يرافق الاحتفال بدخول السنة الأمازيغية من كل سنة، جملة من المعتقدات الخرافية التي اعتادت العائلات على إحيائها، ورغم أن أغلبها لا يؤمن بها، إلا أنها ترسخت بحكم العادة وأصبحت جزءا لا يتجزأ من روح احتفالية "يناير". "المساء" تحدثت إلى بلقاسم باباسي، الباحث في التاريخ، عن روح الاحتفال بالسنة الأمازيغية. خرافة العجوز يرتبط الاحتفال بدخول السنة الأمازيغية، حسب الباحث باباسي، بالموسم الزراعي الذي عادة ما ينطلق بحلول شهر يناير، وبالرجوع إلى القصص الخرافية التي لا تزال الجدات تتداولها إلى غاية اليوم، وتحديدا على مستوى الدشور، تلك المتعلقة بالحوار الذي دار بين شهر يناير والعجوز، حيث منع يناير الناس من الخروج وإخراجهم لغنمهم بسبب برده الشديد، غير أن عجوزا رفضت الانصياع لطلبه وأخرجت ماعزها، باصقة عليه، حسب الأسطورة قائلة؛ "راني خرجت وخرجت معيزاتي"، وحتى يعاقبها شهر يناير الذي به 30 يوما، طلب من شهر فورار "فيفري" أن يعطيه يوما "باش نقتل العجوزة فم العار"، لذا نجد في شهر فورار 29 يوما، ومن هنا ارتبطت احتفالية يناير بخرافة العجوزة. "السردوك" ضروري مع الكسكسي وللعجوز نصيب اعتادت العائلات ليلة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية "أسقاس أمقاز"، بتحضير الكسكسي مرفقا بالأعشاب وكل الخضر الموسمية المتوفرة والحبوب الجافة، ولا يحضر الطبق، حسب الباحث باباسي، إلا بلحم السردوك، ومن ثمة يجتمع كافة أفراد العائلة حول هذا الطبق التقليدي، ولأن يناير يعرف بأنه فصل تقل فيه الفواكه، يتم الاستعانة بالمجففة منها والمكسرات، وعند توزيع الحصص، تخصص ربة البيت صحنا يوضع في زاوية المنزل، وهو "حق العجوزة" التي لها نصيب من احتفالية يناير، والخرافة التي يتم سردها للأطفال بالمناسبة لتحفيزهم على إنهاء طعامهم، أن العجوز تزور الدار لأخذ نصيبها مع تفقد بطونهم للتأكد من أنهم تناول عشاءهم". "التراز" حلويات دخيلة على احتفالية "يناير" وحسب الباحث باباسي، فإن الشكولاطة وبعض أنواع الحلويات، ك"الدراجي"، دخيلة على الاحتفال، وهي فكرة غربية لتصريف ما تبقى عند الغرب من حلويات لم يتمكنوا من تصريفها في رأس السنة الميلادية. والأصل في الاحتفالية أنه يجري خلط كل المكسرات الجافة من لوز وجوز وبندق وفستق وزبيب مع الفواكه الجافة كالمشمش والبرقوق، ويتم الاستعانة بها للتحلية، كما يتم صنع الكسرة المنكهة. ...وضع الطفل في القصعة تقليد قديم تولي العائلات عشية الاحتفال بحلول السنة الأمازيغية، اهتماما منقطع النظير بالأطفال، حيث يجري إشراكهم في الاحتفال من خلال صناعة بعض الأقنعة التي ترمز إلى حيوانات الغابة، وبعدها ينطلق الأطفال بهدف التجول في مدينة سيدي عبد الرحمان، ليطلبوا الحلويات، وهو نشاط رمزي تقليدي كان يصنع بهجة الأطفال بالاحتفال بأزقة القصبة. ومن بين العادات الممارسة؛ تحضير قصعة من اللوح ووضع أصغر طفل في العائلة من حديثي الولادة، أو الاستعانة بأطفال الجيران، حيث يتم وضعه في وسط القصعة ويرمي على رأسه بلطف 13 نوعا من الحلويات الجافة، وهو رمز للتفاؤل بسنة خير له. «أسقاس أمقاز" .. انحصرت في الدشور تأسف الباحث باباسي عن تراجع مظاهر الاحتفال بحلول السنة الأمازيغية والخلط القائم بينها وبين السنة الهجرية، حيث أكد أن السنة الأمازيغية ثابتة لا تتغير، يجري الاحتفال بها خلال كل 13 جانفي، أما بداية السنة الهجرية، أول محرم، فهو متغير ويعرف تراجعا ب11 يوما كل سنة، هذا من جهة، ومن ناحية أخرى، لم يعد هناك اهتمام كبير بالاحتفال الذي انحصر في بعض قرى ودشور بلاد القبائل التي تقيم له احتفالات كبيرة ومهرجانات وولائم تمتد على مدار أيام، وكذا ببعض ولايات الوطن مثل قبائل ولاية تلمسان، وتحديدا منطقة مسيردة، مشيرا إلى أنه يترسخ الاحتفال به.