أشرف صباح أمس وزير الاتصال من قسنطينة على انطلاق أكبر مشروع إعلامي منفتح على فعاليات المجتمع، من خلال دورة تكوينية لصحافيي مختلف وسائل الإعلام الخاصة والعامة (مكتوبة ومرئية ومسموعة وإلكترونية) وأيضا للجمهور العريض الذي غصت به قاعة دار الثقافة، مالك حداد.. هذه الدورة الأولى من نوعها التي تركت انطباعا لدى القسنطينيين على أنها تشريف بأن تكون عاصمة الثقافة العربية منطلقا لهذا المشروع الذي سيشمل لاحقا 48 ولاية. الدورة هذه خرجت عن المألوف في ما سبق توضيحه، حيث تميزت بتفاعل مباشر بين الصحف والقارئ، أي المواطن. الدورة أعدتها وزارة الاتصال ونشطها المدير العام للإذاعة الوطنية الأستاذ، شعبان لوناكل، تحت عنوان بارز "التعرف على وسائل الإعلام: للمواطن الحق في معلومة موثوقة"، كانت فرصة سانحة في الكلمة الافتتاحية للوزير قرين الذي ذكر بأساسيات العمل الصحفي والإعلامي عموما من خلال حق المواطن في الإعلام الذي هو التزام دستوري يضاف إلى واجب المهنية وفق ضوابط هذه المهنة النبيلة من أجل بلوغ صحافة حرة محترفة ومسؤولة، تتقيد بحدود مصداقية الخبر والمعلومة الموثوقة وأخلاقيات المهنة. الوزير دعا إلى إقامة شراكة فعلية تفاعلية بين الإعلام والمجتمع، وفق قواعد وضوابط تحدد العلاقة بين واجب الصحفي في تقديم خبر صادق وموثوق، بعيدا عن القذف والتجريح والتحريف والتزييف وحق المواطن سواء كان قارئا أومشاهدا أومستمعا في تلقي خبر حر صادق يستوفي كل الشروط. واعتبر الوزير قرين أن مثل هذه اللقاءات المفتوحة على المجتمع بمختلف فعالياته من خلال نقاش صريح ومباشر، كفيلة بتجاوز كثير من التوترات وسوء الفهم والتشنج الذي أساء إلى العمل الصحفي وحال دون الوصول إلى إعلام محترف موثوق المعلومة. وعليه، فإن التكوين سيظل أفضل دعامة ومرجعية لتحقيق ذلك. مباشرة بعد الكلمة الافتتاحية لوزير الاتصال التي جرت بحضور والي قسنطينة وأمام جمهور عريض غصت به دار الثقافة، مالك حداد من أهل المهنة وأساتذة الاختصاص وطلبة الإعلام والمنتخبين وكذا ممثلين عن مختلف شرائح المجتمع المدني في مختلف القطاعات، عرض مدير الإذاعة الجزائرية السيد شعبان لوناكل تجربته المهنية في التعاطي مع المعلومة إذاعيا، مستعرضا محاور عديدة من مفاهيم العمل الصحفي. واعتبر لوناكل التهريج والإثارة في الإعلام أمرا سلبيا مبررا هذا الطرح بأن المصالح العليا لأي دولة فوق كل اعتبار وأن هذه المسؤولية يتقاسمها الإعلام العمومي والخاص في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة ومنها الجزائر، التي قال إنها كانت وتبقى مستهدفة. وطالب الإعلامي شعبان لوناكل الإعلاميين بالتركيز على القضايا الهامة على غرار الوضعية الأمنية على الحدود، وعدم الدخول في القضايا الهامشية مثل التراشق بين مختلف الشخصيات، التي باتت، حسب رأيه، تأخذ حيزا كبيرا في صفحات الجرائد وبلاتوهات المحطات التلفزيونية. وحول التغطية الإعلامية، قال المتدخل، إنها تختلف من بلد إلى آخر لأن لكل بلد ظروفه الخاصة وطبيعة مجتمعه، التي من منطلقها ترسم السياسة الإعلامية المنتهجة، وأنه من غير الصواب رسم صورة افتراضية لما ينبغي أن تكون عليه وسائل الإعلام انطلاقا من تجارب مجتمعات أخرى، مضيفا أنه من الخطأ استيراد تجربة إعلامية لدولة ما وإسقاطها على الجزائر التي يلتقط مواطنوها حوالي ثلاثة ألاف قناة من مختلف التوجهات تعمل وفق أجندات مختلفة. ليدعو إلى تأسيس منظومة إعلامية وطنية تضع في حساباتها مصلحة الوطن والمواطن وتكون آنية ومستقبلية. وقال لوناكل إن الإرادة السياسية موجودة بأعلى رأس هرم السلطة، للذهاب بشكل جدي، عميق وفعال إلى تطوير المنظومة الإعلامية الوطنية، وقد تجسد ذلك في خطاب رئيس الجمهورية في 15 أفريل 2015، وهو الخطاب، يضيف المتدخل، الذي جاء بالقانون العضوي للإعلام وقانون السمعي البصري، ورسم اليوم الوطني للصحافة، وأعطى بذلك دفعا ودعما كبيرين للإعلاميين لتمكينهم من الاحترافية وتكريس حرية التعبير. وشدد لوناكل على مسؤولية الإعلامي ومسير المؤسسة الإعلامية في احترام أخلاقيات المهنة، كما لم يستبعد مسؤولية المتلقي، (المواطن) عند الردة الأولى من خلال مراقبة المادة الإخبارية التي يتلقاها والتفاعل معها بشكل صحيح. وتحدث المدير العام للإذاعة الوطنية، عن تجربة هذه الأخيرة التي انطلقت بثلاث قنوات سنة 1991 وعدد قليل من المراسلين، لتصل إلى 55 قناة، مؤكدا أنها بإذاعاتها المحلية، كانت خط الدفاع الأول عن مصالح الوطن خلال أحداث الربيع العربي، مضيفا أن هذه المؤسسة تقدم 676 موعدا إخباريا و850 ساعة من البرامج يوميا، عبر مختلف أنحاء الوطن وتزرع الأمل بدل نشر ثقافة اليأس. وفتح بعدها الباب للنقاش الذي كان متنوعا وثريا، حيث عرف تدخل ممثلي مختلف شرائح المجتمع، وانصبت جل التدخلات في عدد من النقاط، أهمها حق الرد، التغطية الإعلامية للمسائل الأمينة، الإعلام الديني وضرورة توسيعه على مختلف أنحاء الوطن لمحاربة الفكر التكفيري، التكوين في الصحافة الخاصة وتقييم التلفزيونات الخاصة، سلطة الضبط وورشات الإصلاح والقيم الأخلاقية في العمل الإعلامي ومستقبل المتخرجين من معاهد الإعلام.