شدّدت الدكتورة، طالبي أمينة، مختصة في الأمراض السرطانية بمركز بيار ماري كيري بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، على ضرورة إدراك مرضى السرطان لخطورة المرض الفتّاك الذي ينخر أجسادهم، والذي يتطلّب عدم المخاطرة بأنفسهم بالإقدام على الصيام، مؤكدة أنه يمكنهم الصوم إذا ما كانت حالتهم الصحية وطريقة العلاج التي يخضعون لها تسمح بذلك. إلا أن الأمر لا يسلم من المخاطر، ذلك أن هذا المرض يضعف الجسد الذي يصبح شبه فاقد للحريرات إلى درجة أنها تصل إلى نصف حريرة، في الوقت الذي تصل عند الإنسان العادي إلى 30 ألف حريرة. أما عن خصوصية شهر رمضان بالنسبة لمرضى السرطان فتقول محدثتنا إن المريض الذي يتطلب علاجه البقاء في المركز، لا يختلف عنده شهر رمضان عن باقي شهور السنة، بحيث يتابع المريض العلاج، ويصارع المرض على مدار السنة، فيما تسمح الحالة الصحية التي وصل إليها بعض المرضى الذين تجاوبوا مع العلاج إلى أبعد حد مغادرة المركز، لبضعة أيام خلال هذا الشهر، لكن نسبة هؤلاء قليلة، فيما يمنع من بدأوا العلاج المسمى "الشيميوتيرابي"، من الخروج نهائيا خلال فترة العلاج، أما البعض الذي يخشى أن يقدم على الصوم، فيسمح له بالخروج فقط يومي العيد. وفي هذا الإطار، تؤكد الدكتورة طالبي أن بعض المرضى يغتنمون فرصة السماح لهم بالذهاب إلى البيت، للصيام، وقد أوعزت المختصة أسباب إقدام المرضى على هذا التصرف الخطير، الى نظرة المجتمع لمن لا يصوم والإحساس المترتب عن ذلك لدى المريض، إضافة إلى حب أداء الواجب الديني، وفي ظل خوف البعض من دنو أجلهم ومغادرة الدنيا محمّلين بدين الصيام، في الوقت الذي يمكن لهذه المجازفة أن تؤدي إلى تدهور الحالة الصحية للمريض إلى درجة خطيرة، "لا تصل إلى الموت لكنها تضعف الجسد الذي حُمِّل ما لا يطيق، وهذا شيء لا يحبه الله". وقد ناشدت الطبيبة مرضى السكري عدم المخاطرة بأنفسهم، وتجنب الصيام إذ يمكنهم التصدق بالمال بدلا منه. مهدي محافظ فوج كشفي "أحب الصوم لكنني ألتزم بتعليمات الطبيب" "مهدي" شاب في مقتبل العمر، مثقف ومدرك لمرضه ويتعايش معه، يقول عن صيامه هذه السنة أنه متوقف على ترخيص الطبيب المعالج، ورغم أنه يرغب ككل مسلم في صيام الشهر، إلا أنه يتبع التعليمات ولا يخالفها، فبالنسبة إليه المريض بهذا المرض هو طبيب نفسه، يصوم حينما يقوى على ذلك، ويمتنع إذا تأكد أنه غير قادر. مهدي، الذي اكتشف إصابته بهذا الداء الخبيث منذ 3 سنوات، يقول إنه أفطر في العام الأول 7 أيام لضرورة العلاج، أما في العام الموالي فكان قد شفي وصامه كاملا، إلا أنه عرف انتكاسة بسببها وهو الآن في المركز. مهدي الذي هو محافظ فوج كشفي معروف بأحد أحياء العاصمة، بروح الكشّاف القوي، تحدث إلينا عن مرضه، وبذات الروح يواجهه.