وقّعت الجزائروتونس أمس ثلاث اتفاقيات تخص الملكية الصناعية والقياسة والعقار في ختام أشغال الدورة التاسعة للجنة المختلطة بين البلدين المكلفة بتقييم ومتابعة التعاون الصناعي. وتم حفل التوقيع بحضور وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، والطاقة والصناعة والمناجم زكريا حماد، اللذين وقّعا على محضر الاجتماع الذي ينص على إنشاء آلية لمتابعة هذه الاتفاقيات. وأكد الوزيران على أهمية الاتفاقيات لإعطاء دفع للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، لاسيما في ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة، والتي تتطلب مزيدا من "التكاتف لرفع التحديات"، مثلما أشار إليه السيد بوشوارب في افتتاح أشغال الجلسة. وأوضح في السياق أن اقتصاد أي بلد لا يمكنه أن يتطور في معزل عن محيطه، معتبرا أن ذلك يُعد "انتحارا اقتصاديا"، مضيفا أن العلاقة بين الجزائروتونس "تتميز بخصوصية تجعلها في غاية المناعة والحصانة؛ "لأنها تتوفر على كافة الشروط المطلوبة"، وهو ما يسمح بترقية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لتصبح "نموذجا يُقتدى به في المنطقة، لاسيما ونحن في زمن كثرت فيه الصراعات"، كما أشار إليه. وبالنسبة لقطاع الصناعة بالجزائر، ذكر الوزير بأنه يعرف "حركية غير مسبوقة، تهدف إلى إدماج الاقتصاد الوطني فعليا في الاقتصاد العالمي"، مذكرا بأهم التدابير التي اتخذتها الحكومة لتحقيق ذلك، لاسيما "وضع اللمسات الأخيرة لقانون الاستثمار الجديد" الذي سيعرَض على الحكومة يوم الأربعاء للمصادقة عليه، والذي سيسمح بتحسين مناخ الاستثمار، و"مراجعة قانون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة"، و"إعادة تنظيم القطاع الصناعي العمومي". ودعا السيد بوشوارب رجال الأعمال التونسيين إلى تكثيف مساهمتهم في الاقتصاد الجزائري؛ من خلال إقامة شراكات صناعية، لاسيما باستغلال الفرص المتاحة في البرامج التنموية، واعدا بإعطاء كل الدعم والاهتمام والمساعدة لهؤلاء من أجل تحقيق الأهداف المسطرة. وبالنسبة للوزير التونسي للطاقة والصناعة والمناجم، فإن الاجتماع التاسع للجنة المشتركة يُعد آلية لتطوير التعاون الصناعي بين البلدين، الذي يشهد "تطورا إيجابيا متسارعا". وقال إن اللجنة مكّنت منذ إنشائها من إعطاء مزيد من الدفع للعلاقات الثنائية وتنويعها وتعزيزها، إلا أنه اعتبر أن النتائج المتوصل إليها إلى حد الآن، ورغم أهميتها من حيث تبادل التجارب والخبرات، تبقى غير كافية، وتستوجب مزيدا من العمل لتطوير آليات التعاون وتنويعها؛ تحقيقا للأهداف المرسومة، وللارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى رتبة "الشريك المميز". وقال إن حكومتي البلدين تعملان على تدعيم هذا التوجه والانطلاق نحو التكامل الاقتصادي، وهو ما يتحقق عبر تعزيز التعاون الفني الموجود حاليا بين البلدين إلى تعاون اقتصادي، يشمل وضع نسيج صناعي مشترك وشبكة مناولة وكذا تعاون علمي وهندسي. وقال السيد حماد إنه من الضروري تدعيم المناعة الاقتصادية للبلدين في الوقت الراهن، في ظل بناء اقتصاد مغاربي متكامل. للإشارة، فإن اجتماع الدورة التاسعة للجنة المختلطة الخاصة بالتعاون الصناعي، سمح كذلك بالتحضير لاجتماع اللجنة العليا بين البلدين، التي ستنعقد يومي 25 و26 أكتوبر المقبل تحت رئاسة الوزيرين الأولين، والتي ستكون فرصة للمصادقة النهائية على الاتفاقيات الموقَّعة أمس بالجزائر. للتذكير، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين المعهد الوطني للملكية الصناعية والمعهد الوطني التونسي للملكية الصناعية والمواصفات، وينص على تبادل الخبرات بين الهيئتين. كما وقّعت الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري على مذكرة تفاهم مع الوكالة التونسية للعقار، تهدف إلى الاستفادة من الخبرات التونسية في تهيئة وتسيير المناطق الصناعية، إضافة إلى التوقيع على اتفاق بين الديوان الوطني للقياسة القانونية والمخبر المركزي التونسي للتحاليل والتجارب. وشدّد الوزير التونسي على وجود إرادة سياسية بين البلدين وتطابق في وجهات النظر، تسعى لتنفيذ الاتفاقيات الموقّعة خلال الثلاثة أشهر القادمة. وسجل تطورا في المبادلات التجارية بين البلدين بنسبة 30 بالمائة في 2014 مقارنة بسنة 2013. من جانب آخر وردا على سؤال حول المشاكل التي يلاقيها المستثمرون الجزائريون لإيصال سلعهم إلى تونس رغم وجود اتفاق تفاضلي في مجال التجارة بين البلدين، فإن المسؤول التونسي أكد على وجود "إرادة" لرفع هذه الإشكالات، واعدا بحل المشاكل المطروحة من قبل المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين، لاسيما من خلال إعادة النظر أو مراجعة الاتفاق التفاضلي. وعن قضية التهريب في الحدود، أكد أن الجهود متواصلة لمكافحته، مشيرا إلى أنها أتت بنتائج بالنظر إلى انخفاض الكميات المهرَّبة إلى تونس، لكنه اعترف بصعوبة المهمة؛ نظرا لطول المسافة الحدودية البالغة 1000 كلم. وأوضح في هذا السياق، أن الحكومة التونسية بدأت بإقامة "جدار عازل" في الحدود مع ليبيا لمكافحة التهريب، وأنها ستعمل على تكثيف جهودها لمراقبة الحدود مع الجزائر.