أكد الممثل الأعلى للاتحاد الإفريقي إلى مالي والساحل، بيار بويويا، أن تجربة الجزائر في حل النزاعات تبقى رائدة على المستوى الإفريقي، مبرزا الدور الهام لبلادنا في ترقية سياسة الحوار، كما كان الحال مع أزمة مالي، حيث لعبت الجزائر دورا هاما من أجل التوصل إلى إبرام اتفاق للسلم والمصالحة بين فرقاء هذا البلد. وأشار الرئيس البورندي الأسبق في تصريح ل"المساء" إلى أن الاتحاد الإفريقي يقر بالجهود الجبارة التي تقوم بها الجزائر لإيجاد أفضل الحلول في تسوية النزاعات بشكل سلمي، مضيفا أن القوة والحلول العسكرية لا تؤتي أكلها في كل مرة. وقدم في هذا الصدد، مثالا عن أزمة مالي حيث كانت أهداف التدخل العسكري محدودة على حد قوله. وإذ أشاد بويويا بالدور المحوري للجزائر على المستوى الإفريقي، فقد أكد أنها (الجزائر) تمتلك كل المقومات التي تمكنها من الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة عموما. وأرجع ذلك إلى نجاحها في بناء عامل الثقة خلال قيادتها للمفاوضات بين الأطراف المتنازعة، كما كان الحال مع مسار أزمة مالي والذي كلل في الأخير بالنجاح. ويرى المسؤول الإفريقي أن دول القارة أضحت بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتبني ثقافة السلم والأمن، مشيرا إلى أنه بإمكان الجزائر ودول إفريقية أخرى العمل من أجل ترقية هذه المبادئ حتى تصبح مستقبلا ضمن أدبيات العمل الإفريقي. من جهة أخرى، أكد مصدر دبلوماسي ل"المساء" أن مشاركة وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في المنتدى الدولي الثاني حول السلم والأمن في إفريقيا بدكار، تندرج في سياق إبراز تجربة الجزائر في مجال تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية والتي أثبتت نجاحها ميدانيا، وقدم في هذا الصدد مثالا عن أزمة مالي التي تعد من أبرز النماذج الشاهدة على فعالية الدبلوماسية الجزائرية - كما قال - مضيفا في هذا السياق أن العديد من الدول تبدي إرادتها للاستفادة من تجربة بلادنا في مجال إرساء دعائم السلم. وفي هذا الصدد، أشار مصدرنا إلى أن الجزائر تشارك في هذا الاجتماع، وفي رصيدها تجارب غنية في مجال حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية، مؤكدا أن بلادنا أضحت اليوم مركز اهتمام العديد من الدول بالنظر إلى دورها المحوري في تبني الخيارات السلمية في معالجة الأزمات.وأضاف أن السياق الدولي الراهن يقتضي تعزيز الجهود الدولية للتصدي لكافة مظاهر العنف والتطرف التي تغذي آفة الإرهاب، والتي تجد في الفوضى المستشارية في المناطق التي تعيش حالات اللااستقرار فرصة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية، وعليه يرى مصدرنا أن الجزائر ترافع خلال هذا الاجتماع من أجل تبني الأساليب الملائمة في التعاطي مع الأزمات برؤية شاملة لا تنحصر فقط على الجانب الأمني والعسكري فحسب وإنما أيضا على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي لسد المنافذ أمام الجماعات الإجرامية.وقال مصدرنا إن الكثير من الدول الإفريقية تتطلع للإستفادة من تجربة الجزائر في مجال تكريس السلم والأمن، وهي التي دفعت ثمنا غاليا من أجل استعادتهما بعد تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مشيرا إلى أن سياسة الجزائر في حل الأزمات الدولية وقبولها القيام بالوساطات، إنما ينم عن قناعتها بأن تبني الحلول السلمية أضحت عملة نادرة في عالم مازالت تتفشى فيه الكثير من بؤر التوتر. يذكر أن الجزائر دأبت خلال السنوات الماضية على التحسيس بخطورة الإرهاب عبر المنظمات الإقليمية والجهوية، حيث استطاعت من خلال الاتحاد الإفريقي، تقديم مشروع قانون نموذجي إفريقي لمكافحة الإرهاب، علما أنها تقوم بدور المنسق والفاعل الإقليمي المحوري لمنطقة الساحل والصحراء في مواجهة تحدي الجماعات الإرهابية.ولم ينحصر دور الجزائر في التحسيس بخطورة الإرهاب والجريمة المنظمة، بل تعداها أيضا إلى تفعيل آليات الاتحاد الإفريقي للمرافعة عن الانشغالات الإفريقية على مستوى مجلس الأمن لمنظمة الأممالمتحدة لاسيما بعد أن وجدت نفسها ملزمة بالدفاع عن مصالح القارة عبر المحافل الدولية في ظل الاضطرابات التي تعيشها بعض دول القارة. وتجلى التزام الجزائر برفع الانشغالات الإفريقية من خلال احتضانها لاجتماعات رفيعة المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا، في وقت وجدت الدبلوماسية الجزائرية نفسها مجبرة على التعاطي مع القضايا الإفريقية بالتمسك بمبادئ الحل السلمي وتكريس الحوار. وقد نجحت الدبلوماسية الجزائرية في الكثير من المناسبات في فرض وجهة نظرها المتمثلة في الحل السلمي ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجريم دفع الفدية للإرهابيين، إلى جانب التركيز على المفهوم الواسع للأمن وتكريس التنمية الإقليمية الواسعة الكفيلة بضمان أمن واستقرار دائمين. وفي المقابل، تدعو الجزائر الدول الإفريقية لتقديم المزيد من التضحيات لاسيما من خلال ضمان موارد مالية لترك إسهام المجتمع الدولي يقتصر على المساعدة في مجال التكنولوجيا والاستخبارات والتكوين، من منطلق أن الدول ملزمة بتنسيق جهود كل المؤسسات للإسهام في مكافحة الإرهاب والوقاية منه واللتين لا ينبغي أن تبقيا من اختصاص الدبلوماسية والدفاع وحدهما.