تطمح الجزائر من أجل عقد منتدى إفريقي للطاقات المتجددة وهو إجراء يعكس إرادة البلد وعزمه على بعث تحول طاقوي قائم على طاقات نظيفة، حسبما صرح به، أمس، بباريس الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي جدد التزام الجزائر بالعمل من أجل التوصل إلى اتفاق دولي طموح للتصدي لانعكاسات المناخ. وقال سلال في كلمته خلال الندوة العالمية للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية إن الجزائر "تطمح للعمل من أجل إنشاء منتدى إفريقي للطاقات المتجددة والذي سيمثل قاعدة سنوية للحوار والتوافق بين أصحاب القرار السياسيين ورؤساء المؤسسات والنخبة العلمية". ويعد هذا المنتدى كذلك "مجالا لنشر الممارسات الجيدة وكذا عرض آخر الاكتشافات التقنية والتكنولوجية"، حسب الوزير الأول. كما أضاف السيد سلال أنه بالنسبة للجزائر، "التي تتوفر على موارد هامة للطاقات المتجددة، فإن تطوير هذه الأخيرة لا يتلخص فقط في قرار بيئي وإنما يعتبر كذلك كتحد مستقبلي وخيار اقتصادي وبالتالي طموح صناعي مدروس". وقال الوزير الأول إن البلد مستعد للعمل مع باقي الدول للرفع من الطموح في هذا المجال وكذا توحيد الجهود للتقليل والتأقلم مع التغيرات المناخية. ولبلوغ هذا الهدف "نشجع شركاءنا من الشمال والجنوب للانضمام إلينا في إطار أصدقاء مرافقة طموح الجزائر في إطار التقليل والتأقلم مع التغيرات المناخية"، حسب الوزير الأول. كما صرح السيد سلال أن النتائج النهائية لهذا الإجراء ستتبلور في الطرح النهائي لمساهمة الجزائر خلال دخول اتفاق باريس حيز الخدمة في 2020. وجدد الوزير الأول عزم الجزائر على العمل من أجل الوصول إلى اتفاق عالمي جديد يكون طموحا وموجها نحو التحرك ومرتكزا على الإنصاف. وقال السيد سلال خلال افتتاح الندوة ال21 لأطراف الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية: "تؤكد الجزائر مجددا عزمها على العمل من أجل المصادقة على اتفاق دولي جديد وطموح بمشاركة الجميع وهو اتفاق موجه نحو التحرك ويرتكز على الإنصاف اليوم وغدا وكذا على التضامن في مجال التصدي لانعكاسات المناخ يكون مقتبسا من روح الانتماء المشترك لمصير عالمي مشترك". وأشار الوزير الأول إلى أن الجزائر وافقت مثلما سبق وأن فعلته خلال المفاوضات الخاصة باتفاقية ريو حول المناخ على المسؤولية الثقيلة في رئاسة أحد دبلوماسييها البارزين اللجنة التحضيرية لندوتنا هذه مناصفة مع مواطن بارز من الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويشار إلى أن اللجنة يرأسها مناصفة الجزائري احمد جغلاف والأمريكي دانيال ريفسنايدر. وأضاف السيد سلال أن الجزائر كانت ضمن البلدان الأولى السائرة في طريق النمو التي عرضت منذ 4 سبتمبر الماضي مساهمتها المؤقتة والمحددة على المستوى الوطني والتي تعكس -كما قال- التزام وعزم السلطات العليا لبلادي في الشروع دون آجال في انتقال طاقوي يقوم على الطاقات النظيفة لاسيما الطاقات المتجددة. وفي هذا الصدد، كشف الوزير الأول أن الجزائر تسعى إلى تنظيم منتدى إفريقي للطاقات المتجددة الذي ستكون بمثابة أرضية سنوية للحوار والتشاور بين صناع القرار السياسي ورؤساء المؤسسات والمجتمع العلمي. كما سيكون هذا المنتدى -يضيف السيد سلال- فضاء مناسبا لنشر الممارسات الجيدة ولعرض آخر الابتكارات التقنية والتكنولوجية. ولفت إلى أن توفر الجزائر على مصادر هامة للطاقات المتجددة يعني بأن تطوير هذه الأخيرة ليس قرار بيئيا فحسب بل رهان مستقبلي وخيار اقتصادي إرادي وبالتالي طموح صناعي سديد. وأبرز السيد سلال -في هذه المناسبة- استعداد الجزائر للعمل مع آخرين لرفع طموحها النظيف وتحفيز مجهود منسق فيما يتعلق بالتخفيف والتكييف مع التغيرات المناخية. كما أكد في السياق يقول: "نشجع شركائنا في الشمال وفي الجنوب على الانضمام إلينا في إطار أصدقاء مرافقة الطموح الجزائري في مجال الحد والتكيف مع التغيرات المناخية". من جهة ثانية، شدد السيد سلال على أنه "على غرار الإرهاب لا تعرف التغيرات المناخية حدودا إذ لا تستثني آثارها المتعددة الأشكال أي بلد وإن البلدان الأكثر هشاشة هي الأكثر عرضة". وذكر سلال بأن المجتمع الدولي اعترف أخيرا بأن التغيرات المناخية عامل يؤدي إلى مضاعفة التهديدات التي يواجهها السلم والأمن العالميين إذ يزيد من التوترات وانعدام الأمن وتدفق المهاجرين المناخيين كما يزيد من حدة الجريمة العابرة للأوطان. كما لفت إلى أنه جرى الاتفاق بدوربان (جنوب إفريقيا) منذ أربع سنوات خلت على اعتماد اتفاق دولي جديد ملزم بباريس بمشاركة الجميع بغية تفادي ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض التي قد تهدد التوازنات البيئية الضرورية. لعمامرة يؤكد بذل الجزائر قصارى جهدها للوصول إلى اتفاق متوازن أكد وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، بباريس، عزم الجزائر على إنجاح قمة المناخ (كوب21 )، من خلال التوصل إلى اتفاق ملزم ومتوازن يخدم مصالح جميع الأطراف للحد من الاحتباس الحراري وبين الحاجيات التي تفرضها أهدافها التنموية. واعترف السيد لعمامرة، أول أمس، في تصريح صحفي عقب وصوله إلى باريس للمشاركة في القمة، أن مواقف الدول لا تزال "متباعدة" في هذا الشأن لكن الحضور المكثف لقادة الدول والحكومات في افتتاح القمة سيعطي "دفعة هامة" للمفاوضات. وفي هذا السياق، أكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية، أن الوزير الأول عبد المالك سلال سيقدم خلال عرضه لموقف الجزائر بعض الأفكار "المبتكرة" في هذه القمة التي تعد "الأهم في تاريخ الإنسانية" في مجال مكافحة التغيرات المناخية. وقامت الجزائر، يضيف وزير الدولة، بلعب دور "فعال" في مختلف المساعي الهادفة للحد من التغيرات المناخية منذ قمة ريو دي جانيرو (البرازيل) في 1992، مشيرا أيضا إلى المشاركة "النشطة" في المسار التحضيري لقمة باريس من خلال ترؤسها رفقة الولاياتالمتحدة لجنة المفاوضات التي سيتمخض عنها وثيقة عالمية ستعرض على التصويت في نهاية القمة. وتسعى الجزائر لأن تكون هذه الوثيقة ملزمة لجميع الأطراف مع تكريس مبدأ المسؤولية المشتركة في الحد من الاحتباس الحراري لكن مع تباين الأعباء حسب السيد لعمامرة. من جهته، صرح وزير الموارد المائية والبيئة عبد الوهاب نوري أن "الجزائر المعروفة بمصداقيتها وبدبلوماسيتها النشيطة، ستعمل مع مختلف الدول للتنسيق بين الدول والتقريب يبن مختلف وجهات النظر للخروج بقرارات ترجع بالفائدة على البشرية جمعاء للحفاظ على كوكب الأرض" . غير أن مسعى الخروج باتفاق عالمي يحد من الاحتباس الحراري يبقى "صعبا جدا"، حسب السيد نوري، الذي يعول على "وعي الدول بضرورة التحرك المستعجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه". وتؤكد الجزائر خلال هذه القمة رغبتها في مواصلة الجهود الرامية للحد من التغيرات المناخية التي شرعت فيها منذ عقود لكنها ستطالب في نفس الوقت دعما دوليا في مجال التمويل والتكوين ونقل التكنولوجيا وفقا للسيد نوري.