لم تقف جمعية سندس الثقافية الترفيهية مكتوفة الأيدي أمام نقص أو حتى انعدام المرافق الخاصة بالطفل في بلدية شفة التابعة لولاية البليدة، بل قامت تحت إمرة مديرها محمد عنون وبمساعدة جميع أعضائها، بفتح فضاء خاص بهذه الشريحة تحت اسم "نادي الطفل الذكي". وبهذه المناسبة، كشف رئيس جمعية سندس الثقافية الترفيهية السيد محمد عنون ل "المساء" على هامش افتتاح نادي الطفل الذكي، أول أمس بالمركز الثقافي عبد القادر وزري بشفة (البليدة)، عن رغبة الجمعية في سد الفراغ الرهيب الذي يعاني منه الطفل في هذه المنطقة؛ بسبب غياب أدنى المرافق الخاصة به، مضيفا أن الطفل بحاجة إلى إفراغ طاقته بعد إنهاء يومه الدراسي من خلال ممارسته اللعب بالدرجة الأولى. وأشار عنون إلى أن الجمعية فكرت في إحضار الألعاب الإلكترونية لهذه الشريحة من المجتمع، لكنها ارتأت أن تستشير متخصصا نفسانيا؛ باعتبار أن هذا النوع من الألعاب مثل الأنترنت، سلاح ذو حدين يمكن أن يضر وأن ينفع أيضا، فكان لها ذلك من خلال مشروع حددت نقاطه وقدمته لمديرية الشباب والرياضة التي وافقت عليه فورا، ولم تتوقف عند هذا الحد، بل اهتمت الجمعية ببرمجة نشاطات أخرى، وهي دروس تقوية في المواد الأساسية (اللغة العربية والرياضيات واللغة الفرنسية)، وكذا ورشات خاصة بالرسم والأشغال اليدوية وحتى رحلات ترفيهية. وأكد عنون على واجب الاهتمام بالطفل؛ لأنه لبنة المجتمع وضرورة تلقينه مبادئ التضامن والتطوّع، لينتقل إلى حب التطوع لدى الجزائري عامة، وهو ما لوحظ في زمن الأزمات والمصائب، ليضيف أن المشكل يمكن في ضعف التواصل بين أطياف المجتمع؛ ففي حال إيصال المعلومة يأتي الجزائري ركضا لتقديم يد العون مجانا. من جهته، قال رئيس المجلس الشعبي لبلدية شفة السيد محمد بن علال ل "المساء"، إن بلدية شفة تقدم المساعدة لكل الجمعيات الرياضية والثقافية بالمنطقة برحابة صدر، حيث تقتطع نسبة ثلاثة بالمائة من ميزانيتها حسب قوانين الجمهورية لصالح هذه الهيئات التي تحمي الشباب وتأخذ بهم إلى الطريق الصحيح. وأضافا بن علال أن بلدية شفة تقدم في كل سنة مبلغ 600 مليون سنتيم لصالح هذه الجمعيات. أما عن جمعية سندس فقد منحتها مبلغ 30 مليون سنتيم، إضافة إلى مساندتها أيضا بالوسائل، مثل الحافلات، حينما تبرمج هذه الجمعية رحلات ترفيهية. كما اعتبر رئيس بلدية شفة أن نسبة ثلاثة بالمائة قد تكون كافية في حال إذا كانت ميزانية البلدية كبيرة. وبالمقابل أشار المتحدث إلى انشغالات سكان بلدية الشفة، والتي تأتي في مقدمتها مسألة السكن، مضيفا أن البلدية رفضت أن تحتضن بنايات الترقوي العمومي؛ باعتبار أن أغلب سكان شفة لن تستفيد منها. أما عن السياحة في شفة، فنوّه ابن علال بجمال جبال شفة التي قال إنها تضاهي بل تفوت جمال الشريعة؛ باعتبار أنها تضم أراضي مستوية. كما عرّج على منبع القرود التي تجذب إليها الكثير من الزوار، إلا أنها تعاني بحكم أن معظم من يزورها لا يصرف من جيبه إلا نزرا، والنتيجة أن المطعم أغلق أبوابه، وقد يكون نفس مصير بقية المحلات، وما زاد من الطين بلة ارتفاع الإيجار (وصل إلى ستة ملايين) ومنع تجديد العقد بعد ثلاث سنوات من توقيعه. عودة إلى أجواء المركز الثقافي عبد القادر الوزري الذي يحتضن مقر جمعية سندس، وهذه المرة مع مديره السيد مختار محمد، الذي قال ل "المساء"، إن جمعية سندس هي الجمعية الأم في منطقة شفة؛ حيث تم ميلادها بحكم ضرورة تأطير مجهودات الشباب من جهة، وكذا حصولهم على الدعم المالي من جهة أخرى. وأضاف مختار أن العائق الذي يحول دون أن تؤدي سندس دورها بالكامل يتمثل في ضيق فضاء المركز؛ مما يستوجب وضع برنامج محكم يقسم نشاطاتها، ليعرج بحديثه على دور الجمعيات بصفة عامة، فقال إن هناك من الجمعيات من تعمل بجد وتحتاج إلى دعم كبير من الدولة، ولكن في نفس الوقت من الضروري أن تلجأ إلى استثمار خاص لكي تؤدي مهامها على أحسن وجه، وهناك جمعيات موسمية وظرفية لا تعمل إلا في المناسبات، وهو ما اعتبره أمرا مشينا. ولم تغادر "المساء" مقر جمعية سندس من دون الاقتراب من الأستاذتين اللتين قررتا تعليم الأطفال مجانا. وفي هذا السياق، قالت السيدة غانم شفيقة، سكرتيرة بمدرسة ابتدائية، إن تخصيص أمسيتي السبت والثلاثاء لتعليم أطفال الطور الابتدائي أبجديات اللغة الفرنسية، مهم بالنسبة لها، وأضافت أنها سعيدة جدا بتقديم هذه الخدمات مجانا؛ حبا لهذه المهنة النبيلة. أما السيدة حمودة زهية فبعد حصولها على ليسانس في اللغة العربية وامتهانها وظيفة سكرتيرة بنفس ابتدائية زميلتها شفيقة، ها هي اليوم تقرر تدريس الأطفال المنخرطين بالجمعية، اللغة العربية والرياضيات، وتقول: "أحب التعليم، وما يشجعني أكثر على تدريس الأطفال هو حبهم للدراسة حتى إنهم يحضّرون الدرس قبلي".