق متصل أهمية الإجراء الذي تم اتخاذه خلال مجلس الوزراء الأخير لتعزيز حماية الإطارات المسيرة العمومية، موضحا في هذا الخصوص بأن الجهة الوحيدة المخولة بتحريك الدعوى أمام العدالة في حال القيام بمخالفات جزائية هو مجلس إدارة المؤسسة لتفادي "التعسف من أي جهة كانت". وتطرق السيد سلال أيضا إلى الإجراء الرامي إلى تطهير الاقتصاد من النشاطات غير القانونية، لافتا إلى أهمية التحفيزات التي تم إقرارها لتشجيع أصحاب رؤوس الأموال على تحويل أموالهم عبر قنوات البنوك مقابل دفع رسم جزافي نسبته 7 بالمائة. وشدّد الوزير الأول بالمناسبة على أن الجزائر التي تمتلك إمكانيات معتبرة في مجال الطاقة، ستبقى قوة طاقوية، "عكس ما يتم الترويج له لزعزعة الإستقرار"، داعيا في المقابل إلى ضرورة خلق روح المواطنة الإقتصادية في نفس كل الجزائريين، من أجل ترشيد إستعمال الطاقة وتقليص التبذير وتكثيف الجهود للتحكم أكثر في هذه الطاقات. الجزائر ليست في مستوى التقشف المولد للفقر من جانب آخر، أوضح الوزير الأول أن السياسة المنتهجة من طرف الحكومة تهدف لترشيد النفقات العمومية، وليس اتباع سياسة التقشف التي تولد الفقر، مطمئنا بقوله "الجزائر ليست في هذا المستوى نظرا للحركية الاقتصادية الذي يعرفها البلد". كما أشار إلى أن الحكومة استطاعت التحكم في الوضع بفضل سياستها الاستشرافية، بالرغم من تراجع مداخيل الدولة بسبب انخفاض أسعار النفط عالميا، موضحا بأن نسبة الناتج الوطني خارج المحروقات في السداسي الأول 2015 فاقت 7 بالمائة "ما يدل على أن سياسة الحكومة في إعادة بعث الاقتصاد الوطني بدأت تعطي ثمارها". ولدى تطرقه إلى السوق النفطية، ذكر سلال بأن الحكومة كانت قد توقعت تراجع الأسعار في الأسواق العالمية، بسبب معطيات اقتصادية وجيو استراتسيجة عالمية، مشيرا إلى أن ذلك ما دفعها إلى اتخاذ عدة إجراءات استباقية لتطوير الاقتصاد الوطني والتخلص من التبعية للمحروقات. وإذ ذكر بتراجع عائدات الجزائر من المحروقات ب74,1 بالمائة خلال السداسي الأول ل2015، استبعد سلال حدوث تغير كبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى غاية السنة المقبلة، متوقعا بلوغ برميل النفط 65 دولارا في نفس الفترة، في وقت يقدر فيه معدل سعر برميل نفط مزيج الصحاري الجزائري 57,4 دولارا للبرميل. ماضون في سياسة تنويع الاقتصاد القائم على النجاعة وشدد الوزير الأول في سياق ذي صلة على أن الحكومة ماضية في سياسة تنويع اقتصادها لبناء اقتصاد وطني قوي، مؤكدا ضرورة الخروج من سياسة الإنفاق العمومي واستبدالها بالنجاعة الإقتصادية في ظل تراجع مداخيل الدولة. وأكد أن الجزائر تملك من إحتياطات الصرف ما يمكنها من تغطية 26 شهرا من الإستيراد بالوتيرة الحالية دون أي مشكل، لافتا إلى أن الحكومة عازمة على المضي قدما في سياسة ترشيد النفقات والتحكم في الموارد وخلق الثروة ومحاربة الغش. كما كشف في سياق حديثه عن الإجراءات المتعلقة بتطهير الإقتصاد من النشاطات غير القانونية، عن لقاء سيجمعه بعد غد الإثنين مع مسؤولي البنوك لاسترجاع أموال الناشطين في السوق الموازية، والتي بلغت ما يقارب 3700 مليار دينار، منها ما بين 700 الى 1000 مليار تمثل فائضا ثم إدماجها في القنوات البنكية بهدف استغلالها في الإقتصاد الوطني. لا تراجع عن المكاسب الاجتماعية وألح السيد سلال على أن سياسة ترشيد النفقات التي تنتهجها الحكومة، سيتم المضي فيها بالمرور من التنمية إلى النمو الإقتصادي وفتح الإستثمار في القطاعات ذات المردودية، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني التراجع عن المكاسب الإجتماعية التي تحققت للجزائريين. وإذ ذكر في هذا الشأن بأن المواطن الجزائري اعتاد على مستوى معيشي معين، اعتبر الوزير الأول من الضروري التجاوب مع هذا المستوى، شريطة العمل على الرفع من الإنتاج الوطني الذي يبقى في تطور مستمر منذ سنوات، موضحا بالمناسبة بأن ترشيد النفقات وتأجيل بعض المشاريع غير المستعجلة وتقليص مناصب العمل الجديدة في بعض القطاعات، لم يؤد بالحكومة للتخلي عن سياستها في دعم الطبقات العاملة. واستدل في هذا الإطار بإعلان الشروع في تطبيق قرار إلغاء المادة 87 مكرر من قانون علاقات العمل منذ جانفي 2015، مشيرا إلى أن 1,6 مليون موظف سيستفيدون من زيادة في الأجور ابتداء من أوت المقبل بأثر رجعي التاريخ المذكور، ما سيكلف خزينة الدولة على حد قوله 54 مليار دينار. في حين أعلن بأن اجتماع الثلاثية القادم (الحكومة - المركزية النقابية - أرباب العمل) المقرر بداية أكتوبر المقبل، سيكون بولاية بسكرة بحضور المدير العام للمكتب الدولي للعمل، وذلك بطلب منه، أوضح سلال بأن اختيار عاصمة الزيبان جاء لكونها أكبر ولاية من حيث الإنتاج الفلاحي، فضلا عن استقطابها العديد من الإستثمارات الصناعية، مجددا بالمناسبة إصرار الدولة وعزمها على مواصلة سياستها في دعم المستثمرين الشباب خاصة عن طريق وكالة دعم تشغيل الشباب "أونساج"، على أن تكون هذه الإستثمارات ناجعة وخالقة للثروة وذات مردودية.