تفضل أغلبية العائلات الجزائرية في الأعراس حضور الماشطة أثناء حنة العروس لمرافقتها وتنظيم الحفل، هذه المهنة التي تتطلب العمل ليلا أصبحت مطلوبة كثيرا في السنوات الأخيرة، السيدة مونية جمّال ماشطة معروفة بقالمة تجتهد في كل مرة لإضافة نوع جديد من الألبسة التقليدية التي تلبسها العروس بعد الحنة والتصديرة، التقتها "المساء" وحول مهنتها، عدنا لكم بهذه الدردشة. ^ بداية، هل لك أن توضحي لنا دور الماشطة في الأعراس؟ ^^ أولا، عمل الماشطة جمالي بالدرجة الأولى، ظهر في وقت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وانتشر عملها في بلادنا في مدينة قسنطينة، حيث ورثت هذا العمل 3 عائلات من قسنطينة، بعدها انتشر في الشرق الجزائري، خاصة في عنابة، قالمة، سوق أهراس وغيرها، كما أن الماشطة معروفة في تونس والمغرب باسم النقّافة، وكانت العروس تتزين أثناء الحنة ب"الدلال" و"الجبين" المصنوعين من الذهب والفضة، إلى جانب هذا تلبس "القندورة" القسنطينية المطرزة ب"الفتلة" أو "المجبود"، وهذا اللباس خاص بالشرق الجزائري، وبعدما تخضب العروس الحناء تقوم لتغير "القندورة" القسنطينية وتلبس أنواعا مختلفة أخرى من جهازها، بمرافقة ومساعدة امرأة تهتم بها إلى غاية نهاية الحفل وتسمى "الماشطة". ^ لما اختارت مونية هذه المهنة؟ ^^ بحكم أنني من أصل قسنطيني، امتهنت حرفة الماشطة منذ 5 سنوات بعد الخبرة التي تكونت عندي في مجال مرافقة العروس، هذا العمل الذي كانت تزاوله عمتي وجدتي اللتان كانتا تقومان بعمل الماشطة في قسنطينة، فأنا أحب هذه الحرفة وأمجدها كونها عادة من عاداتنا وتقاليدنا الموروثة. ^ حدثينا عن خصوصية حرفة الماشطة؟ ^^ عمل الماشطة هو فن راق بحكم أنه يقع على عاتق الماشطة أن لا تغفل أي جانب جمالي من جوانب العروس، ولا أخفي عليكم أن اختيار المهنة كان بعد شغفي بملاحظة أناقة العروس في الحفلات والأعراس، وعندما تزوجت وانتقلت إلى ولاية قالمة، تلقيت تشجيعا من طرف زوجي خاصة أن عملي ليلي، كما أنني كثيرة التنقل ولاحظت أن المجتمع الجزائري خاصة في الشرق الجزائري يحب هذه المهنة وأغلبية العرائس يفضلن حضور الماشطة أثناء الحناء التي ترافقها العيساوة أو الفقيرات، حيث تحضر الصينية الخاصة والمجمّرة للبخور والزهر المقطر لرش الفرقة التي تؤدي المدائح الدينية وهذا بحضور الماشطة. ^ أين يبرز دور الماشطة أكثر في العرس؟ ^^ تولي العائلات الجزائرية أهمية كبيرة للحناء، الماشطة والعيساوة، وهنا يبرز دور الماشطة، حيث أقوم بتنظيم الحفل أثناء الحناء حتى يتمكن الحضور من مشاهدة العروس جيدا وكذا جهازها وهداياها التي تقدم لها، كما أقوم بتحضير صينية الحناء المتكونة من قطع مصنوعة من النحاس، فأنا بمثابة أم العروس الثانية وأنا المسؤولة عن "التصديرة"، إلى جانب هذا أقوم بتزيينها ولباسها وتقديمها للمدعوات مع ارتداء اللباس الذي أقدمه لها والذي يتضمن ألوانا مختلفة من بلادنا من الشاوي، القبائلي، التلمساني، قندورة الشرق (قسنطينة) وغيرها، وأشير هنا إلى أنني قمت في السنوات الأخيرة بإدخال عادات مغاربية مثل "العمارية"، وهو كرسي مغربي تجلس عليه العروس وكذا القفطان المغربي، إلى جانب اللباس التونسي. ^ هل يقتصر عمل الماشطة على حفلات الزفاف فقط؟ ^^ طبعا لا، لأن العريس له نصيب من التزيين، أحضر له لباسا خاصا بالحناء المتمثل في "القطيفة" المطرزة بالفتلة، إلى جانب كرسي خاص به، كما أنني اجتهدت في تنويع ملابسه، فقد أضفت له لباسا مغربيا وهو لباس ملكي من الدار البيضاء، إلى جانب لباس تونسي، فأنا امرأة ملمة بالعادات والتقاليد المغاربية وكذا التركية، بالإضافة إلى كل هذا قمت بتحضير لباس خاص بأصدقاء الطفل العريس والمتمثل في البرانيس والسيوف رمز أصالتنا على وقع الزغاريد والعيساوة. ^ كيف تنظرين إلى عادات وتقاليد العروس في بلادنا بين الأمس واليوم؟ ^^ في سنوات السبعينات، كانت العروس قبل زفافها تذهب إلى الحمام رفقة صديقاتها وبصحبة الماشطة التي تقوم بحمامها، ويجب أن ترتدي لباسا فضيا وتحمل معها "الطفل" وهي مادة تضعها فوق شعرها ليصبح رطبا براقا ويعطي لمعانا، كما تضع العروس "الحرقوس" في يديها ورجليها، وهي عادات لا بد منها تحت وقع الزغاريد والغناء، وفي الأخير تحضر صينية القهوة مع الحلويات في الحمام، وكانت تقضي العروس رفقة مرافقتها أزيد من أربع ساعات في الحمام، حقيقة كان للعروس مكانة خاصة أثناء زفافها، لكن اليوم ونظرا لضيق الوقت وكذا المصاريف الإضافية والتكاليف الباهضة تم التخلي على عدد كبير من هذه العادات. ^ ماذا عن الأعراس في قالمة؟ ^^ ولاية قالمة معروفة بالقندورة، وفي اعتقادي المرأة القالمية لا تزال متمسكة بعاداتها وتقاليدها ويظهر ذلك من خلال تمسكها بالقندورة رمز الأصالة في أعراسها، إلى جانب عدم تخليها عن مهنة الماشطة التي تعتبر أيضا مهنة كانت ولا تزال مرتبطة بالأعرس.