واصلت محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة، أمس، الاستماع إلى أقوال وشهادات المتهمين في قضية "سوناطراك-1-" المتابعين بتهم ثقيلة تتعلق بتكوين جمعية أشرار وإبرام عقود شراكة مخالفة للتشريع وتقديم الرشوة وتبديد أموال عمومية بلغت 1100 مليار سنتيم، حيث استكمل رئيس المحكمة الجلسة السادسة من فصول هذه المحاكمة الاستماع إلى نائب الرئيس المدير العام لمجمّع سوناطراك السيد، بومدين بلقاسم الذي أكد أن ما قام به في إطار مشروع تعزيز المنشآت التابعة للمؤسسة بالجنوب بنظام المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية ومنع التوغّل، تم بصفة قانونية وبموافقة من مسؤوله المباشر ووزير الطاقة والمناجم آنذاك. وامتثل السيد بلقاسم بومدين في الجلسة الصباحية لهذه المحاكمة المتابع فيها 19 متهما منهم 07 موقوفين، إلى جانب 04 شركات أجنبية متورطة، أمام رئيس الجلسة السيد القاضي محمد رقّاد الذي وجّه له التهم المذكورة آنفا باعتباره كان شريكا في هذه القضية بصفته يشغل منصب نيابة الرئيس المدير العام لسوناطراك، مكلّف بأشغال المنبع، وهو ما يجعله حسب القاضي - متهما بتبديد أموال عمومية على خلفية إبرام عقود استشارة مخالفة للتشريع تحت صيغة "التراضي" في سبتمبر 2005، وهو ما برّره المتهم بالاجراء الاستثنائي بناء على قرار إستراتيجي لوزير الطاقة والمناجم الذي استعجل تعزيز منشآت المؤسسة بنظام المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية ومنع التوغّل لمواجهة أي تهديدات إرهابية محتملة. ونفى السيد بومدين كل التهم المنسوبة إليه في هذا الاطار، مؤكدا أن مسؤوليته في تلك الفترة كانت محددة لتطبيق تعليمات وقرارات رئيسه المباشر السيد محمد مزيان، تنفيذا للتعليمة الوزارية التي أمرت بتسريع وتيرة إقامة هذا النظام الذي كان مبرمجا على مدى عامين كاملين، موضحا أنّ الأمر استدعى التعجيل والإسراع في ذلك، ما جعله يستنجد بالشركة الألمانية "كونتال فونكوارك" لتجسيد المشروع من خلال عقود استشارة خضعت لكل المقاييس القانونية والإدارية المعمول بها على حد قوله . وفي رده على سؤال رئيس الجلسة حول دواعي لجوء المتهم إلى عقود الاستشارة مع المؤسسة الألمانية المذكورة بموجب رسالة قدمها يوم 14 جويلية 2008 إلى الرئيس المدير العام لسوناطراك، محمد مزيان لطلب إمضاء هذه العقود ب«التراضي"، أوضح السيد بومدين أن عقود التراضي تم إقرارها من قبل السلطات وبأمر من السيد مزيان الرئيس المدير العام وبتأشيرة موقعة من قبل رئيس مديرية الانتاج بالمؤسسة السيد مصطفى حساني (المتهم في القضية)، وهذا تماشيا مع الظرف الأمني الاستثنائي الذي كانت تعرفه المنطقة آنذاك (قاعدة الحياة 24 فيفري بورقلة وحاسي مسعود)، تفاديا لحدوث هجمات إرهابية محتملة على المنطقة الحساسة. وقال إن "الأموال المودعة بالحسابات المالية بالعملة الصعبة داخل وخارج الوطن التي تحمل اسم السيد بومدين بلقاسم، هي أموالي الشخصية وليست أموال شركة سوناطراك أوتعويضات الشركة الألمانية "كونتال فونكوارك" - كما جاء في محضر سماع الضبطية القضائية -، مشيرا إلى أنه كان يطبّق تعليمات وقرارات المديرية العامة لا أكثر ولا أقل. وتمسّك المتهم بنفيه القاطع لكل التهم التي وجهت إليه في هذه القضية، مجددا التذكير بأنه كان مسؤولا موظفا لدى شركة سوناطراك وقام بمهامه وفق ما يحدده القانون نزولا عند تعليمات المديرية العامة، كما طالب بتقديم الأدلة الدامغة التي تثبت صحة التهم المنسوبة إليه في قضية الحال. محمد رضا وفوزي مزيان ينفيان علاقتهما بالقضية ومن جهة أخرى، استمع القاضي محمد رقاد لشهادتي نجلي الرئيس المدير العام لمؤسسة سوناطراك، محمد مزيان وهما (محمد رضا مزيان وفوزي بشير مزيان)، المتهمان في هذه القضية بصفتهما موظفين بالمؤسسة التي يرأسها أبوهما وشريكين للمتهم الرئيسي آل اسماعيل جعفر محمد رضا رئيس مجلس إدارة "كونتال ألجيري"، والمتهمين الآخرين مغاوي يزيد ومغاوي الهاشمي في إبرام عقود استشارة مخالفة للتشريع مع الشركة الألمانية "كونتال فونكوارك". وأكد محمد رضا مزيان أن معرفته بآل اسماعيل جعفر محمد رضا تعود لسنة 1992 أيام الدراسة بالطور الثانوي بالبليدة، موضحا أن الاتصال بقي إلى غاية 2003 حين عيّن محمد مزيان رئيسا مديرا عاما للشركة، حيث اقترح عليه آل اسماعيل الذي كان في فرنسا التوسّط له لدى أبيه السيد مزيان لتقديم عرض للشركة يخص نظام المراقبة البصرية المذكور لتعزيز منشآت مؤسسة سوناطراك بالجنوب، كما اتفقا لاحقا على إنشاء شركة خاصة للنقل البري تحت اسم (أس .أن .تي .سي)، تضم في مرحلة أولى 40 شاحنة من مختلف الأحجام لنقل مختلف المواد (بضائع، سيارات، بنزين ..). وأضاف المتهم الذي كان في الهولدينغ، أن آل اسماعيل قدّم مشروعه للمؤسسة يوم 28 نوفمبر 2004 بعد استشارة والده محمد مزيان الذي أبدى موافقته على ذلك، مفوضا أخيه فوزي بشير مزيان الذي كان في "كونتال ألجيري" للدخول في شركة النقل بحكم ارتباطات فوزي الكثيرة خارج الوطن. وفي رده على سؤال القاضي حول تنقل المتهم محمد رضا مزيان وآل اسماعيل رفقة مغاوي يزيد ومغاوي الهاشمي إلى ألمانيا لإمضاء عقود الشراكة "بالتراضي المسبق"، اعترف المتهم بتنقله رفقة الأطراف الثلاثة إلى ألمانيا، موضحا أنه كان يجهل نوايا البقية في السفر، وأنه رفض توقيع الاتفاق مع "كونتال فونكوارك" بسبب اشتراط هذه الأخيرة تغيير اسمه لإمضاء العقد، وهو ما يدل كما قاله القاضي - أن "ذلك يدل بكل وضوح على أن الشركة الألمانية كانت على دراية بأن محمد رضا هو نجل محمد مزيان الرئيس المدير العام لسوناطراك، وهو ما يمنع توقيع مثل هذه العقود في هذه الحالة". واعتبر المتهم أن إبرامه لعقود الشراكة بصفته ابن الرئيس المدير العام لا حرج فيه باعتبار أنه لا يمثّل شركة سوناطراك، حيث يمثل الهولدينغ وشركة النقل "أس.أن. تي. سي" خارج الجزائر، نافيا كل ما نسب إليه من تهم باعتباره لا دخل له في هذه القضية. وبدوره، أكد النجل الثاني لمحمد مزيان السيد، فوزي بشري مزيان جهله بطبيعة عقود الاستشارة التي أبرمت بين "كونتال ألجيري" والشركات الألمانية، محملا آل اسماعيل جعفر محمد رضا المسؤولية الكاملة في ذلك باعتباره هو من اتصل به وعرض عليه المشاركة في المشروع والمشاركة في إنشاء شركة للنقل البري، مجددا نفيه لما نسب إليه من تهم في هذه القضية معتبرا آل اسماعيل صاحب المبادرة لكونه طلب التوسّط لدى أبيه في تقديم عرضه لتعزيز منشآت المؤسسة بورقلة وحاسي مسعود. وسيتواصل الاستماع إلى المتهمين في قضية سوناطراك -1- حيث يرتقب حسب رئيس محكمة الجنايات سماع كل من مغاوي يزيد ومغاوي الهاشمي بعد الانتهاء من سماع فوزي بشري مزيان، ليتم فيما بعد برمجة شهادات الشهود الآخرين المعنيين بالقضية.