الظرف الاقتصادي الصعب الذي يعرفه العالم وانعكس على الجزائر من خلال تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، يفرض على كل الجزائريين وخاصة منهم ذوو التأثير في الحياتين السياسية والاقتصادية أن يتجندوا لإيجاد الآليات للحد من هذه الأزمة وعبورها بأقل الأضرار في حال ما إذا زادت حدتها، لا قدر الله. ولكن الذي نشهده على الساحة الوطنية هو أن الكثير من الأصوات التي تركن إلى الصمت في الأوقات العادية نجدها تعلو كلما لاحت في الأفق صعوبات ليس لاقتراح حلول ممكنة لها، أو شرحها وتبيان خلفياتها ومآلاتها ولكن لتعكير مزاج الرأي العام الوطني بالتهويل وتسويد الحاضر والمستقبل وتحميل هذه الجهة أو تلك الشخصية مسؤولية ما يحدث قد أقول ليس في الجزائر فقط ولكن على المستوى الإقليمي والدولي. وأسمح لنفسي بالقول بأن مثل هذه الأصوات التي تثبط العزائم، وتشكك في كل خطوة تتخذ لصالح الاقتصاد دعما أو حماية، هي عبارة عن نعيق غربان تنذر بكل شؤم. إن المواطنة التي يتشدق بها الكثيرون ويتخذها البعض كحصان طروادة للتشويه والتشكيك والإساءة في كثير من الأحيان، تفرض على أصحابها أن يكونوا أدوات بناء لا معاول هدم، وأن يكونوا أكثر تلاحما وتجندا لحماية البلد من أي سوء في أوقات الشدة، وإلا أصبحت المواطنة المتشدق بها مجرد شعارات لتحقيق مكاسب ومصالح هنا وهناك. إن المواطنة الحقة هي التي تسأل ماذا أعطت للوطن ولا تسأل ماذا أعطاها الوطن، وبغير هذه الروح لا يمكن أن يتحقق مجتمع المواطنة.